
ألم تسأل الأنفى يوم يسوقني... ويزعم أني مبطل القول كاذبه
أحاول إعناتي بما قال أم رجا... ليضحك مني أو ليضحك صاحبه
والكلام: رجا أن يضحك مني. ولا يجوز: ظننت لتقوم. وذلك أن (أن) التي تدخل مع الظن تكون مع الماضي من الفعل. فتقول: أظن (أن قد) «١» قام زَيْدُ، ومع المستقبل، فتقول: أظن أن سيقوم زَيْدُ، ومع الاسماء فتقول: أظن أنك قائم. فلم تجعل اللام فِي موضعها ولا كي فِي موضعها إذ لم تطلب المستقبل وحده.
وكلما رَأَيْت (أن) تصلح مع المستقبل والماضي فلا تدخلن عليها كي ولا اللام.
وقوله: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً... (٣٠)
وتقرأ: نصليه «٢»، وهما لغتان، وقد قرئتا، من صليت وأصليت. وكأن صليت: تصليه على النار، وكأن أصليت: جعلته يصلاها.
وقوله: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (٣١) ومدخلا «٣»، وكذلك: أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ «٤» وإدخال صدق. ومن قال: مدخلا ومخرجا ومنزلا فكأنه بناه «٥» على: أدخلنى دخول صدق
(٢) هى قراءة الأعمش والنخعىّ على ما فى البحر ٣/ ٢٣٣، وقراءة حميد بن قيس، على ما فى القرطبي ٥/ ٢٥٣.
(٣) وهى قراءة نافع وأبى جعفر. والضم قراءة أبى عمرو وأكثر الكوفيين.
(٤) آية ٨٠ سورة الإسراء.
(٥) يريد أنه مصدر جاء على الفعل الثلاثي المفهوم من الرباعي.

وأخرجني خروج صدق. وقد يكون إذا كان مفتوحا أن يراد به المنزل بعينه كما قال: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً «١» ولو فتحت الميم كانت كالدار والبيت. وربما فتحت العرب الميم منه، ولا يقال فِي الفعل منه إلا أفعلت. من ذلك قوله:
بمصبح الحمد وحيث يمسى «٢» وقال الآخر «٣» :
الحمد لله ممسانا ومصبحنا... بالخير صبحنا ربي ومسانا
وأنشدني المفضل.
وأعددت للحرب وثابة... جواد المحثة والمرود «٤»
فهذا مما لا يبنى على فعلت، وإنما يبنى على أرودت. فلما ظهرت الواو فِي المرود «٥» ظهرت فى المرود كما قَالُوا: مصبح وبناؤه أصبحت لا غير.
وقوله: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ (٣٢) ليس هذا بنهي محرم إنما هُوَ من اللَّه أدب. وإنما قَالَتْ أم سلمة وغيرها:
ليتنا كُنَّا رجالا فجاهدنا وغزونا وكان لنا مثل أجر الرجال، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى
(٢) «يمسى» كذا فى ش، ج، واللسان (صبح). وفى الطبري: «نمسى».
(٣) هو أمية بن أبى الصلت. وانظر الخزانة ١/ ١٢٠.
(٤) هذا من قصيدة لامرئ القيس. ويريد بالوثابة فرسا. وجواد المحثة أي سريعة إذا استحثثتها فى السير. وكذلك هى جواد عند المرود، أي عند الرفق بها، فهى جواد فى كل أحوالها. والمرود من أرود فى السير إذا رفق ولم يعنف. وقد روى بضم الميم وفتحها وانظر اللسان (رود).
(٥) كذا فى ش، ج. يريد أن المرود- بضم الميم- المبنى على أرود صحت الواو فيه حملا على فعله، فصحت أيضا فى المرود- بفتح الميم- لحمله على المضموم. وقد يكون: «أرود».