
بَعْضٍ} من الأمور الدنيوية؛ كالجاه والمال، فلعلَّ عدمَه خيرٌ؛ أي: لا يحسدْ أحدٌ أحدًا على ما آتاه الله تعالى؛ فإنه:
﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ فلا يعاقَبُ أحدٌ إلا بعمله، ولا يُجازى أحد (١) إلا به، فنهى الله عن التمني؛ لما فيه من دواعي الحسد.
﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: رزقه. قرأ ابن كثيرٍ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (وَسَلُوا الله) و (سَلْهُمْ) (فَسَلِ الَّذِينَ) وشبهَه إذا كان أمرًا مواجَهًا به، وقبلَ السينِ واو أو فاء: بغير همزٍ، ونقل حركة الهمز إلى السين، والباقون: بسكون السين مهموزًا (٢).
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ فهو يعلمُ ما يستحقُّه كلُّ إنسانٍ فيفضِّلُ عن علمٍ وتبيان. يسكتُ حمزةُ في (شَيْءٌ) و (شَيْءٍ) و (شَيْئًا) حيثُ وقعَ.
﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)﴾.
[٣٣] ﴿وَلِكُلٍّ﴾ أي: لكلِّ مالٍ.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٣٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٦)، و"تفسير البغوي" (١/ ٥١٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ١٢٨).

﴿جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ أي: وُرَّاثًا، جمعُ مولى، وهو من يواليك.
﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ أي: ولكلِّ تركةٍ جعلنا ورّاثًا يلونها ويحرزونها.
﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي: عاهدت أيديكم. قرأ عاصمٌ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (عَقَدَتْ) بغير ألف (١)؛ أي: عقدَتْ لهم أيمانكم، والمعاقدةُ: المحالفة، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يتحالفون، فيكون للحليف السدسُ من مال الحليف، وكان ذلك ثابتًا في ابتداء الإسلام، فذلك قوله تعالى:
﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ أي: حظَّهم من الميراث، ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦].
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ أي: عالمًا، وهو تهديدٌ على من منعَ نصيبهم.
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤)﴾.