آيات من القرآن الكريم

مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

تمت سورة الجاثية فى الرابع عشر من شهر رمضان المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث عشرة ومائة والف سورة الأحقاف اربع او خمس وثلاثون آية مكية
سورة الأحقاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(حم) اى هذه السورة مسماة بحم وقال بعضهم الحاء اشارة الى حماية اهل التوحيد والميم الى مرضاته منهم مع المزيد وهو النظر الى وجهه الكريم وقال بعضهم معناه حميت قلوب اهل عنايتى فصنتها عن الخواطر والهواجس فلاح فيها شواهد الدين وأشرقت بنور اليقين يقول الفقير فيه اشارة الى ان القرآن حياة الموتى كما قال او كلم به الموتى وكذا حياة الموتى من القلوب فان العلوم ولمعارف والحكم حياة القلوب والأرواح والاسرار وايضا الى الأسماء الحسنى فان حاء وميم من حساب اليسط تسعة وتسعون وايضا الى الصفات السبع التي خلق الله آدم عليها وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام فالحاء حاء الحياة والميم ميم الكلام فاشير بالأول والآخر الى المجموع يعنى ان الله تعالى انزل القرآن لتحصى أسماؤه الحسنى وتعرف صفاته العليا ويتخلق بأخلاقه العظمى تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن المشتمل على هذه السورة وعلى سائر السور الجليلة وبالفارسية فرستادن كتاب بعضى از پى بعض وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ وما كان من الله فهو حق وصدق فانه قال ومن أصدق من الله قيلا الْعَزِيزِ وما كان من العزيز فهو عزيز غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه ودليل ظاهر لأباب الظواهر والباطن الْحَكِيمِ وما كان من الحكيم ففيه حكمة بالغة لان الله تعالى لا يفعل الا ما فيه مصلحة كما قال ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بما فيهما من حيث الجزئية منهما ومن حيث الاستقرار فيهما وَما بَيْنَهُما من المخلوقات كالنار والهواء والسحاب والأمطار والطيور المختلفة ونحوها إِلَّا خلقا ملتبسا بِالْحَقِّ اى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة وان جعلها مقارا للمكلفين ليعملوا فيجازيهم يوم القيامة لا بالعبث والباطل فانه ما رجد شىء الا لحكمة والوجود كله كلمات الله ولكل كلمة ظهر هو الصورة وبطن هو المعنى الى سبعة أبطن كما ورد فى الخبر ان لكل حق حقيقة فالوجود كله حق حتى ان النطق بكلمات لا معانى لها حق فانها قد وجدت والباطل هو المعنى الذي تحتها كقول من يقول مات زيد ولم يمت فان حروف الكلمة حق فانها قد وجدت والباطل هو ان زيد أمات وهو المعنى الذي تحتها فالدنيا حق وحقيقتها الآخرة والبرزخ وصل بينهما وربط ومن هاهنا يعرف قول على رضى الله عنه الناس نيام وإذا ماتوا تيقظوا فالرؤيا حق وكذا ما فى الخارج من تعبيرها لكن كلا منهما خيال بالنسبة الى الآخرة لكونه من الدنيا وكونه خيالا ومن الدنيا لا ينافى كونه حقا وانما ينافى كونه حقيقة ولذا قال يوسف الصديق عليه السلام يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انما الكون خيال وهو حق فى الحقيقة وفى الآية اشارة الى ان المخلوقات كلها ما خلقت الا لمعرفة الحق تعالى كما قال فخلقت الخلق لا عرف وفى الحديث لو عرفتم الله حق

صفحة رقم 461

معرفته لمشيتم على البحور ولزالت بدعائكم الجبال ولهذه المعرفة خلقت سموات الأرواح وأراضي النفوس وما بينهما من العقول والقلوب والقوى وَأَجَلٍ مُسَمًّى عطف على الحق بتقدير المضاف اى وبتقدير أجل معين ينتهى اليه امور الكل وهو يوم القيامة وذلك لان اقتران الخلق ليس الا به لا بالأجل نفسه وفيه إيذان بفناء العالم وموعظة وزجر اى فانتبهوا ايها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم واشارة بان لكل عارف أجل مسمى لمعرفته وأكثره فى هذه الامة أربعون سنة فانها منتهى السلوك فلا يغتر العبد بعلمه وعرفانه فانه فوق كل ذى علم عليم ولكل حد نهاية والأمور مرهونة بأوقاتها وأزمانها وهذا بالنسبة الى من سلك على الفطرة الاصلية وعصم من غلبة احكام الإمكان والا فمن الناس من يجتهد سبعين سنة ثم لا يقف دون الغاية ثم انه فرق بين أوائل المعرفة وأواخرها فان حصول أواخرها يحتاج الى مدة طويلة بخلاف اوائلها إذ قد تحصل للبعض فى أدنى مدة بل فى لحظة كما حصلت لسحرة فرعون فانهم حيث رأوا بمعجزة موسى عليه السلام قالوا آمنا برب العالمين (وحكى) ان ابراهيم بن أدهم قدس سره لما قصد هذا الطريق لم يك الا مقدار سيره من
بلخ الى مرو الروذ حتى صار بحيث أشار الى رجل سقط من الفنطرة فى الماء الكثير هنالك فوقف الرجل مكانه فى الهولء فتخلص وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة ولا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم وأعتقها فاختارت هذا الطريق وأقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها زهاد البصرة وقراؤها وعلماؤها لعظم منزلتها فهذ من العناية القديمة والارادة الازلية الغير المعللة بشىء من العلل فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ديكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لم يكن يتخلص عندى أحد الجنبين فى مسألة خلق الأعمال وتعسر عندى الفصل بين الكسب الذي يقول به قوم وبين الخلق الذي يقول به قوم فأوقفنى الله تعالى بكشف بصرى على خلقة المخلوق الاول الذي لم يتقدمه مخلوق وقال هل هنا امر يورث اللبس والحيرة قلت لا يا رب فقال لى هكذا جميع ما نراه من المحدثات ما لأحد فيه اثر ولا شىء من المخلوق فانا الذي اخلق الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب فتكور على امرى خلقت النفخ فى عيسى وخلقت التكون فى الطائر وَالَّذِينَ كَفَرُوا اى مشركو أهل مكة عَمَّا أُنْذِرُوا به وخوفوا من يوم القيامة وما فيه من الأهوال مُعْرِضُونَ بترك الاستعداد له بالايمان والعمل وفيه اشارة الى ان الاعراض عما انذروا به كفر قال الفقهاء إذا وصف الله أحد بما لا يليق به كالامكان والحدوث والجسمية والجهات والظلم النوم والنسيان والتأذى ونحو ذلك او استهزا باسم من أسمائه أو أمر من أوامره او أنكر شيأ من وعده ووعيده وما ثبت بدليل قطعى يكفر ولوزنى رجل او عمل عمل قوم لوط فقال له الآخر مكن فقال كنم ونيك ارم فهذا كفر ولو قيل لرجل لا تعصى لله فان الله يدخلك النار فقال من از دوزخ نه انديشم يكفر ولو قيل الرجل بسيار مخور وبسيار مخسب او بسيار مخد فقال چندان خورم وخسم وخندم كه خودخواهم يكفر لكون كل من الاكل والنوم والضحك الكثير منها عنه مميتا

صفحة رقم 462
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية