
الْأَعْوَانِ وَالْإِخْوَانِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما فَهُوَ لِبَيَانِ الْإِرْسَالِ عَلَى النَّوْعَيْنِ لَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ جَمِيعَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لَا يُرْسَلُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ وَالنَّارُ، فَهُوَ يُرْسَلُ عَلَى النَّوْعَيْنِ وَيَتَخَلَّصُ مِنْهُ بَعْضٌ مِنْهُمَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الْأَقْطَارِ أَصْلًا، وَهَذَا يَتَأَيَّدُ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَالَ: لَا فِرَارَ لَكُمْ قَبْلَ الْوُقُوعِ، وَلَا خَلَاصَ لَكُمْ عِنْدَ الْوُقُوعِ لَكِنْ عَدَمُ الْفِرَارِ عَامٌّ وَعَدَمُ الْخَلَاصِ لَيْسَ بِعَامٍّ وَالْجَوَابُ الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ، هُوَ أَنَّ الْخِطَابَ مَعَ الْمَعْشَرِ فَقَوْلُهُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَيُّهَا الْمَعْشَرُ وَقَوْلُهُ: يُرْسَلُ عَلَيْكُما لَيْسَ خِطَابًا مَعَ النِّدَاءِ بَلْ هُوَ خِطَابٌ مَعَ الْحَاضِرِينَ وَهُمَا نَوْعَانِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ مَذْكُورًا بِحَرْفِ وَاوِ الْعَطْفِ حَتَّى يَكُونَ النَّوْعَانِ مُنَادَيَيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَعِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالنِّدَاءِ فَالتَّثْنِيَةُ أَوْلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما وَهَذَا يتأيد بقوله تعالى:
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [الرحمن: ٣١] وَحَيْثُ صَرَّحَ بِالنِّدَاءِ جَمَعَ الضَّمِيرَ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنِّدَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا الشُّوَاظُ وَمَا النُّحَاسُ؟ نَقُولُ: الشُّوَاظُ لَهَبُ النَّارِ وَهُوَ لِسَانُهُ، وَقِيلَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا لِلْمُخْتَلِطِ بِالدُّخَانِ الَّذِي مِنَ الْحَطَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْحُكَمَاءِ إِنَّ النَّارَ إِذَا صَارَتْ خَالِصَةً لَا تُرَى كَالَّتِي تَكُونُ فِي الْكِيرِ الَّذِي يَكُونُ فِي غَايَةِ الِاتِّقَادِ، وَكَمَا فِي التَّنُّورِ الْمَسْجُورِ فَإِنَّهُ يُرَى فِيهِ نُورٌ وَهُوَ نَارٌ، وَأَمَّا النُّحَاسُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا الدُّخَانُ، وَالثَّانِي الْقِطْرُ وَهُوَ النُّحَاسُ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا، ثُمَّ إِنَّ ذِكْرَ الْأَمْرَيْنِ بَعْدَ خِطَابِ النَّوْعَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِاخْتِصَاصِ كُلِّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ. وَحِينَئِذٍ فَالنَّارُ الْخَفِيفُ لِلْإِنْسِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ جَوْهَرَهُ، وَالنُّحَاسُ الثَّقِيلُ لِلْجِنِّ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ جَوْهَرَهُ أَيْضًا. فَإِنَّ الْإِنْسَ ثَقِيلٌ وَالنَّارَ خَفِيفَةٌ، وَالْجِنَّ خِفَافٌ وَالنُّحَاسَ ثَقِيلٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: الْمُرَادُ مِنَ النُّحَاسِ الدُّخَانُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وُرُودُهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ الْأَصَحُّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ قَرَأَ نُحاسٌ بِالْجَرِّ كَيْفَ يَعْرِبُهُ وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى النَّارِ يَكُونُ شُوَاظٌ مِنْ نُحَاسٍ وَالشُّوَاظُ لَا يَكُونُ مِنْ نُحَاسٍ؟ نَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: تَقْدِيرُهُ شَيْءٌ مِنْ نُحَاسٍ كَقَوْلِهِمْ:
تَقَلَّدْتُ سَيْفًا وَرُمْحًا وَثَانِيهِمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: الشُّوَاظُ لَمْ يَكُنْ إلا عند ما يَكُونُ فِي النَّارِ أَجْزَاءٌ هُوَائِيَّةٌ وَأَرْضِيَّةٌ، وَهُوَ الدُّخَانُ، فَالشُّوَاظُ مُرَكَّبٌ مِنْ نَارٍ وَمِنْ نُحَاسٍ وَهُوَ الدُّخَانُ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرْسَلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا شَيْئَانِ غَيْرَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ، فَإِنْ قِيلَ: عَلَى هَذَا لَا فَائِدَةَ لِتَخْصِيصِ الشُّوَاظِ بِالْإِرْسَالِ إِلَّا بَيَانُ كَوْنِ تِلْكَ النَّارِ بَعْدُ غَيْرَ قَوِيَّةٍ قُوَّةً تُذْهِبُ عَنْهُ الدُّخَانُ، نَقُولُ: الْعَذَابُ بِالنَّارِ الَّتِي لَا تُرَى دُونَ الْعَذَابُ بِالنَّارِ الَّتِي تُرَى، لِتَقَدُّمِ الْخَوْفِ عَلَى الْوُقُوعِ فِيهِ وَامْتِدَادِ الْعَذَابِ وَالنَّارُ الصِّرْفَةُ لَا تُرَى أَوْ تُرَى كَالنُّورِ، فَلَا يَكُونُ لَهَا لَهِيبٌ وَهَيْبَةٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَنْتَصِرانِ نَفْيٌ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الِانْتِصَارِ، فَلَا يَنْتَصِرُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَا هُمَا بِغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْكُفَّارُ يَقُولُونَ فِي الدُّنْيَا: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [الْقَمَرِ: ٤٤] وَالِانْتِصَارُ التَّلَبُّسُ بِالنُّصْرَةِ، يُقَالُ لِمَنْ أَخَذَ الثَّأْرَ انْتَصَرَ مِنْهُ كَأَنَّهُ انْتَزَعَ النُّصْرَةَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَتَلَبَّسَ بِهَا، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الِانْتِقَامُ وَالِادِّخَارُ وَالِادِّهَانُ، وَالَّذِي يُقَالُ فِيهِ: إِنَّ الِانْتِصَارَ بِمَعْنَى الِامْتِنَاعِ: فَلا تَنْتَصِرانِ بِمَعْنَى لَا تَمْتَنِعَانِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِالنُّصْرَةِ فهو ممتنع لذلك. ثم قال تعالى:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨)

إِشَارَةً إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ إِرْسَالِ الشُّوَاظِ عَلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَوَّلًا مَا يَخَافُ مِنْهُ الْإِنْسَانُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَخَافُ مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَهُ إدراك من الجن والإنس والملك حيث تخلوا أَمَاكِنُهُمْ بِالشَّقِّ وَمَسَاكِنُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بِالْخَرَابِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: ٢٦] إِشَارَةً إِلَى سُكَّانِ الْأَرْضِ، قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ بَيَانًا لِحَالِ سُكَّانِ السَّمَاءِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْفَاءُ فِي الْأَصْلِ لِلتَّعْقِيبِ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا: التَّعْقِيبُ الزَّمَانِيُّ لِلشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ عَقْلًا كَقَوْلِهِ قَعَدَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو، لِمَنْ سَأَلَكَ عن قعود زيد وقيام عمر، وَإِنَّهُمَا كَانَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَمِنْهَا: التَّعْقِيبُ الذِّهْنِيُّ لِلَّذِينَ يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كَقَوْلِكَ: جَاءَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو إِكْرَامًا لَهُ إِذْ يَكُونُ فِي مِثْلِ هَذَا قِيَامُ عَمَرٍو مَعَ مَجِيءِ زَيْدٍ زَمَانًا وَمِنْهَا: التَّعْقِيبُ فِي الْقَوْلِ كَقَوْلِكَ: لَا أَخَافُ الْأَمِيرَ فَالْمَلِكَ فَالسُّلْطَانَ، كَأَنَّكَ تَقُولُ: أَقُولُ لَا أَخَافُ الْأَمِيرَ، وَأَقُولُ لَا أَخَافُ الْمَلِكَ، وَأَقُولُ لَا أَخَافُ السُّلْطَانَ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالْفَاءُ هُنَا تَحْتَمِلُ الْأَوْجُهَ جَمِيعًا، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ إِرْسَالَ الشُّوَاظِ عَلَيْهِمْ يَكُونُ قَبْلَ انشقاق السموات، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِرْسَالُ/ إِشَارَةً إِلَى عَذَابِ الْقَبْرِ، وَإِلَى مَا يَكُونُ عِنْدَ سَوْقِ الْمُجْرِمِينَ إِلَى الْمَحْشَرِ، إِذْ وَرَدَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الشُّوَاظَ يَسُوقُهُمْ إِلَى الْمَحْشَرِ، فَيَهْرَبُونَ مِنْهَا إِلَى أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى هَذَا مَعْنَاهُ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ، فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ يَكُونُ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ، وَالْحِسَابُ الشَّدِيدُ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الثَّانِي:
فَوَجْهُهُ أَنْ يُقَالَ: يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَوْنِ السَّمَاءِ تَكُونُ حَمْرَاءَ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ لَهِيبَهَا يَصِلُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَجْعَلُهَا كَالْحَدِيدِ الْمُذَابِ الْأَحْمَرِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَوَجْهُهُ أن يقال: لما قال: فَلا تَنْتَصِرانِ [الرحمن: ٣٥] أَيْ فِي وَقْتِ إِرْسَالِ الشُّوَاظِ عَلَيْكُمَا قَالَ: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ وَصَارَتْ كَالْمُهْلِ، وَهُوَ كَالطِّينِ الذَّائِبِ، كَيْفَ تَنْتَصِرَانِ؟ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الشُّوَاظَ الْمُرْسَلَ لَهَبٌ وَاحِدٌ، أَوْ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ وَذَابَتْ، وَصَارَتِ الْأَرْضُ وَالْجَوُّ وَالسَّمَاءُ كُلُّهَا نَارًا فَكَيْفَ تَنْتَصِرَانِ؟
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَلِمَةُ (إِذَا) قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلْمُفَاجَأَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَوْجُهِهَا ظَرْفًا لَكِنْ بَيْنَهَا فَرْقٌ فَالْأَوَّلُ: مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى [اللَّيْلِ: ١، ٢] وَالثَّانِي: مِثْلَ قَوْلِهِ: إِذَا أَكْرَمْتَنِي أُكْرِمْكَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: ١٥٩] وَفِي الْأَوَّلِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ مُتَّصِلًا بِهِ وَفِي الثَّانِي لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: إِذَا عَلَّمْتَنِي تُثَابُ يَكُونُ الثَّوَابُ بَعْدَهُ زَمَانًا لَكِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُتَّصِلًا بِهِ وَالثَّالِثُ: مِثَالُ مَا يَقُولُ: خَرَجْتُ فَإِذَا قَدْ أَقْبَلَ الرَّكْبُ أَمَّا لو قال: خرجت إذا أَقْبَلَ الرَّكْبُ فَهُوَ فِي جَوَابِ مَنْ يَقُولُ مَتَى خَرَجْتَ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ اسْتَعْمَلَ (إِذَا) هَاهُنَا؟ نَقُولُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا:
الظَّرْفِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ الزَّمَانِيِّ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ بَيَانٌ لِوَقْتِ الْعَذَابِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ يَكُونُ الْعَذَابُ أَيْ بَعْدَ إِرْسَالِ الشُّوَاظِ، وَعِنْدَ انْشِقَاقِ السَّمَاءِ يَكُونُ وَثَانِيهِمَا: الشَّرْطِيَّةُ وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُنَا: فَلا تَنْتَصِرانِ عِنْدَ إِرْسَالِ الشُّوَاظِ فَكَيْفَ تَنْتَصِرَانِ إِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَلَا تَتَوَقَّعُوا الِانْتِصَارَ أَصْلًا، وَأَمَّا الْحَمْلُ عَلَى الْمُفَاجَأَةِ عَلَى أَنْ يُقَالَ: يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ فَإِذَا السَّمَاءُ قَدِ انْشَقَّتْ، فَبَعِيدٌ وَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ الذِّهْنِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا الْمُخْتَارُ مِنَ الْأَوْجُهِ؟ نَقُولُ: الشَّرْطِيَّةُ وَحِينَئِذٍ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ