وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مَفْعُولِ يَنْصُرُونَ؛ أَيْ لَا يَنْصُرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.
قَالَ تَعَالَى: (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَغْلِي) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْكَافِ، أَيْ يُشْبِهُ الْمُهْلَ غَالِيًا. وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ مِنَ الْمُهْلِ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: هُوَ يَغْلِي؛ أَيِ الزَّقُّومُ أَوِ الطَّعَامُ.
وَأَمَّا الْكَافُ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ: هُوَ كَالْمُهْلِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْ «طَعَامِ» لِأَنَّهُ لَا عَامِلَ فِيهَا إِذْ ذَاكَ.
وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ؛ أَيِ الشَّجَرَةِ؛ وَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ غَلْيًا كَغَلْيِ الْحَمِيمِ.
(فَاعْتِلُوهُ) : بِكَسْرِ التَّاءِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذُقْ إِنَّكَ) :«إِنَّكَ» : يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ اسْتِهْزَاءٌ بِهِ؛ وَقِيلَ: أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ عِنْدَ قَوْمِكَ. وَيُقْرَأُ بِالْفَتْحِ؛ أَيْ ذُقْ عَذَابَ أَنَّكَ أَنْتَ.
وَ (مَقَامٍ)
بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: مَذْكُورَةٌ فِي الْأَحْزَابِ. وَ (فِي جَنَّاتٍ) : بَدَلٌ مِنْ «مَقَامٍ» بِتَكْرِيرِ الْجَارِّ.
وَأَمَّا «يَلْبَسُونَ» فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ إِنَّ فَيَتَعَلَّقَ بِهِ «فِي» وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. وَ (كَذَلِكَ) أَيْ فِعْلُنَا كَذَلِكَ، أَوِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
وَ (يَدْعُونَ) : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي زَوَّجْنَا. وَ (لَا يَذُوقُونَ) : حَالٌ أُخْرَى مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَدْعُونَ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي آمِنِينَ، أَوْ حَالٌ أُخْرَى بَعْدَ آمِنِينَ، أَوْ صِفَةٌ لِآمِنِينَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) : قِيلَ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ أَيْ مَاتُوا الْمَوْتَةَ.
وَقِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْجَنَّةِ لِمُعَايَنَتِهِ مَا يُعْطَاهُ مِنْهَا، أَوْ مَا يَتَيَقَّنُهُ مِنْ نَعِيمِهَا. وَقِيلَ: «إِلَّا» بِمَعْنَى بَعْدَ. وَقِيلَ: بِمَعْنَى سِوَى. وَ (فَضْلًا) : مَصْدَرٌ؛ أَيْ تَفَضَّلْنَا بِذَلِكَ تَفْضِيلًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.