آيات من القرآن الكريم

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لمّا دخلوا النّار رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «أَرْنا» بسكون الراء. قال المفسرون: يعنون إبليس وقابيل، لأنهما سنّا المعصية، نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ أي: في الدَّرْك الأسفل، وهو أشدُّ عذاباً من غيره. ثم ذكر المؤمنين فقال: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ أي: وحَّدوه ثُمَّ اسْتَقامُوا فيه ثلاثة أقوال: أحدها:
استقاموا على التوحيد، قاله أبو بكر الصِّدِّيق، ومجاهد. والثاني: على طاعة الله وأداء فرائضه، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة. والثالث: على الإِخلاص والعمل إِلى الموت، قاله أبو العالية، والسدي.
(١٢٤٣) وروى عطاء عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصِّدِّيق، وذلك أن المشركين قالوا: ربُّنا الله، والملائكة بناتُه، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يستقيموا، وقالت اليهود:
ربُّنا الله، وعزيرٌ ابنُه، ومحمد ليس بنبيّ، فلم يستقيموا، وقالت النصارى: ربُّنا الله، والمسيح ابنه، ومحمد ليس بنبيّ، فلم يستقيموا، وقال أبو بكر: ربنا الله وحده، ومحمدٌ عبدُه ورسولُه، فاستقام.
قوله تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا أي: بأن لا تخافوا. وفي وقت نزولها عليهم قولان «١» : أحدهما: عند الموت، قاله ابن عباس، ومجاهد فعلى هذا في معنى «أَلَّا تَخافُوا» قولان:
أحدهما: لا تخافوا الموت، ولا تحزنوا على أولادكم، قاله مجاهد. والثاني: لا تخافوا ما أمَامكم، ولا تحزنوا على ما خَلْفكم، قاله عكرمة، والسدي. والقول الثاني: تتنزَّل عليهم إذا قاموا من القبور، قاله قتادة فيكون معنى «أَلَّا تَخافُوا» : أنهم يبشِّرونهم بزوال الخوف والحزن يوم القيامة. قوله تعالى:
نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ
قال المفسرون: هذا قول الملائكة لهم، والمعنى: نحن الذين كنّا نتوّلاكم في الدُّنيا، لأن الملائكة تتولَّى المؤمنين وتحبُّهم لِما ترى من أعمالهم المرفوعة إلى السماء، وَفِي الْآخِرَةِ
أي:
ونحن معكم في الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. وقال السدي: هم الحَفظة على ابن آدم، فلذلك قالوا: «نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ»
وقيل: هم الملائكة الذين يأتون لقبض الأرواح.
قوله تعالى: وَلَكُمْ فِيها
أي: في الجنة. نُزُلًا قال الزجاج: معناه: أبشروا بالجنة تنزلونها نُزُلاً. وقال الأخفش: لكم فيها ما تشتهي أنفسكم أنزلناه نزلا.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٣٣ الى ٣٦]
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)
ذكره الواحدي بدون إسناد في «أسباب النزول» ٧٣٤، ولم أره مسندا، فهو لا شيء، لخلوه عن الإسناد، والصحيح عموم الآية، وذكر اليهود والنصارى في هذا الخبر منكر جدا.
__________
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ١١٧: قال زيد بن أسلم: يبشرونه عند موته، وفي قبره، وحين يبعث.
وهذا القول يجمع الأقوال كلها. وهو حس جدا، وهو الواقع.

صفحة رقم 51

قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ فيمن أُريد بهذا ثلاثة أقوال «١» : أحدها: أنهم المؤذِّنون. روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
(١٢٤٤) «نزلت في المؤذنين»، وهذا قول عائشة، ومجاهد، وعكرمة.
(١٢٤٥) والثاني: أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا إِلى شهادة أن لا إِله إِلا الله، قاله ابن عباس، والسدي، وابن زيد. والثالث: أنه المؤمن أجابَ اللهَ إلى ما دعاه، ودعا الناسَ إلى ذلك وَعَمِلَ صالِحاً في إجابته، قاله الحسن.
وفي قوله تعالى: وَعَمِلَ صالِحاً ثلاثة أقوال: أحدها: صلّى ركعتين بعد الأذان، وهو قول عائشة، ومجاهد، وروى إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ» قال: الأذان «وَعَمِلَ صالِحاً» قال: الصلاة بين الأذان والإِقامة. والثاني: أدَّى الفرائض وقام لله بالحقوق، قاله عطاء. والثالث: صام وصلَّى، قاله عكرمة.
قوله تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ قال الزجاج: «لا» زائدة مؤكِّدة والمعنى: ولا تستوي الحسنة والسَّيِّئة، وللمفسرين فيهما ثلاثة أقوال: أحدها: أن الحسنة: الإِيمان، والسَّيِّئة: الشِّرك، قاله ابن عباس.. والثاني: الحِلْم والفُحْش، قاله الضحاك. والثالث: النُّفور والصَّبر، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وذلك كدفع الغضب بالصبر، والإِساءة بالعفو، فإذا فعلتَ ذلك صار الذي بينك وبينه عداوة كالصَّديق القريب «٢». وقال عطاء. هو السَّلام على من تعاديه إذا

لم أره في شيء من كتب التفسير والأثر، والأشبه أن المصنف أخذه من تفسير الكلبي أو مقاتل أو نحوهما، فإن المتن باطل. والصحيح العموم في كل داع يدعو إلى الله تعالى.
أثر واه. أخرجه الطبري ٣٠٥٤٢ عن ابن زيد، واسمه عبد الرحمن، وهو متروك، ليس بشيء.
وأخرجه ٣٠٥٤١ عن السدي به، ولم أره عن ابن عباس. ولا يصح، وانظر التعليق المتقدم.
__________
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ١١٨- ١١٩: وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتد، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أولى الناس بذلك. وقال بعد أن ذكر الأقوال فيمن نزلت: والصحيح أن الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعا بالكلية، لأنها مكية، والأذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة، حين أريه عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في منامه، فقصه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمره أن يلقيه على بلال فإنه أندى صوتا.
(٢) قال ابن كثير في «تفسيره» ٣/ ١١٩: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وقوله فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم، أي: قريب إليك. من الشفقة عليك والإحسان إليك وقال في ٢/ ٣٤٩: وقال بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلّفه فوق طاقته ولا ما يحرجه، وإما مسيء فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يردّ كيده.

صفحة رقم 52
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية