آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ تَهْدِيدٌ لِلرِّجَالِ إِذَا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْكَبِيرَ وَلِيُّهُنَّ وَهُوَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُنَّ وَبَغَى عَلَيْهِنَّ.
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (٣٥) ﴾
ذَكَرَ [تَعَالَى] (١) الْحَالَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ إِذَا كَانَ النُّفُورُ وَالنُّشُوزُ مِنَ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَالَ الثَّانِيَ وَهُوَ: إِذَا كَانَ النُّفُورُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾
قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَنْبِ ثِقَةٍ، يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمَا، وَيَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنْ تَفَاقَمَ أَمَرُهُمَا وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمَا، بَعَثَ الْحَاكِمُ ثِقَةً مَنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، وَثِقَةً مِنْ قَوْمِ الرَّجُلِ، لِيَجْتَمِعَا وَيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا، وَيَفْعَلَا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِمَّا يَرَيَانِهِ مِنَ التَّفْرِيقِ أَوِ التَّوْفِيقِ (٢) وتَشَوف الشَّارِعُ إِلَى التَّوْفِيقِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلًا صَالِحًا مَنْ أَهْلِ الرَّجُلِ، وَرَجُلًا مِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، فَيَنْظُرَانِ أَيُّهُمَا الْمُسِيءُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُسِيءُ، حَجَبُوا عَنْهُ امْرَأَتَهُ وَقَصَرُوهُ عَلَى النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسِيئَةُ، قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجِهَا وَمَنَعُوهَا النَّفَقَةَ. فَإِنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرَّقَا أَوْ يُجْمَعَا، فَأَمْرُهُمَا جَائِزٌ. فَإِنْ رَأَيَا أَنْ يُجْمَعَا، فَرَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْآخَرُ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ الَّذِي رَضِيَ يَرِثُ الَّذِي كَرِهَ وَلَا يَرِثُ الْكَارِهُ الرَّاضِي. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ حَكَمَيْنِ، قَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا: إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُجْمَعا جُمِعْتُما، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرَّقا فُرَّقْتما (٣).
وَقَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَقيل بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّج فَاطِمَةَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ: تَصِيرُ إليَّ (٤) وَأُنْفِقُ عَلَيْكَ. فَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ قَالَ: عَلَى يَسَارِكِ فِي النَّارِ إِذَا دَخَلْتِ. فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَجَاءَتْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ (٥) فَضَحِكَ وَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لأفرِّقَن بَيْنَهُمَا. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا كُنْتُ لِأُفَرِّقَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. فَأَتَيَاهُمَا فَوَجَدَاهُمَا قَدْ أَغْلَقَا عَلَيْهِمَا أَبْوَابَهُمَا فَرَجَعَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيَّا وَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَام مِنَ النَّاسِ، فَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ حَكَمًا وَهَؤُلَاءِ حَكَمًا، فَقَالَ عَلِيٌّ للحَكَمَين: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنَّ عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُجْمَعَا، جُمِعْتُمَا. فَقَالَتِ المرأة: رضيت

(١) زيادة من أ.
(٢) في د، ر: من التوفيق أو التفريق.
(٣) في أ: "فقرقا".
(٤) في د، ر: "لي".
(٥) في د، ر: "فذكرت ذلك له".

صفحة رقم 296
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية