﴿وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود﴾ قوله عز وجل: ﴿فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ﴾ فيه أربعة أوجه: احدها: أثروا في البلاد، قاله ابن عباس. الثاني: أنهم ملكوا في البلاد، قاله الحسن. الثالث: ساروا في البلاد وطافوا، قاله قتادة، ومنه قول امرىء القيس:
| (وقد نقبت في الآفاق حتى | رضيت من الغنيمة بالإياب) |
الثاني: لمن كانت له حياة ونفس مميزة، فعبر عن النفس الحية بالقلب لأنه وطنها ومعدن حياتها. كما قال امرؤ القيس:
| (أغرك مني أن حبك قاتلي | وأنك مهما تأمري القلب يفعل) |
| (إذا رقى الحادي المطي اللغبا | وانتعل الظل فصار جوربا) |
الثاني: أنها الصلاة ومعناه فصلِّ بأمر ربك قبل طلوع الشمس، يعني صلاة الصبح، وقبل الغروب، يعني صلاة العصر، قاله أبو صالح ورواه جرير بن عبد الله مرفوعاً. قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَسَبِّحْهُ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه تسبيح الله تعالى قولاً في الليل، قاله أبو الأحوص. الثاني: أنها صلاة الليل، قاله مجاهد. الثالث: أنها ركعتا الفجر، قاله ابن عباس. الرابع: أنها صلاة العشاء الآخرة، قاله ابن زيد. ثم قال ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه التسبيح في أدبار الصلوات، قاله أبو الأحوص. الثاني: أنها النوافل بعد المفروضات، قاله ابن زيد. الثالث: أنها ركعتان بعد المغرب، قاله علي رضي الله عنه وأبو هريرة. وروى ابن عباس قال: بت ليلة عند رسول الله ﷺ، فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة فقال: (يا ابن عباس رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَدْبَارَ النُّجُومِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمِغْرِبِ أَدْبَارَ السُّجُودِ).
صفحة رقم 357