آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْبَرْزَخِ.
فَقَالَ فِي هَلَاكِهِمْ فِي الدُّنْيَا: وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ، وَأَمْثَالَهَا مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَالَ فِي مَصِيرِهِمْ فِي الْبَرْزَخِ: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا [٤٠ ٤٦].
وَقَالَ فِي عَذَابِهِمْ فِي الْآخِرَةِ: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [٤٠ ٤٦].
وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ حَيْقِ الْمَكْرِ السَّيِّئِ بِالْمَاكِرِ أَوْضَحَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [٣٥ ٤٣].
وَالْعَرَبُ تَقُولُ حَاقَ بِهِ الْمَكْرُوهُ يَحِيقُ بِهِ حَيْقًا وَحُيُوقًا، إِذَا نَزَلَ بِهِ وَأَحَاطَ بِهِ، وَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى إِحَاطَةِ الْمَكْرُوهِ خَاصَّةً.
يُقَالُ: حَاقَ بِهِ السُّوءُ وَالْمَكْرُوهُ، وَلَا يُقَالُ: حَاقَ بِهِ الْخَيْرُ، فَمَادَّةُ الْحَيْقِ مِنَ الْأَجْوَفِ الَّذِي هُوَ يَائِيُّ الْعَيْنِ، وَالْوَصْفُ مِنْهُ حَائِقٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فَأَوْطَأَ جُرْدَ الْخَيْلِ عُقْرَ دِيَارِهِمْ وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بَأْسِ ضَبَّةَ حَائِقُ
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ وَزْنَ السَّيِّئَةِ بِالْمِيزَانِ الصَّرْفِيِّ فَيْعَلَةٌ مِنَ السُّوءِ، فَأُدْغِمَتْ يَاءُ الْفَيْعَلَةِ الزَّائِدَةِ فِي الْوَاوِ، الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ، بَعْدَ إِبْدَالِ الْوَاوِ يَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا، فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:
إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا
فَيَاءُ الْوَاوِ فَلَيِّنْ مُدْغِمَا وَشَذَّ مُعْطِي غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ أَصْلُهُ يَتَفَاعَلُونَ مِنَ الْحُجَّةِ أَيْ: يَخْتَصِمُونَ، وَيَحْتَجُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [٣٨ ٦٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى:

صفحة رقم 389
أضواء البيان
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي
سنة النشر
1415
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية