آيات من القرآن الكريم

أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

سورة محمد
مدنية الآية ١٣ فنزلتفي الطريق أثناء الهجرة وآياتها ٣٨ نزلت بعد الهجرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة محمد ﷺ [وتسمى سورة القتال] الَّذِينَ كَفَرُوا يعني كفار قريش، وعموم اللفظ يعم كل كافر، كما أن قوله بعد هذا: والذين آمنوا يعني الصحابة، وعموم اللفظ يصلح لكل مؤمن وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يحتمل أن يكون صدّوا بمعنى: أعرضوا فيكون غير متعد أو يكون بمعنى صدوا الناس فيكون متعديا، وسبيل الله: الإسلام والطاعة أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أبطلها وأحبطها، وقيل:
المراد بأعمالهم هنا ما أنفقوا في غزوة بدر فإن هذه الآية نزلت بعد بدر، واللفظ أعم من ذلك وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ هذا تجريد للاختصاص والاعتناء، بعد عموم قوله:
آمنوا وعملوا الصالحات ولذلك أكده بالجملة الاعتراضية، وهو قوله: وهو الحق من ربهم وَأَصْلَحَ بالَهُمْ قيل: معناه أصلح حالهم وشأنهم، وحقيقة البال الخاطر الذي في القلب، وإذا صلح القلب صلح الجسد كله، فالمعنى: إصلاح دينهم بالإيمان والإخلاص والتقوى.
فَضَرْبَ الرِّقابِ أصله فاضربوا الرقاب ضربا، ثم حذف الفعل وأقام المصدر مقامه، والمراد، اقتلوهم. ولكن عبّر عنه بضرب الرقاب، لأنه الغالب في صفة القتل حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ أي هزمتموهم، والإثخان أن يكثر فيهم القتل والأسر فَشُدُّوا الْوَثاقَ عبارة عن الأسر فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً المن: العتق، والفداء: فك الأسير بمال، وهما جائزان.
فإن مذهب مالك أن الإمام مخيّر في الأسارى بين خمسة أشياء: وهي: المن والفداء والقتل والاسترقاق وضرب الجزية. وقيل: لا يجوز المنّ ولا الفداء لأن الآية منسوخة بقوله: اقتلوا المشركين فلا يجوز على هذا إلا قتلهم. والصحيح أنها محكمة وانتصب منّا وفداء على المصدرية، والعامل فيهما فعلان مضمران حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها الأوزار في اللغة:

صفحة رقم 280

الأثقال، فالمعنى حتى تذهب وتزول أثقالها، وهي آلاتها وقيل: الأوزار: الآثام، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها إثم في أحد الجانبين، واختلف في الغاية المرادة هنا فقيل: حتى يسلموا جميعا فحينئذ تضع الحرب أوزارها وقيل: حتى تقتلوهم وتغلبوهم، وقيل: حتى ينزل عيسى ابن مريم: قال ابن عطية: ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبدا، كما تقول: أنا فاعل ذلك إلى يوم القيامة ذلِكَ تقديره: الأمر ذلك وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ «١» أو لو شاء الله لأهلك الكفار بعذاب من عنده، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين، وأن يبلو بعض الناس ببعض عَرَّفَها لَهُمْ أي جعلهم يعرفون منازلهم فيها، فهو من المعرفة وقيل: معناه طيّبها لهم فهو من العرف وهو طيب الرائحة، وقيل: معناه شرّفها ورفعها، فهو من الأعراف التي هي الجبال فَتَعْساً لَهُمْ أي عثارا وهلاكا. وانتصابه على المصدرية، والعامل فيه فعل مضمر، وعلى هذا الفعل عطف وأضلّ أعمالهم وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها أي لكفار قريش أمثال عاقبة الكفار المتقدمين من الدمار والهلاك.
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا أي وليهم وناصرهم، وكذلك وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ معناه: لا ناصر لهم، ولا يصح أن يكون المولى هنا بمعنى السيد، لأن الله مولى المؤمنين والكافرين بهذا المعنى ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله: وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [الأنعام: ٦٢] لأن معنى المولى مختلف في الموضعين فمعنى مولاهم الحق: ربهم وهذا على العموم في جميع الخلق بخلاف قوله: مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا فإنه خاص بالمؤمنين لأنه بمعنى الولي والناصر وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ عبارة عن كثرة أكلهم، وعن غفلتهم عن النظر كالبهائم مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ يعني مكة. وخروجه صلى الله عليه وآله وسلم من وقت الهجرة، ونسب الإخراج إلى القرية. والمراد أهلها، لأنهم آذوه حتى خرج أَهْلَكْناهُمْ الضمير للقرى المتقدمة المذكورة في قوله: وكأين من قرية وجمعه حملا على المعنى والمراد أهلكنا: أهلها أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أي على حجة ويعني به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما يعني قريشا بقوله: كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ واللفظ أعم من ذلك.

(١). قوله تعالى: والذين قاتلوا في سبيل الله. قرأها أبو عمرو وحفص قتلوا. والباقون: قاتلوا.

صفحة رقم 281
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية