آيات من القرآن الكريم

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

لعظمته عزّ وجلّ، وأن شأنه مع عبيده لا يقاس به شأن عبيد الخلق معهم، فإن عبيدهم مطلوبون بالخدمة والتكسب للسادة، وبواسطة كاسب عبيدهم، قدّر أرزاقهم والله تعالى لا يطلب من عباده رزقا ولا إطعاما، بل هو الذي يرزقهم. وإنما يطلب منهم عبادته ليصرفوا ما أنعم به عليهم إلى ما خلقوا لأجله.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : آية ٥٩]
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩)
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أي ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بتكذيب الرسول والإصرار على الشرك والبغي والفساد، ذَنُوباً أي نصيبا وافرا من العذاب مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ أي مثل أنصباء نظرائهم من الأمم المحكية. وأصل (الذنوب) الدلو العظيمة الممتلئة ماء، أو القريبة من الامتلاء. وهي تذكّر وتؤنّث، فاستعيرت للنصيب مطلقا، شرا كالنصيب من العذاب في الآية، أو خيرا كما في العطاء في قول عمرو بن شاس:

وفي كل حيّ قد خبطت بنعمة فحقّ لشأس من نداك ذنوب
وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنوب، فيعطى لهذا ذنوب، ولآخر مثله.
فَلا يَسْتَعْجِلُونِ أي لا يطلبوا مني أن أعجل به قبل لأجله، فإنه لا بد آتيهم، ولكن في حينه، المؤخر لحكمة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : آية ٦٠]
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ أي أوعدوا فيه نزول العذاب بهم، ماذا يلقون فيه من البلاء والجهد. و (اليوم) إما يوم القيامة، أو يوم بدر.
قال أبو السعود: والأول هو الأنسب بما في صدر السورة الكريمة الآتية.
والثاني هو الأوفق لما قبله، من حيث إنهما من العذاب الدنيوي- والله أعلم-.

صفحة رقم 47

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الطور
قال المهايميّ: سميت به لأنه لما تضمن تعظيم مهبط الوحي، فالوحي أولى بالتعظيم، فيعظم الاهتمام بالعمل، لا سيما وقد عظم مصعد العمل وثمرته. وهذا من أعظم مقاصد القرآن وهي مكية، وآيها تسع وأربعون.
روي الشيخان «١» ومالك عن جبير بن مطعم قال: سمعت النبيّ ﷺ يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه.
وروي البخاري «٢» : عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله ﷺ إني اشتكي! فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة. فطفت ورسول الله ﷺ يصلي إلى جنب البيت، يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
(١) أخرجه البخاري في: التفسير، ٥٢- سورة الطور، ١- حدثنا عبد الله بن يوسف، حديث رقم ٤٦٥.
وأخرجه مسلم في: الصلاة، حديث رقم ١٧٤.
(٢) أخرجه البخاري في: التفسير، ٥٢- سورة الطور، ١- حدثنا عبد الله بن يوسف، حديث رقم ٣٠٩.

صفحة رقم 48
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية