الى رسول الله ﷺ وقال يا رسول الله قد كان من امرى وامر الحارث ما قد علمت وانى لم أشعر بإسلامه حتى قتلته واخرج ابن جرير عن عكرمة قال كان الحارث بن زيد بن عامر بن لوى يعذب عياش بن ابى ربيعة مع ابى جهل ثم خرج الحارث مهاجرا الى النبي ﷺ فلقيه عياش بالحرة فقتله بالسيف وهو يحسب انه كافر ثم جاء الى النبي ﷺ فأخبره فنزلت.
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً الاية واخرج نحوه عن مجاهد والسدى واخرج ابن إسحاق وابو يعلى والحارث بن ابى اسامة وابو مسلم الكحى عن القاسم بن محمد نحوه واخرج ابن ابى حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه ومعنى الاية ما كان لمؤمن من حيث انه مؤمن اى ما وقع له ولا يقع عنه ولا يوجد ولا يحصل على يديه ان يقتل مؤمنا بغير حق فان ذلك من أعظم محظورات دينه وإيمانه مانع عنه فهو اخبار بعدم صدور قتل المؤمن من المؤمن والمقصود منه المبالغة كانه نزل ايمان من قتل مؤمنا متعمدا لكمال نقصانه منزلة العدم وهو المعنى من قوله ﷺ لا يقتل حين يقتل وهو مؤمن رواه البخاري عن ابن عباس مرفوعا وفى الصحاح ان الشيء إذا كان وصفا لازما لشىء قليل الانفكاك عنه يستعمل هناك كان كما فى قوله تعالى كانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً... ، كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً قلت فعلى هذا إذا كان الشيء منفكا عنه غالبا نادر الحصول او عديم الحصول يستعمل هناك ما كان كما فى قوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ مع ان الله تعالى عذبهم يوم أحد بالقتل والهزيمة حين اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا من مخالفة امر النبي ﷺ وقيل هو نفى ومعناه النهى كما فى قوله تعالى ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِلَّا خَطَأً منصوب على الحالية او العلية او المصدرية يعنى كائنا على اىّ حال الا خاطئا او لاجل شىء الا للخطأ او قتلا الا قتلا خطأ فالاستثناء مفرغ وجاز ان يكون استثناء من قوله لمؤمن، لا يقال المختار حينئذ الجرّ مع ان القراء اتفقوا على النصب لان المختار مع الفصل الكثير بين المستثنى والمستثنى منه النصب على الاستثناء صرح به الشهيد ووافقه الرضى وجاز ان يكون الاستثناء منقطعا لان قوله ان يقتل يدل على قتل العمد كما هو شأن الافعال الاختيارية فقتل الخطأ غير داخل فيما سبق والمعنى لكن ان قتله......
خطأ فجزاؤه كذلك وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً اعلم ان القتل نوعان قتل عمد وقتل خطأ وقد ذكرنا تفسير العمد على اختلاف الأقوال وحكمه من القصاص ووجوب المال وكيفية القصاص فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ، بقي الكلام هناك فى انه هل تجب الكفارة فى قتل العمد أم لا فقال ابو حنيفة ومالك لا تجب وقال الشافعي تجب وعن احمد روايتان كالمذهبين قال الشافعي وجبت الكفارة فى القتل خطأ بهذه الاية فتجب بالقتل عمدا بالطريق الاولى وعن واثلة بن الأسقع قال اتينا النبي ﷺ فى صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق لكل عضو منه عضوا منه من النار كذا ذكره الرافعي قلنا الحديث رواه احمد وابو داود والنسائي وابن حبان والحاكم ولفظهم قد استوجب فقط ولم يقولوا النار بالقتل فلا حجة فيه ودلالة النصّ ممنوع لان القتل عمدا كبيرة محضة لا يمكن الطهارة عنه بالكفارة ولو كان كذلك لا نفتح باب القتل عمدا بخلاف الخطأ فانه دائر بين العصيان بترك الحزم وإتيان المباح فيمكن الطهارة منه بامر دائر بين العبادة والعقوبة وهذا هو الفرق بين اليمين الغموس والمنعقدة فى وجوب الكفارة فى الثاني دون الاول عندنا «١» وامّا القتل خطأ فعلى اقسام أحدها شبيه العمد واختلفوا فى تفسيره فقال ابو حنيفة هو القتل عمدا بما ليس موضوعا للقتل وقال ابو يوسف ومحمد هو القتل عمدا بما يلبث غالبا وقال الشافعي هو ضربه عمدا ضربا لا يموت به غالبا فمات فمن ضرب سوطا او سوطين عمدا فمات فهو شبيه العمد بالاتفاق ومن ضرب بسوط صغير ووالى حتى مات فهو عمد عند الشافعي وشبيه بالعمد عند ابى حنيفة وصاحبيه ومن ضرب بحجر عظيم او خشبة عظيمة لا تلبث غالبا فهو عمد عند الكل وشبيه بالعمد عند ابى حنيفة قال ابو حنيفة لا قصاص ولو رماه بابا قبيس وما هو شبيه بالعمد فى النفس فهو عمد فيما دون النفس اجماعا احتج ابو حنيفة بقوله
صلى الله عليه وسلم الا ان قتل الخطأ شبه العمد قتل السوط والعصا وسيأتى وجه الاحتجاج ان السوط والعصا يعم الصغير والكبير قال الجمهور العصا لا يطلق الا على الصغير عرفا والله اعلم، وثانى انواع الخطأ ما اخطأ فى القصد وهو ان يرمى شخصا يظنه صيدا فاذا هو آدمي او حربيّا فاذا هو مسلم وثالثها ما اخطأ فى الفعل وهو ان يرمى غرضا فاصاب مؤمنا، رابعها ما اجرى مجرى الخطأ مثل النّائم ينقلب على رجل مؤمن فقتله خامسها القتل بالتسبيب كحافر بئر وواضع حجر فى غير ملكه وحكم جميع الاقسام المذكورة وجوب الدية على العاقلة اجماعا لانه قتل لم يجب فيه القصاص فوجب الدية تحرّزا عن اهدار دم معصوم وايضا حكم جميعها وجوب الكفارة على القاتل وحرمانه عن الإرث اجماعا الا عند ابى حنيفة فى القتل بالتّسبيب لانه ليس بقتل حقيقة لانه تصرف فى الجثة ولم يوجد وانما وجد التصرف فى محل اخر ووجه قول الجمهور ان الشرع أنزله قاتلا حتى وجبت الدية اجماعا فعموم قوله تعالى وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ يقتضى وجوب الكفارة ايضا كيف ومقتضى الاية ان الدية قد يجب فى القتل وقد لا يجب بخلاف الكفارة فانه يجب لا محالة وايضا الكفارة لدفع الإثم فالقول بوجوب الكفارة على النائم إذا انقلب على رجل فقتله مع انه ﷺ قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى استيقظ الحديث وعدم وجوبها على من حفر بيرا فى غير ملكه ظلما حتى مات بالوقوع فيه مؤمن غير مرضى (مسئلة:) وفى رواية عن ابى حنيفة لا يجب الكفارة فى الشبيه بالعمد ذكر فى الكفاية شرح الهداية انه قال الجرجاني وحدت رواية عن أصحابنا ان الكفارة لا يجب فى شبه العمد، قلت وهذا هو الأظهر لان القصاص انما سقط هناك بشبهة من جهة الآلة واما المعصية فكمالها انما يبتنى على القصد فى قتل المؤمن فاذا كان بالقصد فهو كبيرة محضة بل أقبح من القتل بالسّيف الا ترى انه لا يجوز قتل من وجب قتله بالقصاص الا بالسّيف قال رسول الله ﷺ ان الله كتب الإحسان على كل شىء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد شفرته وليرح ذبيحته رواه احمد ومسلم واصحاب السنن الاربعة من حديث شدّاد بن أوس وقوله تحرير رقبة خبر مبتدا محذوف تقديره فجزاؤه تحرير رقبة واجب على القاتل والتحرير الاعتاق والحر العتيق الكريم من الشيء،......
صفحة رقم 184
قال فى القاموس الحر خيار كل شىء سمى به لان الكرم والخير فى الأحرار والرقبة عبر بها عن النسمة كما عبر عنها بالرأس وتحرير الرقبة يقتضى ان يكون كاملا فى الرقبة فلا يجوز اعتاق أم الولد حيث استحقت العتق ولا يجوز بيعها قال عليه السلام أعتقها ولدها وكذا لا يجوز اعتاق المدبّر عند ابى حنيفة ويجوز عند الشافعي حيث لا يجوز بيعه عند ابى حنيفة ويجوز عند الشافعي ويجوز اعتاق المكاتب ما لم يؤد شيئا عند ابى حنيفة لان الكتابة يحتمل الفسخ برضائهما ولا يجوز عند الشافعي كما لا يجوز عتق من ادى بعض مكاتبته اتفاقا ولا يجوز اعتاق المجنون والأعمى والأخرس والاصمّ الذي لا يسمع أصلا ومقطوع اليدين او الرجلين او يد ورجل من جانب واحد لان فائت جنس المنفعة كالهالكة معنى ويجوز اعتاق مقطوع أحد اليدين واحد الرجلين من خلاف والأعور والأعمش والأبرص والارمد لانه ناقص المنفعة لا فائدة به ويجوز اعتاق العنين والحصى والمجبوب لان منفعة النسل زائد على ما يطلب من المماليك وكذا يجوز اعتاق الامة الرتقاء والقرناء لبقاء منفعة الاستخدام (مسئلة:) يشترط لوجوب الكفارة ان يكون القاتل عاقلا بالغا مسلما لانها عبادة فيشترط لها ما يشترط لسائر العبادات وقال الشافعي لا يشترط شيئا من ذلك قياسا على ضمان الأموال كالدية قلنا هذا قياس مع الفارق (مسئلة:) يشترط للكفارة عند الشافعي رحمه الله الاعتاق باختياره فلو اشترى أباه بنية الكفارة لا يجوز عنده وعند ابى حنيفة يشترط اقتران النية بسبب اختياري موجب للعتق فيجوز عنده إذا نوى الكفارة عند شراء قريبه وكذا إذا وهب له او اوصى له ونوى ولو ورث أباه او ابنه ونوى الكفارة عند ذلك لا يجوز اجماعا مُؤْمِنَةٍ اجمعوا على اشتراط الايمان فى كفّارة القتل بناء على هذا النصّ دون
كفارة اليمين والظهار والصوم لكن يكفى ان يكون محكوما بإسلامها فلو أعتق صغيرا أحد أبويه مسلم جاز وروى ابن المنذر وابن جرير وابن ابى حاتم عن ابن عباس قال يعنى بالمؤمنة من قد عقل الايمان وصام وصلى وكل رقبة فى القران لم تسم مؤمنة؟؟؟
يجوز المولود فما فوقه ممن ليس له امانة، كذا اخرج عبد الرزاق عن قتادة وقال فى حرف أبيّ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لا يجزى فيها صبىّ- وَدِيَةٌ عطف على تحرير رقبة يعنى جزاؤه دية قال فى القاموس الدية بالكسر حق القتيل وهى مجملة فى المقدار ومن يجب عليه بيّنه النبي ﷺ (مسئلة:) يجب الدية على العاقلة والقاتل كاحدهم عند ابى حنيفة وعند الشافعي لا يجب على القاتل شىء منها وهذا يعنى وجوب الدية على العاقلة وان كان غير ظاهر الاستنباط من القران لكنه ثبت بالسنة......
المشهورة والإجماع عن ابى هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما فى بطنها فقضى رسول الله ﷺ ان دية جنينها غرة عبدا ووليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وفى لفظ جعل رسول الله ﷺ دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما فى بطنها وأحاديث الآحاد بمصاعدة الإجماع يقوى قوة الكتاب روى البيهقي من طريق الشافعي انه قال وجدنا عامّا فى اهل العلم ان رسول الله ﷺ قضى فى جناية الحر المسلم على الحرّ خطأ مائة من الإبل على عاقلة الجاني وعامّا فيهم ايضا انها فى ثلاث سنين فى كل سنة ثلثها، وروى البيهقي من طريق ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال من السنة ان تنجم الدية فى ثلاث سنين وممّا حكى عن الشافعي يستفاد الإجماع كذا نقل الترمذي فى جامعه وابن المنذر وروى ابن ابى شيبة وعبد الرزاق والبيهقي من طريق الشعبي عن عمر وهو منقطع ان عمر بن الخطاب جعل الدية الكاملة فى ثلاث سنين وجعل نصف الدية فى سنتين وما دون النصف فى سنة، وكذا روى البيهقي ايضا عن على من رواية يزيد بن ابى حبيب وهو منقطع وفيه ابن لهيعة- (مسئلة) لا يجب على العاقلة ما يجب من المال فى قتل العمد بالصلح او بعفو بعض الورثة او غير ذلك بل فى مال القاتل وايضا لا يجب على العاقلة ما ثبت بإقرار القاتل ولا فى قتل العبد سواء كان العبد قاتلا او مقتولا وكل ذلك فى مال الجاني روى الدار قطنى والطبراني فى مسند الشاميين من حديث عبادة «١» بن الصّامت ان رسول الله ﷺ قال لا تجعلوا على العاقلة من دية المعترف شيئا واسناده واه فيه محمد بن سعيد كذاب والحارث بن نبهان منكر الحديث وروى الدارقطني والبيهقي عن عمر موقوفا العبد والعمد والصلح والاعتراف لا يعقله العاقلة وهو منقطع وفى اسناده عبد الملك بن حسين ضعيف قال البيهقي والمحفوظ عن عامر عن الشعبي من قوله وروى البيهقي عن ابن عباس لا يحمل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما جنى المملوك وفى المؤطا عن الزهري مضت السنة ان العاقلة لا يحمل شيئا من ذلك وروى البيهقي عن ابى الزناد عن الفقهاء من اهل المدينة نحوه، (مسئلة:) العاقلة قبيلته وعصباته عند الشافعي وعند ابى حنيفة اهل ديوانه فان لم يكن من اهل الديوان فقبيلته ويضم الأقرب فالاقرب وللمعتق عاقلة المعتق ولمولى الموالاة مولاه وعاقلة مولاه (مسئلة) لا يزاد على رجل واحد
من العاقلة على اربعة دراهم فى كل سنة عند ابى حنيفة وفى رواية عنه فى ثلاث سنين على اربعة دراهم وقال الشافعي على نصف دينار (مسئلة:) ومن لا عاقلة له فدية مقتوله فى بيت المال، (فصل) فى مقدار الدية (مسئلة) : اجمعوا على ان فى شبيه العمد دية مغلظة وهو الواجب فى العمد إذا سقط القصاص بعارض قال رسول الله ﷺ عقل شبه العمد مغلّظا مثل قتل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك ان ينزو الشيطان بين الناس فيكون رميا فى عميا فى غير فتنة ولا سلاح رواه احمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفى غيرها من انواع الخطاء دية مخففة ولا تغليظ الا فى الإبل توقيفا والدية المغلظة عند ابى حنيفة وابى يوسف مائة من الإبل ارباعا خمس وعشرون بنت مخاض وكذا بنت لبون وكذا حقة وكذا جزعة وعند محمد والشافعي وغيرهما ثلاثون جذعة وثلاثون حقة وأربعون ثنية كلها خلفات فى بطونها أولادها احتج الشافعي ومن معه بحديث عبد الله بن عمرو ان رسول الله ﷺ قال الا انّ دية قتل شبه العمد قتل السّوط والعصا فيه مائة منها أربعون فى بطونها أولادها رواه احمد وابو داؤد والنسائي وصحّحه ابن حبّان وروى الترمذي وابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو من قتل متعمدا سلّم الى اولياء المقتول فان أحبوا قتلوا وان احبّوا أخذوا العقل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين «١» خلفة فى بطونها أولادها وعن عبادة بن الصّامت الا ان فى الدية العظمى مائة من الإبل منها أربعون خلفة فى بطونها أولادها رواه الدارقطني والبيهقي وفى اسناده انقطاع قال ابو حنيفة قال رسول الله ﷺ فى نفس المؤمن مائة من الإبل وكون الناقة ذات حمل فى بطنها ولدها لا يعلم يقينا ولو علمت فالحمل حيوان من وجه وله عرضة الانفصال ففى إيجاب الخلفات الحاملات إيجاب للزيادة على ما قدره الشرع يعنى المائة وهذا استدلال فى مقابلة النصّ والظاهر ان المراد بكونها فى بطنها ولدها صلاحها لذلك والله اعلم (مسئلة:) والدية المخففة من الإبل أخماس فعند ابى حنيفة واحمد عشرون جذعة وعشرون حقة وعشرون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعند مالك والشافعي كذلك لكن ابن لبون مكان ابن مخاض، والحجة لابى حنيفة واحمد ما روى احمد واصحاب السّنن والبزار والدارقطني والبيهقي من حديث حجاج بن ارطاة
عن زيد بن جبير عن حشف بن مالك عن ابن مسعود قال قضى رسول الله ﷺ فى دية الخطأ عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض ذكور وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة واحتج مالك والشافعي بما رواه الدارقطني عن ابى عبيدة ان أباه يعنى ابن مسعود قال دية الخطأ أخماس عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنات مخاض وعشرون بنات لبون وعشرون أبناء لبون ذكور قال الدارقطني هذا اسناد حسن ورواته ثقات وامّا حديث حشف بن مالك فضعيف غير ثابت عند اهل المعرفة بوجوه أحدها انه مخالف لما رواه ابو عبيدة عن أبيه بالسند الصحيح وابو عبيدة اعلم بحديث أبيه ومذهبه من حشف بن مالك وابن مسعود اتقى لربّه وأشحّ على دينه من ان يروى عن رسول الله ﷺ انه قضى يقضاء ويفتى بخلافه قال وحشف رجل مجهول لم ير وعنه الّا زيد بن جبير ثم لا يعلم أحد رواه عن زيد غير الحجاج بن ارطاة وهو رجل مدلس ثم قد رواه عن الحجاج أقوام فاختلفوا عنه، وقال ابن الجوزي يعارض قول الدارقطني هذا ان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه فكيف جاز له ان يسكت عن ذكر هذا وكيف يقال عن الثقة مجهول واشتراط المحدثين ان يروى عنه اثنان لا وجه له وقال الحافظ ابن حجر تعقب البيهقي الدارقطني وقال وهم الدارقطني فيه والجواد قد يغتر قال وقد رايته فى جامع سفيان الثوري عن منصور عن ابراهيم عن عبد الله، وعن ابى اسحق عن علقمة عن عبد الله، وعن عبد الرحمن بن يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن ابى مجلد عن ابى عبيدة عن عبد الله وعند الجميع بنى مخاض والله اعلم، (مسئلة) والدية من الذهب الف دينار ومن الورق اثنا عشر الف درهم عند احمد وقال ابو حنيفة عشرة آلاف درهم وقال الشافعي الأصل الإبل فان عدمت فعلى قولين أحدهما يعدل الى الف دينار او اثنى عشر الف درهم والثاني الى قيمتها حين القبض زائدة وناقصة والدية من الذهب الف دينار يثبت من حديث ابى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وسنذكره وفى المدية من الورق حديث ابن عباس عن النبي ﷺ انه جعل الدية اثنى عشر الفا رواه اصحاب السّنن من حديث عكرمة واختلف فيه على عمرو بن دينار فقال محمد بن مسلمة الطائفي عنه عن عكرمة عن ابن عبّاس عن النبي ﷺ وقال سفيان بن عيينة......
صفحة رقم 188
عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلا كذا رواه عبد الرزاق فى مصنفه قال ابن ابى حاتم عن أبيه المرسل أصح قال ابن حزم هكذا رواه مشاهير اصحاب ابن عينية ووجه قول ابى حنيفة ان الدراهم كان على عهد رسول الله ﷺ وزن ستة وهى الان من زمن عمر وزن سبعة فاثنا عشر الفا على وزن ستة تقارب عشرة آلاف وزن سبعة ووجه قول الشافعي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ان النبي ﷺ كان يقوّم على اهل القرى فاذا غلت رفع فى قيمتها وإذا اهانت نقص من قيمتها رواه الشافعي عن مسلم عن ابن جريج عنه ورواه ابو داود والنسائي من حديث محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه- (مسئلة) لا يثبت الدية الا من هذه الأنواع الثلاثة عند الجمهور وقال ابو يوسف ومحمد واحمد منها ومن البقر مائتا بقرة ومن الغنم ألفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان لحديث عطاء عن جابر بن عبد الله قال فرض رسول الله ﷺ فى الدية على اهل الإبل مائة من الإبل وعلى اهل البقرة مائتى بقرة وعلى اهل الشاة الفى شاة وعلى اهل الحلل مائتى حلية رواه ابو داود وابن الجوزي من طريقه وسكت عن الطعن فيه ورواه ابو داود فى المراسيل عن عطاء قضى رسول الله ﷺ هكذا- (مسئلة:) دية ما دون النفس عامتها مذكور فى حديث ابى بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه ان رسول الله ﷺ كتب الى اهل اليمن وكان
فى كتابه ان من اعتبط «١» مؤمنا قتلا فانه قوديده الا ان يرضى اولياء المقتول وفيه ان الرجل يقتل بالمرأة وفيه فى النفس الدية مائة من الإبل وعلى اهل الذهب الف دينار وفى الالف إذا اوعب جذعة الدية مائة من الإبل وفى الأسنان الدية وفى الشفتين الدية وفى البيضتين الدية وفى الذكر الدية وفى الصلب الدية وفى العينين الدية وفى اليدين مائة من الإبل وفى اليد خمسون وفى الرجلين الدية وفى الرجل الواحد نصف الدية وفى المامومة ثلث الدية وفى الجائفة ثلث الدية وفى المنقلة خمس عشرة من الإبل وفى كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفى السنّ خمس من الإبل رواه النسائي والدارمي وفى رواية مالك فى العين خمسون وفى الموضحة خمس اختلف اهل الحديث فى صحة هذا الحديث قال ابو دلود فى المراسيل قد أسند هذا الحديث ولا يصح وصححه الحاكم وابن حبان والبيهقي ونقل عن احمد انه قال أرجو أن
يكون صحيحا وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الائمة لا من حيث الاسناد بل من حيث الشهرة فقال الشافعي فى رسالته لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم انه كتاب رسول الله ﷺ وقال ابن عبد البر هذا كتاب مشهور عند اهل السير معروف ما فيه عند اهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الاسناد لانه أشبه التواتر فى مجيئه لتلقى الناس له بالقبول والمعرفة وقال الحاكم قد شهد عمر بن عبد العزيز وامام عصره الزهري بالصّحة لهذا الكتاب ثم ساق ذلك بسنده إليهما واخرج عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن المسيّب قضى ابو بكر فى الجائفة إذا أنفذت فى الجوف بثلثي الدية، كذا روى ابن ابى شيبة وروى الدارقطني موقوفا عن زيد بن ثابت فى الهاشمة عشر من الإبل وكذا اخرج عنه عبد الرزاق والبيهقي وروى مرفوعا ولا يصح وروى ابن ابى شيبة والبيهقي عن ابن ابى إسحاق عن مكحول ان النبي ﷺ جعل فى الموضحة خمسا من الإبل ولم يوقت فيما دون ذلك شيئا وروى عبد الرزاق عن شيخ له عن الحسن ان رسول الله ﷺ لم يقض فيما دون الموضحة بشىء ورواه البيهقي عن ابن شهاب وربيعة وابى الزناد وإسحاق بن ابى طلحة مرسلا وجعل رسول الله ﷺ أصابع اليد والرجل سواء وقال الأسنان سواء الثنية والضرس سواء وهذه وهذه سواء رواه ابو داود والبزار بتمامه وابن ماجة مختصرا وابن حبان وفى صحيح البخاري بلفظ هذه وهذه سواء يعنى الخنصر والإبهام ولابى داود والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه بلفظ الأصابع والأسنان سواء فى كل إصبع عشر من الإبل وفى كل سنّ خمس من الإبل وروى ابن ابى شيبة عن ابى خالد عن عوف سمعت شيخا فى زمن الحجاج وهو ابو المهلّب عمّ ابى قال رمى رجل رجلا بحجر فى رأسه فى زمن عمر فذهب سمعه وعقله ولسانه وذكره فلم يقرب النساء فقضى فيه عمر بأربع ديات وهو حىّ (مسئلة) دية المرأة على النصف من دية الرجل نفسا وجرحا وقال الشافعي ما دون الثلث لا ينصف ثم رجع الشافعي عن هذا القول الى قول الجمهور وروى الشافعي عن محمد بن الحسن عن ابى حنيفة عن حماد عن ابراهيم عن عليّ قال عقل المرأة على النصف من عقل الرجل فى النفس وما دونها وروى سعيد بن منصور عن زكريا وغيره عن الشعبي ان عليا كان يقول جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل وكثر وروى البغوي عن على بن الجعد عن......
صفحة رقم 190
شعبة عن الحكم عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال جراحات الرجال والنساء سواء الى الثلث فما زاد فعلى النصف وقال ابن مسعود الا السن والموضحة فانهما سواء وقال علىّ على النصف وروى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن ابراهيم عن عمر انّ الخنصر والإبهام سواء وان جراح الرجال والنساء سواء فى الأسنان والموضحة وما خلى ذلك فعلى النصف كذا روى البيهقي عن سفيان عن جابر عن الشعبي عن شريح قال كتب الىّ عمر فذكر نحوه وروى النسائي من رواية إسماعيل بن عباس عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عقل المرأة كعقل الرجل الى ثلث الدية فاختار مالك قول زيد بن ثابت وعمرو ابن مسعود ومن معهم وقال الشافعي كان مالك يذكر انه السنة وكنت أتابعه عليه وفى نفسى منه شىء ثم ظهر انه، يريد انه سنة اهل المدينة فرجعت عنه وكان قول على أعجبها الى الشعبي واختاره الجمهور لان حال المرأة انقص من حال الرجل ومنفعتها اقل وقد ظهر اثر النقصان فى التنصيف فى النفس اجماعا فكذا فى أطرافها واجزائها اعتبارا بها وبالثلث وما فوقه (مسئلة) دية العبد قيمته ودية الامة قيمتها بالغا ما بلغ عند الشافعي وابى يوسف وكذا عند ابى حنيفة ومحمد غير انهما قالا إذا كان قيمة العبد عشرة آلاف او اكثر والامة خمسة آلاف او اكثر ينقص من كل واحد منهما عشرة دراهم وجراح العبد من قيمته كجراح الحر من ديته، روى
البيهقي عن عمر وعلىّ انهما قالا فى الحر يقتل العبد عليه ثمنه بالغا ما بلغ وروى عبد الرزاق ان عمر جعل فى العبد ثمنه كعقل الحرّ فى ديته وفيه انقطاع وروى ابن ابى شيبة عن على واخرج الشافعي بسند صحيح الى الزهري جراح العبد من قيمته كجراح الحرّ من ديته وجه قول ابى حنيفة انه تعالى قال وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ يعم الحرّ والعبد ولذا تجب الكفارة بقتل العبد فما وجب بقتل العبد خطأ انما هودية وضمان نفسه من حيث الآدمية فلا يجوز ان يكون زائدا او مساويا لدية الحرّ بل يجب ان يكون ناقصا عنه الا ترى ان دية الحرة مع كمال آدميتها ينقص من دية الحرّ فدية العبد وهو آدمي من وجه ومال من وجه اولى ان ينقص ولو غصب عبدا قيمته عشرون الفا وهلك فى يده يجب قيمته بالغا ما بلغت بالإجماع لان ضمان الغصب بمقابلة المالية لا غير- (مسئلة:) إذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه امّا ان تدفعه......
بها او تفديه وقال الشافعي جنايته فى رقبته يباع فيها الا ان يقضى المولى الأرش وفائدة الاختلاف فى اتباع الجاني بعد العتق او المولى قال الشافعي انما يطالب العبد بعد العتق دون المولى وقال ابو حنيفة ان اعتقه بعد العلم بالجناية كان المولى مختارا للفداء وان أعتق قبل العلم بالجناية يجب على المولى الأقل من الأرش والقيمة والله اعلم- مُسَلَّمَةٌ مؤداة إِلى أَهْلِهِ اى اهل المقتول يعنى ورثة يصرفونها مصارف تركته فى تجهيزه وما بقي فى أداء ديونه ثم ما بقي فى إنفاذ وصاياه من الثلث وما زادان شاءوا وما بقي يقسم بين الورثة كسائر المواريث إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا يعنى ان يعفوا الى الورثة او المقتول بعد الجرح قبل ان يموت سمى الله سبحانه العفو صدقة للحثّ عليه والتنبيه على فضله قال رسول الله ﷺ كل معروف صدقة رواه البخاري من حديث جابر ومسلم من حديث حذيفة وايضا فيه حث على ادائه لمن يستنكف عن قبول الصّدقة فانها من أوساخ الأموال استثناء مفرغ متعلق بمحذوف اى واجبة على عاقلته او بمسلّمة وهو فى محل النصب على انه حال من العاقلة او الأهل او على انه ظرف زمان يعنى واجبة على العاقلة كائنين على اىّ حال كانوا الا حال تصدّق ورثة القاتل عليهم او مسلمة الى اهله كائنين على اى حال الا حال تصدّقهم على العاقلة او مسلمة فى كل زمان الأزمان تصدقهم على العاقلة فَإِنْ كانَ القتيل مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ يعنى الكفار والعدو يطلق على الواحد والجمع وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ اى فجزاؤه تحرير رقبة مؤمنة فقط دون الدية قالوا معناه إذا كان الرجل المسلم فى دار الحرب لم يهاجر إلينا بعد إسلامه او هاجر ثم رجع الى دار الحرب مسلما فقتله مسلم خطأ تجب الكفارة بقتله للعصمة المؤثمة بالإسلام ولا يجب الدية لان العصمة المقومة بالدار ولم يوجد ولان العاقلة انما تعقل لتركهم النصرة ولا نصرة لهم فى دار الحرب اخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي انّ رسول الله ﷺ قال من اقام مع المشركين فقد برئت منه الذمّة وقيل المراد منه إذا كان المقتول مسلما فى دار الإسلام وهو من نسب قوم كفار وقرابته فى دار الحرب حرب للمسلمين كما كان الحارث ابن زيد فالواجب فيه تحرير رقبة مؤمنة فقط وليس فيه دية لانه ليس بين قومه وبين المسلمين......
صفحة رقم 192
عهد فلا سبيل لهم للوجوب على المسلمين ولانه لا وراثة بين المسلم والكفار والاوّل أصح لان المقتول إذا لم يكن له وارث فديته يوضع فى بيت المال وعموم الآية يرجّح الأخير وَإِنْ كانَ «١» القتيل مِنْ قَوْمٍ كفّار بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ من المعاهدين واهل الذمة فَدِيَةٌ يعنى فجزاؤه دية واجبة على عاقلة القاتل مُسَلَّمَةٌ مؤداة إِلى أَهْلِهِ اى ورثة المقتول وذا لا يتصوّر الا إذا كان المقتول كافرا ذمّيّا او معاهدا او مسلما كان له وارث مسلم والا فديته توضع فى بيت المال قال فى المدارك فيه دليل على ان دية الذمّى كدية المسلم قلت لا دليل فيه لان الدية لفظ مجمل ورد بيانه من النبي ﷺ مختلفا كما ذكرنا من الاختلاف فى دية الرجل والمرأة والحرّ والعبد فكذا جاز الاختلاف بين دية المسلم والكافر (مسئلة) دية المسلم
والكافر سواء عند ابى حنيفة رحمه الله وقال مالك دية الكافر من اىّ نوع كان ستة آلاف درهم يعنى نصف دية المسلم على قوله وقال الشافعي دية اليهودي والنصراني اربعة آلاف درهم ودية المجوسي وكذا الوثني ثمانى مائة درهم وقال احمد ان كان القتل عمدا فديته على المسلم مثل دية المسلم فى ماله وان كان خطأ فعنه روايتان كقولى مالك والشافعي فى الكتابي واما دية المجوسي والوثني فثمانى مائة درهم، احتج مالك بحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدّه قال خطب رسول الله ﷺ عام الفتح الحديث بطوله وفيه لا يقتل مؤمن بكافر ودية الكافر نصف دية المسلم وفى رواية دية المعاهد نصف دية الحرّ رواه ابو داود وكذا روى الترمذي وقال السيوطي حسن، وروى احمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ بطريقين لفظ أحدهما دية الكافر نصف دية المسلم ولفظ الآخر أن رسول الله ﷺ قضى ان عقل اهل الكتابين نصف عقل المسلم ووجه قول الشافعي فى اهل الكتابين حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ﷺ ثمان مائة دينار او ثمانية آلاف درهم ودية
اهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين قال فكان كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال ان الإبل قد غلت قال ففرضها عمر على اهل الذهب الف دينار وعلى اهل الورق اثنى عشر الف درهم وعلى اهل البقرة مائتى بقرة وعلى اهل الشاء الفى شاة وعلى اهل الحلل مائتى حلة، قال وترك دية اهل الذمّة لم يرفعها فيما رفع من الدية رواه ابو داود وروى الشافعي عن فضيل بن عياص عن منصور بن المعتمر عن ثابت الحداد عن ابن المسيّب ان عمر مضى فى دية اليهودي والنصراني باربعة آلاف درهم وفى دية المجوسي ثمان مائة درهم وكذا روى الدارقطني بسنده عن سعيد بن المسيّب وروى البيهقي من طريق الشافعي عن سفيان عن صدقة ابن بشار قال أرسلنا يعنى صدقة الى سعيد بن المسيب يسئله عن دية المعاهد قال قضى فيه عثمان باربعة آلاف درهم وروى البيهقي والدارقطني عن عمر فى المجوسية اربعمائة درهم وروى ابن حزم فى الإيصال من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن ابى الخير عن عقبة بن عامر ان رسول الله ﷺ قال دية المجوسي ثمانى مائة درهم وكذا اخرج الطحاوي وابن عدى والبيهقي واسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة قال عقبة بن عامر قتل رجل فى خلافة عثمان كليا يصيد لا يعرف مثله فى الكلاب فقوّم ثمانى مائة درهم فالزمه عثمان بتلك القيمة فصار دية المجوسي قيمة الكلب وروى البيهقي من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن ابى حبيب عن ابن شهاب ان عليّا وابن مسعود كانا يقولان فى دية المجوسي ثمانى مائة درهم والحجة لابى حنيفة حديث ابن عمران النبي ﷺ قال دية الذمّى دية المسلم رواه الطبراني فى الأوسط وذكر فى الهداية بلفظ دية كل ذى عهد فى عهده الف دينار قال صاحب الهداية وكذا قضى ابو بكر وعمر قلت اما حديث ابن عمر فرواه الدارقطني ايضا وقال لم يروه عن نافع عن ابن عمر غير ابى بكر القرشي عبد الله بن عبد الملك النهدي وهو متروك وقال هذا الحديث باطل لا اصل له وكذلك قال ابن حبان هذا باطل لا اصل له من كلام رسول الله ﷺ ولا يحل الاحتجاج بابى بكر وروى الدارقطني ايضا حديث اسامة بن زيد ان رسول الله ﷺ جعل دية المعاهد كدية المسلم وقال فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى متروك وروى الدارقطني ايضا حديث ابن عباس قال جعل رسول الله ﷺ دية العامريين دية المسلم قال ابو بكر بن عياش روايه كان لهما عهد قال الدارقطني......
صفحة رقم 194
فيه ابو سعيد سعيد بن المرزبان البقّال قال يحيى ليس بشىء ولا يكتب حديثه وقال القلاس متروك وامّا اثر عمر فروى عبد الرزاق فى مصنفه عن رباح عن عبيد الله عن حميد عن انس انّ يهوديا قتل عيلة فقضى عمر باثنى عشر الف درهم ورباح ضعيف وروى الطحاوي والحاكم من حديث جعفر بن عبد الله بن الحكم ان رفاعة بن اشمول اليهودي قتل بالشام فجعل عمر ديته الف دينار واحمد رحمه الله حمل ما احتج به ابو حنيفة على القتل عمدا وما احتج به غيره على القتل خطأ والله اعلم وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فى مال القاتل ان كان القاتل واجدا للرقبة مالكا لها او قادرا على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلا عن الديون وعن حوائجه الاصلية فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رقبة فَصِيامُ يعنى فالواجب على القاتل فى جميع الصّور المذكورة صيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ فمن أفطر يوما فى خلال الشهرين بلا عذر او نسى النية او نوى صوما اخر وجب عليه الاستيناف اجماعا لاشتراط التتابع وان أفطرت المرأة بحيض فلا استيناف عليها اجماعا ومن أفطر بعذر مرض او سفر يجب عليه الاستيناف عند الجمهور خلافا لاحد قولى الشافعي وهو القديم منه كذا روى ابن ابى حاتم عن مجاهد فان عجز عن الصّوم لا يجزيه الإطعام عند ابى حنيفة ومالك وأصح قولى الشافعي وقال الشافعي فى أحد قوليه واحمد يجزيه قياسا على الظهار كذا روى ابن ابى حاتم عن مجاهد قلنا هو قياس من غير جامع وفى مورد النصّ والمذكور فى الاية كل الواجب تَوْبَةً منصوب على العلية اى شرع ذلك له لكى يتوب الله عليه او على المصدرية اى تاب الله
عليكم توبة او فليتب توبة او على انه بحذف المضاف حال من الصّيام ان جعل فاعلا للظرف ومن ضميره فى الظرف ان جعل مبتدا والمعنى فعليه صيام شهرين والتوبة بمعنى ان الصيام سبب لقبول التوبة ولك ان تجعل النصب على المدح فيكون مدحا للصيام بجعله توبة مِنَ اللَّهِ صفة للتوبة وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بحال من قتل حَكِيماً (٩٢) فيما قدّر والله اعلم قال البغوي ان مقيس بن ضبابة الكندي اسلم هو واخوه هشام فوجد أخاه هشاما قتيلا فى بنى النجار فاتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فارسل رسول الله ﷺ معه رجلا من بنى فهر الى بنى النجار ان رسول الله ﷺ يأمركم ان علمتم قاتل هشام ابن ضبابة ان تدفعوا الى مقيس فيقتصّ منه وان لم تعلموا ان تدفعوا اليه ديته فابلغهم......