آيات من القرآن الكريم

فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
ﯢﯣﯤﯥ

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)، وَفِي الْخَبَرِ: يُحَاطُ عَلَى الْخَلْقِ بِالْمَلَائِكَةِ وَبِلِسَانٍ مِنْ نَارٍ ثُمَّ يُنَادَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا، الْآيَةَ [١]. فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ [ «شِوَاظٌ» ] [٢] بِكَسْرِ الشِّينِ وَالْآخَرُونَ بِضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ صِوَارٍ من البقر وصوار وهو اللهب [٣] الَّذِي لَا دُخَانَ فِيهِ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ اللَّهَبُ الْأَخْضَرُ الْمُنْقَطِعُ مِنَ النَّارِ، وَنُحاسٌ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأبو عمر ونحاس بكسر [٤] السِّينِ عَطْفًا عَلَى النَّارِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِرَفْعِهَا عَطْفًا عَلَى الشُّوَاظِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْكَلْبِيُّ: النُّحَاسُ الدُّخَانُ، وَهُوَ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْنَى الرَّفْعِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ وَيُرْسَلُ نُحَاسٌ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ يُرْسَلَا مَعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْتَزِجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَمَنْ جر [٥] بِالْعَطْفِ عَلَى النَّارِ يَكُونُ ضَعِيفًا لأنه يَكُونُ شُوَاظٌ مِنْ نُحَاسٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَشَيْءٌ مِنْ نُحَاسٍ، عَلَى أَنَّهُ حُكِيَ أَنَّ الشُّوَاظَ لَا يَكُونُ مِنَ النَّارِ وَالدُّخَانِ جَمِيعًا، قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: النُّحَاسُ هُوَ الصفر المذاب يصب على رؤوسهم وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود: النحاس هُوَ الْمُهْلُ. فَلا تَنْتَصِرانِ، أَيْ فلا تمتنعان من لله وَلَا يَكُونُ لَكُمْ نَاصِرٌ مِنْهُ.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣٦ إِلَيَّ ٤١]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠)
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ، انْفَرَجَتِ، السَّماءُ، فَصَارَتْ أَبْوَابًا لنزول الملائكة فَكانَتْ وَرْدَةً، أي كلون الفرس الوردي وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ، قَالَ قَتَادَةُ:
إِنَّهَا الْيَوْمَ خَضْرَاءُ وَيَكُونُ لَهَا يَوْمَئِذٍ لَوْنٌ آخَرُ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا تَتَلَوَّنُ أَلْوَانًا يَوْمَئِذٍ كلون الفرس الوردي يكون في الربع أَصْفَرَ وَفِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ أَحْمَرَ فَإِذَا اشْتَدَّ الشِّتَاءُ كَانَ أَغْبَرَ فَشَبَّهَ السَّمَاءَ فِي تَلَوُّنِهَا عِنْدَ انْشِقَاقِهَا بِهَذَا الْفَرَسِ فِي تَلَوُّنِهِ كَالدِّهانِ، جَمْعُ دُهْنٍ شَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّمَاءِ بِتَلَوُّنِ الْوَرْدِ مِنَ الْخَيْلِ وشبه الورد فِي اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا بِالدُّهْنِ وَاخْتِلَافِ أَلْوَانِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَالدِّهَانِ كَعَصِيرِ الزَّيْتِ يَتَلَوَّنُ فِي السَّاعَةِ أَلْوَانًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَدُهْنِ الْوَرْدِ الصَّافِي. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ تَصِيرُ السَّمَاءُ كَالدُّهْنِ الذَّائِبِ وَذَلِكَ حِينَ يُصِيبُهَا حَرُّ جَهَنَّمَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
كَالدِّهَانِ أَيْ كَالْأَدِيمِ الْأَحْمَرِ وَجَمْعُهُ أَدْهِنَةٌ وَدُهُنٌ.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩)، قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: لَا يُسْأَلُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ لِتُعْلَمَ مِنْ جِهَتِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَهَا مِنْهُمْ، وَكَتَبَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(١) لا أصل له في المرفوع، وإنما هو من كلام بعض السلف.
- وذكره الواحدي في «الوسيط» ٤/ ٢٢٣ دون عزو لأحد.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «اللهيب» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «بجر» والمثبت عن المخطوط.
(٥) في المخطوط (ب) :«كسر» والمثبت عن المخطوط (أ).

صفحة رقم 337
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية