آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

﴿تَوَفَّاهُمُ﴾ ﴿الملائكة﴾ ﴿وَاسِعَةً﴾ ﴿فأولئك﴾ ﴿مَأْوَاهُمْ﴾
(٩٧) - كَانَ فِي مَكَّةَ قَوْمٌ قَدْ أَسْلَمُوا، وَأَخْفُوا إِسْلاَمَهُمْ، فَأَخْرَجَهُمُ المُشْرِكُونَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَهُمْ إلى قِتَالِ المُسْلِمِينَ، فَأُصِيبَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ كَانَ أَصْحَابُنا هَؤُلاءِ مُسْلِمِينَ، وَأُكرْهُوا فَاسْتَغْفَرُوا لَهُمْ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. فَكَتَبَ المُسْلِمُونَ إلى مَنْ بَقِيَ مِنَ المُسْلِمِينَ المُسْتَخْفِينَ فِي مَكَّةَ: أَنَّهُمْ لاَ عُذْرَ لَهُمْ، وَأَنَّ عَلَيْهِم الهِجْرَةَ.
والآيَةَ عَامَّةٌ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ أقَامَ بَيْنَ المُشْرِكِينَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الهِجْرَةِ، وَلَيسَ مُتَمكِّناً فِي مَوطِنِهِ مِنْ إقَامَةِ أمُورِ دِينِهِ، فَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، مُرْتَكِبٌ حَرَاماً بِالإجْمَاعِ. وَظُلْمُهُمْ لأَنْفُسِهِمْ هُوَ تَرْكُهُمُ العَمَلَ بِالحَقِّ خَوْفاً مِنَ الأَذَى، وَفَقْدِ الكَرَامَةِ عِنْدَ ذَوِي قُرْبَاهُمْ مِنَ المُبْطِلِينَ، وَهَذا الاعْتِذَارُ مِمَّا يَعْتَذِرُ بِهِ الذِينَ يُسَايِرُونَ أَصْحَابَ البِدَعِ بِحُجَّةِ دَفْعِ الأذَى عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِمُدَارَاةِ المُبْطِلِينَ، وَهَذَا لا يُعْتَدُّ بِهِ، لأنَّ الوَاجِبَ يَقْضِي عَلَيهِمْ بِإقَامَةِ الحَقِّ مَعَ احْتِمَالِ الأَذَى فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ الهِجْرَةِ إلى حَيْثُ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ إِقَامَةِ دِينِهِمْ.
وَمَعْنَى الآيةِ: إَّن الذِينَ تَحْضُرُهُمُ الوَفَاةُ، وَهُمْ مُقِيمُونَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ إِقَامَةِ الشَّعَائِرِ الدِّينِيَّةِ، وَلاَ إِظْهَارَهَا (وَقَدْ عَدّ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاءِ ظَالِمِينَ أَنْفُسَهُمْ بِتَرْكِهِمُ الهِجْرَةَ إلى دَارِ الأمْنِ وَالإسْلاَمِ)، فَتَسْألُهُمُ المَلائِكَةُ الكِرَامُ: لِمَ لِبِثْتُمْ مُقِيمِينَ فِي أَرْضِ الكُفْرِ، وَتَرَكْتُمُ الهِجْرَةَ؟ فَيُجِيبُونَ: إِنَّهُم كُانُوا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ، لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى الخُرُوجِ مِنَ البَلَدِ، وَلا الذَّهَابِ فِي الأَرْضِ. فَتَقُولُ لَهُمُ المَلاَئِكَةُ: أَلَيْسَتْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا إلى حَيْثُ الأَمْنِ وَالحُرِّيَّةُ، وَالقُدْرَةُ عَلَى إِظْهَارِ الإِيمَانِ؟ وَيَقَولُ تَعَالَى: إنَّ هَؤُلاءِ الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَسَاءَتْ مَصِيراً.

صفحة رقم 590
أيسر التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
أسعد محمود حومد
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية