آيات من القرآن الكريم

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

قوله: ﴿فَإِذَا انشقت﴾ : جوابُه مقدرٌ أي: رأيت هَوْلاً عظيماً، أو كان ما كان.
قوله: ﴿وَرْدَةً﴾ أي: مثلَ وَرْدَةٍ فقيل: هي الزهرة المعروفة التي تُشَمُّ، شَبَّهها بها في الحُمْرة، وأنشد:

٤١٨١ - فلو كُنْتُ وَرْداً لَوْنُه لعَشِقْنَني ولكنَّ ربي شانَني بسَواديا
وقيل: هي من لَوْنِ الفَرَسِ الوَرْد، وإنما أُنِّثَ لكونِ السماءِ مؤنثةً. وقال الفراء: «أراد لونَ الفرسِ الوَرْدِ، يكون في الربيع إلى الصفرة، وفي الشتاء إلى الحُمْرة، وفي اشتدادِ البَرْدِ إلى الغُبْرة، فشبَّه تلوُّنَ السماءِ بتلَوُّنِ الوَرْدَةِ من الخيل». وقرأ عبيد بن عمير «وَرْدَةٌ» بالرفع. قال الزمخشري: «بمعنى: فَحَصَلَتْ سماءٌ وردةٌ، وهو من الكلام الذي يُسَمَّى التجريدَ، كقوله:

صفحة رقم 173

قوله: ﴿كالدهان﴾ يجوز أن يكونَ خبراً ثانياً، وأَنْ يكونَ نعتاً لوردة. وأَنْ يكونَ حالاً من اسم» كانت «. وفي» الدِّهان «قولان، أحدُهما: أنه جمعُ دُهْن نحو: قُرْط وقِراط، ورُمْح ورِماح، وهو في معنى قوله: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل﴾ [المعارج: ٨].
وهو دُرْدِيُّ الزَّيْتِ. والثاني: أنه اسمٌ مفردٌ، فقال الزمخشري:»
اسمُ ما يُدْهَنُ به كالجِزام والإِدام وأنشد:

٤١٨٢ - فَلَئِنْ بَقِيْتُ لأَرْحَلَنَّ بِغَزْوةٍ تَحْوِي الغنائمَ أو يموتَُ كريمُ
٤١٨٣ - كأنَّهما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ فَرِيَّانِ لَمَّا تُدْهَنا بدِهان
وقال غيرُه: هو الأديمُ الأحمرُ، وأنشد للأعشى:
٤١٨٤ - وأَجْرَدَ مِنْ كِرامِ الخَيْلِ طِرْفٍ كأنَّ على شَواكِله دِهانا
أي: أديماً أحمرَ، وهذا يَحْتمل أنْ يكونَ جمعاً. ويؤيِّده ما أنشده منذرُ بنُ سعيد:

صفحة رقم 174

٤١٨٥ - يَبِعْنَ الدِّهانَ الحُمْرَ كلَّ عَشِيَّةٍ بموسِمِ بَدْرٍ أو بسُوْقِ عُكاظِ
فقوله «الحُمْرَ» يؤيِّدُ كونَه جمعاً، وقد يُقال: هو كقولِهم: «أهلك الناسَ الدينارُ الحُمْرُ والدرهمُ البِيْضُ»، إلاَّ أنَّه خِلافُ الأصلِ. وقيل: شُبِّهَتْ بالدِّهانِ، وهو الزَيْتُ لذَوْبِها ودَوَرانِها، وقيل: لبَريقِها.

صفحة رقم 175
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية