آيات من القرآن الكريم

هَٰذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
ﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺ

وقال آخرون: مورها: تشققها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) قال: يوم تشقَّق السماء.
وقوله: (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) يقول: وتسير الجبال عن أماكنها من الأرض سيرا، فتصير هباء منبثا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من قيح وصديد في جهنم، يوم تمور السماء مورا، وذلك يوم القيامة للمكذّبين بوقوع عذاب الله للكافرين، يوم تمور السماء مورا. وكان بعض نحويّي البصرة يقول: أدخلت الفاء في قوله: (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) لأنه في معنى إذا كان كذا وكذا، فأشبه المجازاة، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء. وقال بعض نحويّي الكوفة: الأوقات تكون كلها جزاء مع الاستقبال، فهذا من ذاك، لأنهم قد شبهوا "إن" وهي أصل الجزاء بحين، وقال: إن مع يوم إضمار فعل، وإن كان التأويل جزاء، لأن الإعراب يأخذ ظاهر الكلام، وإن كان المعنى جزاء.
وقوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) يقول: الذين هم في فتنة واختلاط في الدنيا يلعبون، غافلين عما هم صائرون إليه من عذاب الله في الآخرة.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول تعالى ذكره: فويل

صفحة رقم 463

للمكذبين يوم يُدَعُّونَ.
وقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ) ترجمة عن قوله: (يَوْمَئِذٍ) وإبدال منه. وعنى بقوله: (يُدَعُّونَ) يدفعون بإرهاق وإزعاج، يقال منه: دعَعْت في قفاه: إذا دفعت فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون فيها دفعا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يقول: يدفعون إلى نار جهنم دفعا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ) قال: يدفعون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يزعجون إليها إزعاجا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة بنحوه.

صفحة رقم 464

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) الدعّ: الدفع والإرهاق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال: يدفعون دفعا، وقرأ قول الله تبارك وتعالى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفعه، ويغلظ عليه.
وقوله: (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها في الدنيا تكذّبون، فتجحدون أن تردوها، وتصلوها، أو يعاقبكم بها ربكم وترك ذكر يُقال لهم، اجتزاء بدلالة الكلام عليه.

صفحة رقم 465
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية