آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ

ويرتدون إلى الشرك، يبتغون أن يأمنوا هاهنا وهاهنا، فأمر بقتلهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا أنفسهم.
هؤلاء كلما ردوا إلى الفتنة والشرك ودعوا إليها أركسوا فيها على أسوأ حالة، وبالغوا في الضلال، فهؤلاء إن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم زمام السلام فاقتلوهم إن تمكنتم منهم، وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا واضحا ظاهرا وحجة قوية في قتالهم.
قتل المؤمن وجزاؤه [سورة النساء (٤) : الآيات ٩٢ الى ٩٣]
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣)
المفردات:
خَطَأً: بغير قصد للقتل. فَتَحْرِيرُ: فعتق. رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ: نفس مؤمنة. وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ: مال يدفع لأهل القتيل جبرا لخاطرهم وعوضا

صفحة رقم 411

عنه. أَنْ يَصَّدَّقُوا: أن يعفوا عنها. مِيثاقٌ: عهد، أو ذمة، أو أمان.
مُتَتابِعَيْنِ: المراد شهرين قمريين لا يتخللهما فطر إلا لعذر شرعي. تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ: تطهيرا لأنفسكم ولأما لجرحكم.
سبب النزول:
روى أن الحارث بن يزيد من بنى عامر بن لؤي كان يعذب عياش بن أبى ربيعة ثم خرج الحارث مهاجرا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يعرف إسلامه بعد، فلقيه عياش بالحرة (ضاحية من ضواحي المدينة) فعلاه بالسيف وهو يظن أنه لا يزال كافرا، ثم جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره الخبر، فنزلت الآية ثم قال له: قم يا عياش فحرر، أى: أعتق رقبة مؤمنة.
المعنى:
الإيمان بالله ورسوله إذا وصل إلى القلب منع صاحبه من ارتكاب الفواحش خاصة التعدي على النفس بغير حق، والمؤمن يشعر بحقوق الله عليه وحقوق إخوانه المؤمنين.
ويؤمن بقوله تعالى: ومَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «١»
وروى في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»
والأحاديث التي تقرن القتل بالشرك كثيرة، ولذا يقول الله وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً «٢» أى: ليس من شأن الإيمان وطبعه أن يقتل المؤمن مؤمنا، وأن يقترف هذا الجرم الفظيع عمدا وبقصد!! ولكنه قد يقع منه ذلك خطأ وبغير قصد.
ومن قتل مؤمنا خطأ فعليه عقاب إذ الخطأ ينشأ من التهاون وعدم الاهتمام والاعتناء.
والقتل الخطأ: كأن يقصد طيرا فيصيب إنسانا، أو يظن شخصا كافرا حربيا فيظهر أنه مسلم، كما حصل لعياش- رضى الله عنه- أو يقصد إنسانا بما لا يقتل غالبا كالعصا البسيطة واليد فيقتله.

(١) سورة المائدة آية ٣٢.
(٢) سورة النساء آية ٩٢.

صفحة رقم 412

وعقابه في شيئين: كفارة للقتل، وهي: عتق رقبة مؤمنة، لأنه أعدم نفسا مؤمنة.
فيحيى بالعتق نفسا مثلها.
ودية مسلّمة إلى ورثة القتيل عوضا عن دمه، وإزالة للعداء، وقطعا للإحن والبغضاء. وقد بينتها السنة، وهي مائة من الإبل مختلفة الأسنان، أو قيمتها، وتجب على أسرة القاتل، فإن عجزت أخذت من بيت المال (وزارة المال)، وهي واجبة كما قلنا إلا إذا عفا أهل القتيل وتصدقوا بها، ولها أحكام كثيرة في كتب الفقه.
فإذا كان القتيل مؤمنا وهو من قوم أعداء لكم فالواجب تحرير رقبة مؤمنة فقط، بلا دية إذ لا يعطى لهم مال يحاربوننا به.
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق أو عهد أو ذمة كالذي بين الدول الآن، فالواجب دية مسلّمة إلى أهله احتراما للعهود والدماء، وعتق رقبة مؤمنة، واختلف العلماء في دية غير المسلم فقيل: دية كاملة، وقيل: على النصف، والظاهر أن القرآن نكّر الدية للإشارة إلى أنها مال يتفق عليه ويحكم به الحاكم حسب ما يمليه عليه دينه وضميره، ويوافق العصر الذي هو فيه وتزال آثار القتل به، فمن لم يجد رقبة يعتقها فعليه صيام شهرين متتابعين، تطهيرا لنفسه وتكفيرا عن فعلته، ومعنى التتابع أنه إذا أفطر لغير عذر شرعي في أثناء الصوم لم يحسب له ما مضى.
وكان الله عليما بكم حكيما في حكمه.
ومن يقتل مؤمنا عامدا قاصدا قتله بما يقتل غالبا كالرصاص أو الآلة الحادة كالسيف مثلا، فجزاؤه جهنم، خالدا فيها، وغضب الله عليه، وطرده من رحمته وأعد له عذابا عظيما لا يدرى كنهه إلا المنتقم الجبار!! لأنه هدم ما بناه الله بغير حق.
هذا غير القصاص في القتل كما ثبت في آية البقرة وآية المائدة.
وهذا التهديد الشديد والوعيد الكثير المفهوم من الآية جعل بعض الأئمة كابن عباس يقول: ليس للقاتل توبة، وفيه أحاديث صحيحة تثبت ذلك. وقال بعضهم: هذا من التغليظ، وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً «١» يشمل القاتل وقيل: إن هذا الجزاء لمن استحل قتل المؤمن. والله أعلم.

(١) سورة الفرقان آية ٧٠.

صفحة رقم 413
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية