آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَلَوْ أَدْخَلْتَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عَلَى الْأَهْلِ لَقُلْتَ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمَةِ الْأَهْلِ، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الظَّالِمُ نَعْتًا لِلْقَرْيَةِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْأَهْلِ، وَالْأَهْلُ مُنْتَسِبُونَ إِلَى الْقَرْيَةِ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْوَصْفِ كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ أَبُوهُ، فَالْقِيَامُ لِلْأَبِ وَقَدْ جَعَلْتَهُ وَصْفًا لِلرَّجُلِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَدْرُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْوَصْفِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ وَالتَّمْيِيزُ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ واللَّه أعلم.
المسألة الثالثة: فِي قَوْلِهِ: وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً قَوْلَانِ: فَالْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُونَ اجْعَلْ عَلَيْنَا رَجُلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُوَالِينَا وَيَقُومُ بِمَصَالِحِنَا وَيَحْفَظُ عَلَيْنَا دِينَنَا وَشَرْعَنَا، فَأَجَابَ اللَّه تَعَالَى دُعَاءَهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ جَعَلَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ أَمِيرًا لَهُمْ، فَكَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَانَ النَّصِيرُ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ، وَكَانَ عَتَّابٌ يُنْصِفُ الضَّعِيفَ مِنَ الْقَوِيِّ وَالذَّلِيلَ مِنَ الْعَزِيزِ. الثَّانِي: الْمُرَادُ: وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وِلَايَةً وَنُصْرَةً، والحاصل كن أنت لنا وليا وناصرا.
[سورة النساء (٤) : آية ٧٦]
الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (٧٦)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ وُجُوبَ الْجِهَادِ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِصُورَةِ الْجِهَادِ. بَلِ الْعِبْرَةُ بِالْقَصْدِ وَالدَّاعِي، فَالْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُونَ لِغَرَضِ نُصْرَةِ دِينِ اللَّه وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ، وَالْكَافِرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطاغوت، وهذه الآية كالدلالة عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ غَرَضُهُ فِي فِعْلِهِ رِضَا غَيْرِ اللَّه فَهُوَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ وَهِيَ أَنَّ الْقِتَالَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه: أَوْ فِي سَبِيلِ/ الطَّاغُوتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا سِوَى اللَّه طَاغُوتًا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْمُقَاتِلِينَ فِي سَبِيلِ اللَّه بِأَنْ يُقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، وَبَيَّنَ أَنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا، لِأَنَّ اللَّه يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ، وَالشَّيْطَانُ يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ نُصْرَةَ الشَّيْطَانِ، لِأَوْلِيَائِهِ أَضْعَفُ مِنْ نُصْرَةِ اللَّه لِأَوْلِيَائِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالدِّينِ يَبْقَى ذِكْرُهُمُ الْجَمِيلُ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَإِنْ كَانُوا حَالَ حَيَاتِهِمْ فِي غَايَةِ الْفَقْرِ وَالذِّلَّةِ، وَأَمَّا الْمُلُوكُ وَالْجَبَابِرَةُ فَإِذَا مَاتُوا انْقَرَضَ أَثَرُهُمْ وَلَا يَبْقَى فِي الدُّنْيَا رَسْمُهُمْ وَلَا ظُلْمُهُمْ، وَالْكَيْدُ السَّعْيُ فِي فَسَادِ الْحَالِ عَلَى جِهَةِ الِاحْتِيَالِ عَلَيْهِ يُقَالُ: كَادَهُ يَكِيدُهُ إِذَا سَعَى فِي إِيقَاعِ الضَّرَرِ عَلَى جِهَةِ الْحِيلَةِ عَلَيْهِ وَفَائِدَةُ إِدْخَالِ كانَ فِي قَوْلِهِ: كانَ ضَعِيفاً لِلتَّأْكِيدِ لِضَعْفِ كَيْدِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ مُنْذُ كَانَ كَانَ موصوفا بالضعف والذلة.
[سورة النساء (٤) : آية ٧٧]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧)
[فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ إلى قوله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ صِفَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْمُنَافِقِينَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ،
قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالْمِقْدَادِ وَقُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَلْقَوْنَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَذًى شَدِيدًا فَيَشْكُونَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

صفحة رقم 142

وَيَقُولُونَ: ائْذَنْ لَنَا فِي قِتَالِهِمْ وَيَقُولُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنِّي لَمْ أُومَرْ بِقِتَالِهِمْ، وَاشْتَغِلُوا بِإِقَامَةِ دِينِكُمْ/ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأُمِرُوا بِقِتَالِهِمْ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَةَ.
وَاحْتَجَّ الذَّاهِبُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِينَ يَحْتَاجُ الرَّسُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: كُفُّوا عَنِ الْقِتَالِ هُمُ الرَّاغِبُونَ فِي الْقِتَالِ، وَالرَّاغِبُونَ فِي الْقِتَالِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَازِلَةٌ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّا مُؤْمِنُونَ وَأَنَّا نُرِيدُ قِتَالَ الْكُفَّارِ وَمُحَارَبَتَهُمْ، فَلَمَّا أَمَرَ اللَّه بِقِتَالِهِمُ الْكُفَّارَ أَحْجَمَ الْمُنَافِقُونَ عَنْهُ وَظَهَرَ مِنْهُمْ خِلَافُ مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ نَازِلَةٌ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ، وَاحْتَجَّ الذَّاهِبُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أُمُورٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْمُنَافِقِينَ. فَالْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي وَصْفِهِمْ: يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً [النساء: ٧٧] وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْمُنَافِقِ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَوْفُهُ مِنَ النَّاسِ أَزْيَدَ مِنْ خَوْفِهِ مِنَ اللَّه تَعَالَى. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ، وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى اللَّه لَيْسَ إِلَّا مِنْ صِفَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَهَذَا الْكَلَامُ يُذْكَرُ مَعَ مَنْ كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِي الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ رَغْبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ حُبَّ الْحَيَاةِ وَالنُّفْرَةَ عَنِ الْقَتْلِ مِنْ لَوَازِمِ الطِّبَاعِ، فَالْخَشْيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُمْ: لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّمَنِّي لِتَخْفِيفِ التكليف لا على وجه الإنكار لا يجاب اللَّه تَعَالَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ مَذْكُورٌ لَا لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُنْكِرِينَ لِذَلِكَ، بَلْ لِأَجْلِ إِسْمَاعِ اللَّه لَهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مِمَّا يُهَوِّنُ عَلَى الْقَلْبِ أَمْرَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَحِينَئِذٍ يَزُولُ مِنْ قَلْبِهِمْ نُفْرَةُ الْقِتَالِ وَحُبُّ الْحَيَاةِ وَيُقْدِمُونَ عَلَى الْجِهَادِ بِقَلْبٍ قَوِيٍّ، فَهَذَا مَا فِي تَقْرِيرِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ واللَّه أَعْلَمُ، وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء: ٧٨] وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُنَافِقِينَ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِي تَفْسِيرِهَا ثُمَّ الْمَعْطُوفُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِمْ فِيهِمْ أَيْضًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ إِيجَابَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى إِيجَابِ الْجِهَادِ، وَهَذَا هُوَ التَّرْتِيبُ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي الْعُقُولِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّعْظِيمِ لِأَمْرِ اللَّه، وَالزَّكَاةَ عِبَارَةٌ عَنِ الشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّه، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْجِهَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: كَخَشْيَةِ اللَّهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً يُوهِمُ الشَّكَّ، وَذَلِكَ عَلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ مُحَالٌ. وَفِيهِ وُجُوهٌ مِنَ التَّأْوِيلِ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِبْهَامُ عَلَى الْمُخَاطَبِ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَلَى إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ مِنَ الْمُسَاوَاةِ وَالشِّدَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ خَوْفَيْنِ فَأَحَدُهُمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخَرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَنْقَصَ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ أَزْيَدَ فَبَيَّنَ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ خَوْفَهُمْ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ أَنْقَصَ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنَ اللَّه، بَلْ بَقِيَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا أَوْ أَزْيَدَ، فَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ تَعَالَى شَاكًّا فِيهِ، بَلْ يُوجِبُ إِبْقَاءَ الْإِبْهَامِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَلَى الْمُخَاطَبِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ «أو»

صفحة رقم 143
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية