آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ
ﮍﮎﮏﮐ

(ولقد رآه نزلة أخرى) اللام هي الموطئة للقسم، أي والله لقد رآه، والنزلة المرة من النزول، أي رأى جبريل نازلاً نزلة أخرى، أو رآه رؤية أخرى، ونصب نزلة على الظرف أو المصدرية أو الحالية، وبالأول قال الزمخشري وهو مذهب الفراء، نقله عنه مكي، وبالثاني قدر أبو البقاء، وبالثالث قال الحوفي وابن عطية، قال جمهور المفسرين: المعنى أنه رأى محمد ﷺ جبريل عليه السلام مرة أخرى في صورة نفسه، وذلك ليلة المعراج، وقيل: رأى محمد ﷺ ربه مرة أخرى بفؤاده وقيل: بعينه.
أخرج مسلم والطبراني وغيرهما.
" عن ابن عباس في الآية قال: رأى محمد ﷺ ربه بقلبه مرتين "، وأخرج نحوه عنه الترمذي وحسنه، وعن أنس قال: رأى محمد ربه، وعن ابن عباس أن النبي ﷺ رأى ربه مرتين، مرة ببصره ومرة بفؤاده، وعنه لقد رأى النبي ﷺ ربه عز وجل، وعنه قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم؟ والكلام لموسى؟ والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد روي نحو هذا عنه من طرق.
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه.
" عن أبي ذر قال: سألت رسول الله ﷺ هل رأيت ربك قال نور أنّى أراه ".
" وعنه سأل رسول الله ﷺ هل رأيت ربك قال رأيت نوراً " أخرجه مسلم وابن مردويه.
" وعنه قال: رأى رسول الله ﷺ ربه بقلبه، ولم يره ببصره "، أخرجه النسائي وابن المنذر وغيرهما، قال صاحب التحرير:

صفحة رقم 251

والحجج في المسألة وإن كانت كثيرة لكن لا نتمسك إلا بالأقوى منها، وهو حديث ابن عباس: أتعجبون الخ.
" وعن عكرمة سئل ابن عباس هل رأى محمد ﷺ ربه قال: نعم "، وقد روي بإسناد لا بأس به، وعن أنس نحوه.
وكان الحسن يحلف لقد رأى محمد ﷺ ربه، والأصل في المسألة حديث ابن عباس حبر هذه الأمة وعالمها، والمرجوع إليه في المعضلات، وقد راجعه ابن عمر في هذه المسألة فأخبره أنه رآه، ولا يقدح في هذا حديث عائشة، لأنها لم تخبر أنها سمعت النبي ﷺ يقول لم أر ربي وإنما ذكرت ما ذكرت متأولة لقول الله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً) الآية، وقوله (لا تدركه الأبصار)، وإذ قد صحت الروايات عن ابن عباس أنه تكلم في هذه المسألة بإثبات لرؤية وجب المصير إلى إثباتها لأنها ليس مما يدرك بالعقل، ويؤخذ بالظن، وإنما يتلقى بالسمع، ولا يستجيز لأحد أن يظن بابن عباس أنه تكلم في هذه المسألة بالظن والاجتهاد، وقد قال معمر بن راشد حين ذكر اختلاف عائشة وابن عباس: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس ثم ابن عباس أثبت ما نفاه غيره والمثبت مقدم على النافي انتهى.

صفحة رقم 252
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية