آيات من القرآن الكريم

أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
ﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃ

سورة الزخرف
وهي تسع وثمانون آية مكية
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)
قوله تبارك وتعالى: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ يعني: أقسم بحم، وبالكتاب الذي أبان طريق الهدى، من طريق الضلالة، وأبان كل ما تحتاج إليه الأمة، ويقال: مُبين أي: بين بلغة تعرفونها. يعني: بين فيه الحلال والحرام إِنَّا جَعَلْناهُ فهذا جواب القسم. يعني: إنا جعلناه، ووصفناه أقسم بالكتاب المبين إِنَّا جَعَلْناهُ يعني: إنا قلناه ووصفناه وبيناه. ويقال: أنزلنا به جبريل قُرْآناً عَرَبِيًّا يعني: بلغة العرب لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يعني: لكي تعقلوا وتفهموا. ما فيه، ولو نزل بغير لغة العرب، لم تفهموا ما فيه.
ثم قال: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا يعني: إن كذبتم بالقرآن، فإن نسخته في أصل الكتاب. يعني: اللوح المحفوظ لدينا. يعني: عندنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يعني: شريف مرتفع، محكم من الباطل. ويقال: حكيم أحكم، حلاله وحرامه. ويقال: حَكِيمٌ أي: حاكم على الكتب كلها. ويقال: حكيم أي: ذو حكمة كما قال تعالى: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ قرأ حمزة والكسائي «في أم الكتاب» بكسر الألف في جميع القرآن، لأن الياء أخت الكسرة، فاتبع الكسرة الكسرة والباقون «أم» بضم الألف، وهو الأصل في اللغة.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٥ الى ١٤]
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)

صفحة رقم 251

قوله عز وجل: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً يعني: أفندع ونترك أن نرسل إليكم الوحي مبهماً، لا آمركم ولا أنهاكم. وقال القتبي: معناه أن أمسك عنكم، فلا أذكركم إعراضاً. يقال: صفحت عن فلان، إذا أعرضت عنه. وقال مجاهد: معناه تكذبون بالقرآن، ولا تعاقبون فيه. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ بنصب الألف. وقرأ الباقون بالكسر. فمن قرأ بالنصب، فمعناه: أفنضرب عنكم ذكر العذاب بأن أسرفتم، يعني: أشركتم وعصيتم. ويقال أفنضرب عنكم ذكر العذاب، لأن أسرفتم وكفرتم ومن قرأ بالكسر، فمعناه إن كنتم قوماً مسرفين. ويقال: هو على معنى الاستقبال، ومعناه إن تكونوا مسرفين، نضرب عنكم الذكر.
ثم قال عز وجل: وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ يعني: كم بعثنا من نبي في أمر الأمم الأولين، كما أرسلنا إلى قومك وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يعني:
يسخرون منه قوله تعالى: فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً يعني: من كان أشد منهم قوة وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ يعني: سنة الأولين بالهلاك.
قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ يعني: المشركين مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ يعني: يقولون خلقهن الله تعالى، الذي هو العزيز في ملكه، العليم بخلقه، فزادهم الله تعالى في جوابهم. فقال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً قرأ حمزة، والكسائي وعاصم مَهْداً، والباقون مَهاداً بالألف، يعني: قراراً للخلق وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا يعني: طرقاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ يعني: لكي تعرفوا طرقها من بلد إلى بلد، ويقال: لعلكم تهتدون يعني: لكي تعرفوا هذه النعم، وتأخذوا طريق الهدى، ثم ذكرهم النعم فقال عز وجل:
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاء بِقَدَرٍ يعني: بمقدار ووزن فَأَنْشَرْنا بِهِ يعني: أحيينا بالمطر بَلْدَةً مَيْتاً يعني: أرضاً ميتة، لا نبات فيها كَذلِكَ تُخْرَجُونَ أنتم من قبوركم.
قوله تعالى: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها يعني: الأصناف كلها من النبات، والحيوان

صفحة رقم 252
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية