آيات من القرآن الكريم

وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ

كز هر چهـ قلم رفته قلم در نكشند فالمراد بالقدر تقديره في علمه الأزلي وكتبه في اللوح المحفوظ وهو القدر المستعمل في جنب القضاء فالقضاء وجود جميع المخلوقات في اللوح المحفوظ مجتمعة والقدر وجودها في الأعيان بعد حصول شرائطها ولذا عبر بالخلق فانه انما يتعلق بالوجود الظاهري في الوقت المعين وفي الحديث (كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وعرشه على الماء) وعنه عليه السلام (كل شيء بقدر الله حتى العجز والكيس) وعنه عليه السلام (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد لا اله الا الله وانى رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر خيره وشره) اى حلوه ومره قال في كشف الاسرار مذهب اهل سنت آنست كه نيكى وبدى هر چند فعل بنده است وبنده بدان مثاب ومعاقب است اما بخواست الله است وبقضا وتقدير او چنانكه رب العزة كفت (قل كل من عند الله) وقال تعالى (انا كل شيء خلقناه بقدر) وقال عليه السلام القدر خيره وشره من الله ففى الآية رد على القدرية والمعتزلة والخوارج وفي التأويلات النجمية خلقنا كل شيء اى موجود علمى وعينى في الأزل بمقدار معين مثل ما قال الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى اى كل شيء مخلوق على مقتضى استعداده الذاتي وقابليته الاصلية الازلية لا زائد فيه ولا ناقص كما قال الغزالي رحمه الله ليس في الإمكان أبدع من هذا الوجود لانه لو كان ولم يظهر لكان بخيلا وهو جواد ولكان عاجزا وهو قادر وَما أَمْرُنا لشيء نريد تكوينه إِلَّا واحِدَةٌ اى كلمة واحدة لا تثنى سريعة التكوين وهو قوله تعالى كن او إلا فعلة واحدة وهو الإيجاد بلا معالجة ومعاناة كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ فى اليسر والسرعة فان اللمح النظر بالعجلة فمعنى كلمح كنظر سريع قال في القاموس لمح اليه كمنع اختلس النظر كألمح وفي المفردات اللمح لمعان البرق ورأيته لمحة برق قال ابن الشيخ لما اشتملت الآيات السابقة على وعيد كفار اهل مكة بالإهلاك عاجلا وآجلا والوعد للمؤمنين بالانتصار منهم جيئ بقوله إنا كل شيء خلقناه بقدر تأكيدا للوعيد والوعيد يعنى ان هذا الوعيد والوعد حق وصدق والموعد مثبت في اللوح مقدر عند الله لا يزيد ولا ينقص وذلك على الله يسير لان قضاءه في خلقه اسرع من لمح البصر وقيل معنى الآية معنى قوله تعالى وما امر الساعة الا كلمح البصر قال بعض الكبار ليس المراد بكلمة كن حرف الكاف والنون انما المراد بها المعنى الذي به كان ظهور الأشياء فكن حجاب للمعنى لمن فهم وكل انسان له في باطنه قوة كن وماله في ظاهره الا المعتاد وفي الآخرة يكون حكم كن منه في الظاهر وقد يعطى الله ذلك لبعض الرجال في هذه الدار بحكم الإرث لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانه تصرف بها في عدة مواطن منها قوله في غزوة تبوك كن أباذر فكان أباذر ثم لا يخفى انه لم يعط أحد من الملائكة وغيرهم حرف كن انما هى خاصة بالإنسان لما انطوى عليه من الخلافة والنيابة وفي التأويلات النجمية وما امر تجلينا للاشياء كلها علويها وسفليها إلا جعل واحد اى وحداني الوصف لا كثرة فيه لكن يتكثر بحسب المتجلى له ويظهر فيه بحسبه ظهور الصورة

صفحة رقم 284

الواحدة في المرائى المتكثرة يظهر في الكبير كبيرا وفي الصغير صغيرا وفي المستطيل مستطيلا وفي مستدير مسديرا والصورة على حالتها المخلوقة عليها باقية لا تغير ولا تبدل بها كما يلمح الناظر ويرى في اللمحة الواحدة ما يحاذى بصره وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ اى اشباهكم فى الكفر من الأمم جمع شيعة وهو من يتقوى به الإنسان وينشر عنه كما في المفردات وقال فى القاموس شيعة الرجل بالكسر اتباعه وأنصاره والفرقة على حدة ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متعظ يتعظ بذلك فيخاف وفيه اشارة الى انا بقدرتنا الازلية وحكمتنا البالغة أهلكنا وأفنينا اشباهكم وأمثالكم يا ارباب النفوس الامارة ويا اصحاب القلوب الجوالة اما بالموت الطبيعي واما بالموت الإرادي فهل من معتبر يعتبر هذا وهذا ويختار لنفسه الأليق والأحرى وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ من الكفر والمعاصي مكتوب على التفصيل فِي الزُّبُرِ اى في ديوان الحفظة جمع زبور بمعنى الكتاب فهو بمعنى مزبور كالكتاب بمعنى مكتوب وقال الغزالي رحمه الله كل شيء فعله الأمم في كتب أنبيائهم المنزلة عليهم كأفعال كفار زماننا في كتابنا وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ من الأعمال مُسْتَطَرٌ مسطور في اللوح المحفوظ بتفاصيله يقال استطره كتبه كما في القاموس قال يحيى بن معاذ رحمه الله من علم أن أفعاله تعرض عليه في مشهد الصدق وانه مجازى عليها اجتهد في إصلاح أفعاله واخلاص اعماله ولزم الاستغفار لما سلف من افراطه وقد روى ان النبي عليه السلام ضرب لصغائر الذنوب مثلا فقال انما محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض وحضر جميع القوم فانطلق كل واحد منهم يحطب فجعل الرجل يجيئ بالعود والآخر بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فشووا خبرهم وان الذنب الصغير يجتمع على صاحبه فيهلكه الا أن يغفر الله اتقوا محقرات الذنوب فان لها من الله طالبا ولقدا حسن من قال
خل الذنوب صغيرها... وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق را... ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة... ان الجبال من الحصى
إِنَّ الْمُتَّقِينَ اى من الكفر والمعاصي فِي جَنَّاتٍ اى بساتين عظيمة الشان بحيث لا يوصف نعيمها وما أعد فيها لاهلها وَنَهَرٍ اى انهار كذلك يعنى انهار الماء والخمر والعسل واللبن والافراد للافراد للاكتفاء باسم الجنس مراعاة للفواصل فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ خبر بعد خبر وهو من اضافة والصدق بمعنى الجودة والمعنى في مكان مرضى ومجلس حق سالم من اللغو والتأثيم بخلاف مجالس الدنيا فقل ان سلمت من ذلك عِنْدَ مَلِيكٍ المراد من العندية قرب المنزلة والمكانة دون قرب المكان والمسافة والمليك ابلغ من المالك وهو بالفارسية پادشاه والتنكير للتعظيم والمعنى حال كونهم مقربين عند عزيز الملك واسعه لا يقادر قدر ملكه فلا شيء الا وهو تحت ملكوته فأى منزلة أكرم من تلك واجمع للغبطة كلها والسعادة بأسرها مُقْتَدِرٍ قادر لا يعجزه شيء عال امره في الاقتدار وفي التأويلات النجمية يعنى المتقين بالله عما سواه في جنات الوصلة وانهار مياه المعرفة والحكمة

صفحة رقم 285

ينغمسون فيها ويخرجون منها درر المعارف ولآلئ العوارف في مقعد صدق هو مقام الوحدة الذاتية في مقام العندية كما قال عليه السلام أتيت عند ربى يطعمني ويسقينى ودر كشف الاسرار آورده كه كلمة عند رقم تقريب وتخصيص دارد يعنى اهل قرب فردادران سرايدان اختصاص خواهند داشت وحضرت پيغمبر عليه السلام امروز درين سرا مخصوص بآن بوده كه (أبيت عند ربى) و چون رتبه كه فردا خواص بأن نازند امروز پاى ادناى وى بوده پس از مرتبه اعلاى فرداى او كه نشان تواند داد
اى محرم سر لا يزالى... مرآت جمال ذى الجلالي
مهمان أبيت عند ربى... صاحب دل لا ينام قلبى
از قربت حضرت الهى... هستى بمثابه كه خواهى
قربى كه عبارتش نسنجد... در حوصله خرد نكنجد
كم كشته بود عبارت آنجا... بلكه نرسد عبارت آنجا
وفي الآية اشارة الى ان تقوى توصل العبد الى جنات الدرجات وانهار العلوم والمعارف الحقيقية الالهية ثم الى مقام الصديقين ثم الى مقام الوحدة الذاتية المشار إليها بالعندية قال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه الا اهل الصدق وهو المقام الذي يصدق الله فيه وعده لاوليائه بأن يبيح لهم النظر الى وجهه الكريم قيمت وعز ان بقعه نه بمرع بريان وجوى روان وحيرات حسان است بلكه بديدار چنانكه قيمت صدف بدر شاهوار كما قيل
وما عهدى بحب تراب ارض... ولكن من يحل بها حبيب
اى خوشا عيشا كه مؤمنانراست در ان مجلس انس وحظيره قدس باديه انتظار بريده بكعبه وصال رسيده خلعت رضا پوشيده شربت سرور از چشمه وفا نوشيده عيش بي عتاب ونعمت بي حساب وديدار بي حجاب يافته (روى) صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة انه قال فى هذه الآية ان اهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار تعالى فيقرأون عليه القرآن وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي له ومجلسى على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة أعمالهم فلم تقر أعينهم بشيء قط كما تقر أعينهم بذلك ولم يسمعوا شيأ أعظم ولا أحسن منه ثم ينصرفون الى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم الى مثلها من الغد قال بعضهم المراد بمن في الآية هم الذين لا تحجبهم الجنة ولا النعيم ولا شيء عنه تعالى قال البقلى يا أخى هؤلاء غرباء الله في الدنيا والآخرة أدخلهم في اغرب المنازل وهو مقام المجالسة معه بحيث لا يطلع عليه الا اهل الصدق في طلبه وهم فقراء المعرفة الذين قال عليه السلام فيهم الفقراء جلساء الله سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره عن الغريب قال الغريب من إذا طالبه الخلق في الدنيا لم يجدوه ولو طالبه مالك في النار لم يجده ولو طالبه رضوان فى الجنة لم يجده فقيل اين يكون يا أبا يزيد فقال ان المتقين في جنات إلخ فلابد من الصدق وحدمة الصادقين حتى يصل الإنسان الى هذا المطلب الجليل وهو على وجوه ومراتب اما الصدق

صفحة رقم 286

فى القول فبصون اللسان عن الكذب الذي هو أقبح الذنوب قال عليه السلام التجار هم الكفار فقيل أليس الله قد أحل البيع قال نعم ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون وقال عليه السلام الكذب ينقص الرزق وفي الحديث (اربع من كن فيه فهو منافق وان صام وصلّى وزعم انه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر) واما الصدق في الحال فبصون الحال عما ينقصه مثلا إذا عزم على امر وحال من التسليم والتوكل وغير هما فصدقه بالاستمرار على عزيمته والاحتراز عن النقض واهل السلوك تهتمون فى صدق الحال أشد الاهتمام (روى) ان واحدا منهم كان كثير الوجد والزعقات فجاء يوما واوداع خرقته عند الشيخ في الحرم الشريف وقال ان صيحتى الآن لامرأة عشقتها فأنا لا أريد أن أكون كاذبا في حالى بأن ألبس لباس العشاق وانا على تلك الحال ثم انه بعد ايام جاء وأخذ خرقته وقال الحمد الذي خلصنى منها وعدت الى حالى ومن قبيل الصدق في الحال صدق لمريد في إرادته فانه إذا وقع منه حركة مخالفة لارادة الشيخ فهو كاذب في إرادته فان المريد من أفنى إرادته في ارادة الشيخ ففى اى مرتبة من القال والحال وجد الصدق كان سبب النجاة وباعثا لرفع الدرجات قال الشاعر

سيعطى الصادقين بفضل صدق نجاة في الحياة وفي الممات
وسبب هذا الشعران ثلاثة اخوة من الشام كانوا يغزون فأسرهم الروم مرة فقال لهم الملك انى أجعلكم ملوكا وأزوجكم بناتي ان قبلتم النصرانية فأبوا وقالوا يا محمداه فادخل اثنين في الزيت المغلى وأخذ الثالث علج وسلط عليه ابنته وكانت من أجمل النساء فأخذ الشاب فى صيام النهار وقيام الليل فآمنت البنت وخرجا الى الشام فجاء أخواه الشهيدان مع الملائكة ليلة وزوجاه المرأة وسألهما أخوهما عن حالهما فقالا ما كانت الا التي رأيت حتى دخلنا في الفردوس وان الله تعالى أرسلنا إليك نشهد تزويجك بهذه الفتاة وكانا مشهورين بالشام حتى قال الشعراء فيهما أبياتا منها ما ذكرناه (وروى) جنيد البغدادي قدس سره عن امير
المؤمنين على رضى الله عنه انه قال الصوف ثلاثة أحرف فالصاد صدق وصبر وصفاء والواو ود وورد وو فاء والفاء فقر وفرد وفناء فاذا لم توجد هذه الصفات في لا يكون صوفيا قال سهل رحمه الله أول خيانة الصديقين حديثهم مع أنفسهم وسئل فتح الموصلي رحمه الله عن الصادق فأدخل يده في كير الحديد واخرج حديدة محماة ووضعها على كفه وقال هذا هو الصدق قال جنيد البغدادي رحمه الله الصادق ينقلب في اليوم أربعين مرة والمرائى يثبت على حالة واحدة أربعين سنة وذلك لان مطلب العارفين من الله الصدق والعبودية والقيام بحق الربوبية من غير مراعاة حظ النفس وكل من عداهم من العابد والزاهد او العالم لا يفارقون الحظوظ والأغراض نسأل الله العافية تمت سورة القمر بعون خالق القوى والقدر في العشر الثالث من العشر الثالث من شوال المنتظم في سلك شهور سنة اربع عشرة ومائة والف

صفحة رقم 287
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية