
أكثر قريش مالا، ولكني لما قصصت عليه القصص أجابنى بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، ثم تلا عليهم ما سمع منه إلى قوله: مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ وأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فو الله لقد خفت أن ينزل بكم العذاب
، يعنى الصاعقة، وفي رواية:
فأطيعونى في هذه وأنزلوها بي، خلوا محمدا وشأنه واعتزلوه، فو الله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ، فإن أصابه العرب كفيتموه بأيدى غيركم، وإن كان ملكا أو نبيا كنتم أسعد الناس به، لأن ملكه ملككم وشرفه شرفكم. فقالوا: هيهات!! سحرك محمد يا أبا الوليد. فقال: هذا رأيى لكم فاصنعوا ما شئتم.
تهديدهم بعذاب يوم القيامة [سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٩ الى ٢٥]
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥)

المفردات:
يُوزَعُونَ: يساقون حتى تتكامل عدتهم ثم يدفعون، أى: يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ثم يدفعون وَجُلُودُهُمْ: وهي المعروفة، وقيل المراد بها الفروج تَسْتَتِرُونَ: تستخفون أَرْداكُمْ أى: أهلككم مَثْوىً: مأوى يَسْتَعْتِبُوا: استعتب وأعتب بمعنى استرضى، أى: طلب الرضا يقال: استعتبته فأعتبنى، أى: استرضيته فأرضانى (وأعتبنى فلان، إذا عاد إلى مسرتي) راجعا عن الإساءة، والاسم منه العتبى الْمُعْتَبِينَ: المقبول عتابه، وفي قراءة المعتبين، على معنى إن أقالهم وقبل عتابهم وردهم إلى الدنيا لم يعملوا بطاعته وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ هيأنا لهم شياطين من الإنس والجن وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ: ثبت.
المعنى:
واذكر لهم يا محمد طرفا من عذاب يوم القيامة بعد تهديدهم بعذاب الدنيا لعلهم يرجعون، اذكر لهم يوم يحشر أعداء الله من الكفرة إلى النار ومواقف الحساب فهم يساقون إليها كما تساق الأنعام بشدة حتى إذا تكاملوا واجتمع أولهم على آخرهم يدفعون إلى جهنم دفعا، حتى «١» إذا ما حضروها وسئلوا عما أجرموا فأنكروا شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون.
وقالوا لجلودهم، وهل هي المعروفة أو هي كناية عن فروجهم؟ بكلّ قيل، ولكل وجه. قالوا لهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله- تعالى- وأقدرنا على بيان الواقع