
وقوله تعالى: ﴿بِالْآخِرَةِ﴾ قال ابن عباس: يريد بالآخرة في هذا الموضع الجنة كأن المعنى يختارون الجنة على البقاء في الدنيا فيُجاهدون طلبًا للشهادة والقتل في سبيل الله (١).
وقال أهل المعاني: تقدير الآية يشترون الحياة الدنيا بالحياة الآخرة. كأنه قيل: يبيعون الحياة الفانية بالحياة الباقية، فالآخرة صفة محذوفة الموصوف (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ﴾ فيستشهد ﴿أَوْ يَغْلِبْ﴾ فيظفر. قاله الكلبي (٣).
وقال ابن عباس: يريد كلاهما سواء (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ قال ابن عباس: يريد ثوابًا لا صفة له (٥).
٧٥ - قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية. قال المفسرون: هذا حض من الله تعالى على الجهاد في سبيله؛ لاستنقاذ المؤمنين من أيدي أعدائهم (٦)، والمعنى: أيُّ شيء لكم تاركين القتال (٧)؟
(١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٨٩
(٢) لم أقف عليه.
(٣) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٨٩.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ص ٨٩
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ص ٨٩.
(٦) انظر الطبري ٥/ ١٦٧ - ١٦٨، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٦ ب، والقرطبي ٥/ ٢٧٩.
(٧) "معاني الزجاج" ٢/ ٧٧، وانظر: الطبري ٥/ ١٦٧.

أي: أي شيء لكم في ما لو ترك القتال، مع هذه الأمور التي تقتضي الحرص على الجهاد؟ وهي قوله: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ﴾ الآية (١)، أي لا عذر لكم فيه.
قال أبو إسحاق: و ﴿لَا تُقَاتِلُونَ﴾ في موضع نصب على الحال، كقوله: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٩] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾. قال ابن عباس: يريد قومًا بمكة استضعفوا، فحبسوا وعذبوا (٣).
قال: وكنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان (٤).
وقال الكلبي: كان هؤلاء بمكة يلقون من المشركين أذًى شديدًا، وكان أهل مكة قد اجتهدوا أن يفتنوا قومًا من المؤمنين عن دينهم بالأذى لهم، وكانوا مستضعفين في أيديهم، لم يكن لهم بمكة قوة يمتنعون بها من المشركين، ولم يقدروا أن يهاجروا إلى المدينة (٥).
واختلفوا في وجه خفض المستضعفين، فذكر المبرِّد فيه وجهين: أحدهما: أن يكون عطفًا على السبيل، المعنى: ما لكم لا تقاتلون في سبيل
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٧، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٤، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٠٢.
(٣) أخرجه بنحوه من طريق العوفي: الطبري ٥/ ١٦٩، وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٢٨.
(٤) أخرجه عن ابن عباس: البخاري (٤٥٨٧) كتاب التفسير، باب: قوله ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه﴾ الآية، لكن بدون لفظ: "من النساء والولدان".
(٥) هو بمعنى الأثر المتقدم عن ابن عباس، ومر تخريجه، وأخرج الطبري ٥/ ١٦٩ نحوه عن ابن زيد. وروي عن الضحاك، انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ١٣٣، "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨. ولم أقف عليه عن الكلبي.

الله وسبيل المستضعفين (١). ثم اختار الوجه الأول، قال: لأنَّ القوم خرجوا إلى القتال في سبيل الله وخلاص المستضعفين، لا إلى القتال في سبيل المستضعفين؛ لأن القتال في سبيل الله أن يقاتل رجاء ثواب الله في طاعة الله، ولا يجوز القتال في سبيل المستضعفين على هذا المعنى، وإذا كان كذلك فالأولى أن يكون العطف على ما عملت فيه (في) (٢).
وذكر أبو إسحاق هذا وأشار إلى نحو ما ذكرنا فقال: وقول أكثر النحويين كما اختار أبو العباس، لاختلاف السبيلين؛ لأن معنى سبيل المستضعفين كأنه: وخلاص المستضعفين، وإذا اختلف معنى السبيلين فالاختيار الأول. والوجه الثاني عند أبي إسحاق أشبه بالمعنى؛ لأن سبيل المستضعفين في سبيل الله، على معنى أن خلاصهم من سبيل الله (٣).
وأما التفسير: فقال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: معناه عن المستضعفين (٤). وكذلك قاله مجاهد (٥) ومقاتل (٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٧، ٧٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٤، "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٠٣، "زاد المسير" ٢/ ١٣٢.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧١.
(٤) "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ أ. وأخرج الطبري ٥/ ١٦٨ من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: "وفي المستضعفين".
(٥) عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية: "أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفي المؤمنين" تفسيره ١/ ١٦٥، وأخرجه الطبري ٥/ ١٦٨ وهذا رأي الحسن أيضًا. انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٣٩٩.
(٦) "تفسيره" ١/ ٣٨٩.

وقال أصحاب العربية: قولهم: (عن المستضعفين) معنى، وليس بتفسير للفظ، وذلك أن المراد بالقتال صرف الأذى عنهم، فيعود التأويل إلى ما ذكرنا أن التفسير: في سبيل الله وسبيل المستضعفين.
والولدان جمع الولد، ونظيره مما جاء على فعل وفعلان خرب وخربان (١) وورل وورلان (٢)، كذلك ولد وولدان (٣).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ أخبر الله تعالى أن هؤلاء لما صدوا عن الهجرة كانوا يدعون الله تعالى ويقولون: ربنا أخرجنا.
قال ابن عباس: يريد إلى دار الهجرة وهي المدينة (٤).
﴿مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ يريدون مكة، في قول جميع المفسرين (٥).
﴿الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ قال ابن عباس: يريد أنهم جعلوا لله شركًا (٦) (٧).
قال الفراء: وخفض الظالم لأنه نعت للأهل، فلما عاد الأهل على
(٢) "الورل": دابة مثل الضبّ، والجمع: ورلان "الصحاح" ٥/ ١٨٤١ (ورل) وجاءت في "التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٢: "ورك ووركان" بالكاف، ولعله تصحيف.
(٣) انظر: "أساس البلاغة" ص ٥٢٦ (ولد)، "التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٢، "الدر المصون" ٤/ ٣٨.
(٤) أورده المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٦٢٠ دون نسبة لابن عباس، ولم أقف عليه.
(٥) الطبري ٥/ ١٦٨، "معاني الزجاج" ٢/ ٧٧، "النكت والعيون" ٥٠٦، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ أ، "زاد المسير" ٢/ ١٣٢.
(٦) هكذا جاءت بالتنوين، وفي "الوسيط" ٢/ ٦٢٠: "شركاء" بالمد.
(٧) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠، وقد أورده المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٦٢٠ دون نسبة لابن عباس.

القرية كانت فعل ما أضيف إليها بمنزلة فعلها، كما تقول: مررت بالرجل الواسعة داره، ومررت برجل حسنة عينه (١).
وقال أبو إسحاق: ﴿الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ نعت للقرية، وحدد الظالم لأنه صفة تقع موقع الفعل، يقال: مررت بالقرية الصالح أهلها: أي التي صلح أهلها (٢).
وهذه مسألة محتاج فيها إلى شرح وبيان، والنحويون يسمُّون ما كان من مثل هذا الصفة المشبهة باسم الفاعل، والأصل في هذا الباب أنك إذا أدخلت الألف واللام في الأخير أجريته على الأول في تذكيره وتأنيثه وعدده، نحو قولك: مررت بامرأة حسنة الزوج كريمة الأب، ومررت برجل جميل الجارية. وإذا لم تُدخل اللام في الأخير حملته على الثاني في التذكير والتأنيث والعدد، كقولك: مررت بامرأة كريم زوجها، ومن هذا قوله: ﴿مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾، ولو أدخلت الألف واللام على الأهل لقلت: من هذه القرية الظالمة الأهل (٣)، ومما أجري على الأول لما لم يكن في الثاني الألف واللام قول طرفة:
ومكان زَعِلٍ ظُلْمانه | كالمخاض الجُرْب في اليوم المطر (٤) |
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٧.
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ١٩٤ - ٢١٠، "التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٣، "الدر المصون" ٤/ ٣٩.
(٤) ديوان طرفة ص ٤٢، و"العين" ١/ ٣٥٥، ٤/ ٢٢٩، و"تهذيب اللغة" (خدر) و"مقاييس اللغة" (زعل)، و"أساس البلاغة" (خدر)، و"الشعر والشعراء" ص ١٩٠، وأشعار الشعراء الستة الجاهليين اختيار الشنتمري ٢/ ٦٧. لكن قافيته فيهما: "الخدر" وأوله: "وبلاد" بدل: (ومكان) وجاء في شرحهما: "بلاد". رب بلاد، وزعل:=

ولو كان في الثانية والألف واللام لقال: زعلة الظلمان.
وإنما جاز أن يكون الظالم نعتًا للقرية، وهو من صفة أهلها، لأن الأهم قد يوصف بصفةٍ لسببه، كقولك: مررت برجل قائم أبوه، فالقيام للأب، وقد أجريته صفة للرجل، وكذلك: مررت برجل حسنة أمه، وإنما نعت بفعل سببه لأنه يخصه، ويُخرجه من إبهام إلى تخصيص، كما يُخرجه فعله المحض، فلما ساوى فعل سببه فعله نعت به، فقوله: من القرية الظالم نعت للقرية (١).
والهاء في ﴿أَهْلُهَا﴾ يرجع إلى القرية (٢)، والأهل فاعل الظلم (٣)، ولذلك ارتفع، فإن ثنيت القرية أو جمعته لم يتغير لفظ الظالم؛ لأن الأهل واحد في اللفظ، والظالم بمنزلة فعل مقدم، والفعل إذا كان مقدمًا على الفاعل لم يثنَّ ولم يُجمع (٤)، ولهذا لم يؤنث الظالم؛ لأن الفعل إنما يؤنث إذا كان فاعله مؤنثًا، ولما كان فاعل الظلم مذكرًا لم يلحقه علامة التأنيث (٥).
(١) انظر: الطبري ٥/ ١٦٨، "معاني الزجاج" ٢/ ٧٧، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٤٣، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ أ.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ١٦٨.
(٣) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٧٧، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٤٣، "الدر المصون" ٤/ ٣٨.
(٤) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٠٣، "الكشاف" ١/ ٢٨١.
(٥) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٨١، "التفسير الكيبر" ١٠/ ١٨٢، "الدر المصون" ٤/ ٣٨.

وقوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾. قال ابن عباس: يريد ولّ علينا رجلاً من المؤمنين (يوالينا) (١) على عدونا ويقوم بشرائعك وحدودك (٢).
وقال الكلبي: واجعل لنا من لدنك وليًا في ديننا، يعنون النبي - ﷺ - (٣)
وقال بعضهم: الولي ههنا القيم بالأمر لهم حتى يستنقذهم من أيدي أعدائهم؛ لأنه يتولى الأمر بنفسه ولا يكله إلى غيره (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٧٥]. قال ابن عباس: يريد ينصرنا على عدوك وعدونا (٥).
وقال الكلبي: يريد مانعًا يمنعنا من المشركين (٦).
وقال الزجاج: أي تولنا بنصرك (٧).
قال الكلبي: فلما فتحت مكة جعل الله لهم النبي - ﷺ - وليًّا (٨).
وقال ابن عباس: فاستجاب الله دعاءهم، وولى عليهم رسول الله عتَّاب بن أسيد (٩)، فكان عتاب يُنصف الضعيف من الشديد، والمظلوم من
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠.
(٤) انظر القرطبي ٥/ ٢٨٠.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٧.
(٨) "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ ب، وتنوير المقباس بهامش المصحف ص ٩٠.
(٩) هو أبو عبد الرحمن عتاب بن أسيد بن أبي العيمر الأموي. أسلم يوم الفتح، =

الظالم، وأعانهم (...) (١). فكانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك (٢).
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٦]. قال ابن عباس: يريد في طاعة الله (٣) وتأويل ذلك أنها تُؤدي إلى ثواب الله في جنته التي أعدها لأوليائه، فلذلك سُميت طاعة الله: سبيل الله.
وقيل: معنى ﴿في سَبِيلِ اَللَّهِ﴾: في دين الله الذي شرعه ليؤدي إلى ثوابه ورحمته، فيكون التقدير على هذا: في نصرة دين الله (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال ابن عباس: يعني المشركون واليهود والنصارى (٥).
﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ قال: يريد في طاعة الشيطان (٦).
(١) كلمة غير واضحة.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" ٢/ ٤٥١: أورده العقيلي في ترجمة هشام بن محمد بن السائب الكلبي بسنده إليه عن أميه عن أبي صالح عن ابن عباس. اهـ وأورده السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨ عن الكلبي، والثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ أدون نسبة، وذكره عن ابن عباس ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ١٣٣، والرازي في "التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٣، والأثر في "تنوير المقباس" بهامش المصحف" ص (٩٠).
(٣) ذكر في "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨)، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ أ، والقرطبي ٥/ ٢٨٠ غير منسوب لابن عباس، ولم أقف عليه عنه.
(٤) انظر: الطبري ٥/ ١٦٩، "الوسيط" ٢/ ٦٢٢.
(٥) في "تنوير المقباس": بهامش المصحف ص ٩٠: " أبو سفيان وأصحابه".
(٦) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠.

والطاغوت ههنا الشيطان في قول ابن عباس والحسن والشعبي (١)، والدليل على صحة ذلك قوله في هذه الآية: ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ﴾.
قال ابن عباس: يريد عبدة الأصنام (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ معنى الكيد السعي في فساد الحال على جهة الاحتيال، يقال: كاده يكيده كيدًا، إذا عمل في إيقاع الضرر به على جهة الحيلة عليه (٣).
وأما معنى ضعف كيد الشيطان، فقال ابن عباس: يعني خذلانه إياهم يوم بدر، قتلوا ببدر (٤).
وقال أصحاب المعاني: إنما وصف كيده بالضَّعف لضعف نُصرته لأوليائه بالإضافة إلى نصرة الله للمؤمنين (٥).
وقال الحسن: لما أخبر الله عن ضعف كيد الشيطان دلَّ ذلك على أنه يُظهر المؤمنين على أولياء الشيطان. فكأنه قيل: فقاتلوا أولياء الشيطان فإنكم منصورون عليهم. هذا معنى قول الحسن (٦).
(٢) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص (٩٠) بلفظ: "جند الشيطان". وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٦٨، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ ب، "معالم التنزيل" ٢/ ٢٥٠.
(٣) انظر: الطبري ٥/ ١٦٩ - ١٧٠، "الصحاح" ٢/ ٥٣٣ (كيد)، "بحر العلوم" ١/ ٣٦٩ "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ ب.
(٤) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠.
(٥) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٨١، " التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٤.
(٦) انظر: "تفسير كتاب الله العزيز" للهواري ١/ ٤٠٠.