آيات من القرآن الكريم

۞ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ

ما يحرم من النسب " فإذا أرضعت المرأة غلاماً بم يتزوج شيئاً من أولادها إلا ما ولدت قبل الرضاع لا بعده، وجائز أن يتزوج إخوته من أولاد المرأة إن شاءوا. وكذلك إن أرضعته جارية لم يحل لها أن تتزوج أحداً من أولادها، ولأخواتها أن يتزوجن أولاد المرأة المرضعة إن شاؤوا.
وكره الحسن وعكرمة أن يتزوج الرجل (امرأة رجل وابنته من غير المرأة ويجمع بينهما، وكل الفقهاء على جوازه.
وكره طاوس أن ينكح الرجل) المرأة وينكح ابنه ابنتها إذا كانت ولدتها بعد وطء الأب لها (وكل الفقهاء على جوازه، فإن كانت ولدتها قبل وطء الأب لها) فلم يكرهه أحد.
قوله: ﴿والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾ الآية.

صفحة رقم 1277

قال مالك في قوله ﴿إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾: هن السبايا ذوات الأزواج، أي: وطؤهن جائز لكم يعني لهن أزواج بأرض الشرك أحلهن الله لنا، يعني بعد الاستبراء والمحصنات هنا ذوات الأزواج وقوله ﴿إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾ يريد به إلا ما ملكت من ذوات الأزواج التي فرق بينهن وبين أزواجهن السباء.
قال ابن عباس: وطء كل ذات زوج زنا إلا ما سبي، وكذلك قال ابن زيد وابو قلابة ومكحول والزهري.
فالمعنى: حرمت عليكم النساء اللواتي أحصنهن الأزواج إلا ما ملكت أَيْمانكم من ذوات الأزواج السبايا فإنه حلال لكم، ونزل ذلك في سبي (أصاب) المسلمون بأوطاس لهن أزواج فكرهوا أن يقعوا عليه ولهن أزواج، فسألوا النبي ﷺ عن ذلك فنزلت ﴿إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾ من السبايا ولهن أزواج في بلد الشرك، وإنهنَّ حلال لكم يعني: بعد الاستبراء. وقال آخرون: المعنى في ﴿إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾ أي: وطئهن جائز لكم يعني بعد الاستبراء، إن الله حرم نكاح المحصنات بالأزواج، واستثنى ملك اليمين، وهي المملوكة، ذوات الزوج يبيعها مولاها سيكون بيعها طلاقها

صفحة رقم 1278

وتحل للمشتري.
قال ابن عباس وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله: بيع المملوكة طلاقها.
وقال أبو العالية " والمحصنات هنا العفائف التي أحصنهن عفافهن، وهو مردود إلى أول السورة، والمعنى عنده ﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء مثنى وثلاث ورباع﴾ [النساء: ٣] ثم حرم ما حرم من النسب والصهر، ثم قال: (والمحصنات من النساء) أي: إنهن حرام إلا بصداق وولي وشهود، ويجب على هذا القول نصب المحصنات لأنه عطف على مَثْنَى وما بعده.
وقال ابن جبير وعطاء: ﴿والمحصنات مِنَ النسآء﴾ حرم الله المحصنات فوق الأربع مع تحريم القرابة المذكورة.
وقيل المعنى: ﴿إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أيمانكم﴾ بنكاح أو ملك، فحرم الله ذوات الأزواج من النساء ما حرم قبله من ذوي الأرحام، واستثنى ما ملكت اليمين بعقد نكاح صحيح أو بثمن، قال ذلك مجاهد، وقيل: المحصنات: الحرائر، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنهـ: إن الآية نزلت في نساء مهاجرات قدمن المدينة، فتزوجهن بعض

صفحة رقم 1279

المسلمين، ثم قدم أزواجهن مهاجرين، فنُهِيَ المسلمون عن نكاحهن.
وروي أن ابن عباس كان يتوقف في تفسير هذه الآية، قال ابن جبير: كان ابن عباس لا يعلمها.
وروي عن مجاهد أنه قال: لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت إ'ليه أكباد الإبل يعني ﴿والمحصنات مِنَ النسآء﴾.
والإحصان: يكون بالحرية كقوله ﴿والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ [المائدة: ٥] يريد الحرائر من أهل الكتاب ويكون بالإسلام كقوله: ﴿فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بفاحشة﴾ [النساء: ٢٥] على قراءة من فتح الهمزة يريد أسلمن، ويكون بالعفة كقوله:
﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ [النور: ٤]، يريد العفائف، ويكون بالزوج.
والفائدة في قوله: ﴿مِنَ النسآء﴾ أن المحصنات يقع على معنى: والأنفس المحصنات فيكون للرجال والنساء، فبين أنه للنساء بقوله ﴿مِنَ النسآء﴾ دليل ذلك أنه قال: ﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ فلولا أنه يراد به الأنفس المحصنات لم يحد من قذف رجلاً بالنص على ما ذكرنا.

صفحة رقم 1280

قوله ﴿كتاب الله عَلَيْكُمْ﴾ نصب: كتاب (الله) عليكم: المصدر عند سيبويه، لأنه لما قال ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ على أنه كتب ذلك، فالمعنى كتب الله عليكم ذلك كتاباً، وقيل نصبه على الإغراء أي: الزموا كتاب الله، وهذا قول ضعيف مردود، وهو قول الكوفيين لأن عليكم هو الذي يقوم مقام الفعل في الإغراء، وهو لا ينصرف ولا يجوز تقديم المفعول عليه عند أحد، لا يجوز زيد عليك، ونصبه عند بعض الطوفيين على الحال كأنه قال: كتاب الله عليكم.
ومعنى ﴿كتاب الله عَلَيْكُمْ﴾ قال عطاء والنخعي هو الأربع لا يزيد عليهن، وقاله السدي، وقال ابن زيد: معناه أمر الله عليكم، يريد ما حرم الله من هؤلاء وما أحل لهم، وقرأ ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾ الآية.
ومن فتح الهمزة، فلقرب اسم الله تعالى من الفعل، فأسنده إليه، فتقديره كتاب الله ذلك عليكم، وأحل لكم. ومن ضم فإنه أجراه على أول الآية، لأنه جرى على ترك

صفحة رقم 1281

تسمية الفاعل وهو قوله ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ فأجرى التحليل على لفظ التحريم لتسابق الألفاظ ولئلا تختلف، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا، ومعنى ﴿مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾ ما دون الخمس ﴿أَن تَبْتَغُواْ بأموالكم﴾، على وجه النكاح، وقال السدي: ما دون الأربع وقال عطاء: ﴿مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾ ما وراء القرابة التي قد حرمت عليكم أن تبتغوا بأموالكم: المحصنات من الحرائر الأربع والمماليك.
وقال قتادة ﴿مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾؛ ما ملكت يمينكم "
وقال الطبري: بين الله لنا المحرمات بالنسب والصهر، ثم أخبرنا أنه قد أحل لنا ما وراء هؤلاء المحرمات في هاتين الآيتين بأن نبتغيهما بأموالنا نكاحاً، وملك يمين لا سفاحاً، وقد أعلمنا أن ما زاد على أربع حرام، وما كان من الإماء ذوات الأزواج حرام ما لم ينتقل الملك.
قوله: ﴿مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مسافحين﴾ معناه: أعفَّاء غير مزانين والسفاح: الزنا، والإحصان هنا العفاف، وقال مجاهد: محصنين متناكحين.

صفحة رقم 1282

قوله: ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾: يقول: فالشيء الذي استمتعتم به من النساء فأعطوهنّ أجورهنّ أي صدقاتهم فريضة معلومة، وقال ابن عباس: معناها إذا نكح الرجل المرأة مرة واحدة فقد وجب الصداق، فالمعنى فأي شيء استمتعتم به، وإن قلّ فآتوهنّ أجورهن أي صدقاتهنّ والاستمتاع النكاح، وقاله: الحسن ومجاهد.
وقال السدي: وغير الاستمتاع هنا أن يتزوّجها إلى أجلٍ مسمّى بإذن وليّها، ويشهد شاهدين، فإذا تمّ الأجل أمر أن يدفع إليها ما شرط لها، وليس له عليها سبيل وتعتد، ولا ميراث بينهما.
وسئل ابن عباس عن متعة النساء فقال: أما تقرؤون فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى فقيل له لو قرأناها هكذا لكان الأمر على ذلك. فقال: فإنها كذلك.
وفي قراءة أبي زيادة: إلى أجل مسمى، وكذلك ابن جبير.
وقالت عائشة رضي الله عنها كانت المتعة حلالاً، ثم نسخ الله ذلك بالقرآن، وروي ذلك

صفحة رقم 1283

عن ابن عباس وهو قول ابن المسيب والقاسم وسالم وعروة. قال ابن عباس: نسخها ﴿يا أيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١].
وقال ابن المسيب: نسخت المتعة بآية الميراث يعني: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أزواجكم﴾ [النساء: ١٢] لأن المتعة كانت لا ميراث بها.
وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت حرم الله المتعة بقوله ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: ٥ والمعارج: ٢٩]. وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معلوم، وشرط (ألا) طلاق بينهما، ولا ميراث ولا عدة.
[وقال أبو عبيدة: نسخت المتعة بالقرآن والسنة لأن النبي ﷺ حرم المتعة يوم الفتح وغيره.

صفحة رقم 1284

ومن قال: إن المعنى إذا تزوجتم المرأة، فنكحتموها ولو مرة واحدة] فأعطوها صداقها، فهي عنده محكمة لا نسخ فيه، والتقدير: فما استمتعتم به من الدخول بالمرأة فلها الصداق كاملاً فأعطوها إياه، ودل على ذلك قوله ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تراضيتم بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة﴾ أي: إن وهبت لك النصف، أو ما كان فلا جناح، وإن وهبت لها النصف، فأعطيتها الكل، ولم تدخل بها فلا جناج.
وقيل: المعنى: إن أدركتم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تراضيتم بِهِ﴾.
وقيل المعنى: لا جناح عليكم إذا تم الأجل الذي اشترطتم في الاستمتاع أن يزدنكم في الأجل، وتزيدهن في الأجر قبل أن يستبرئن أرحامهن، وهو منسوخ. وقال السدي: إن شاء أرضاها بعد الفريضة بأجرة، ثم تقيم معه إلى الوقت الذي يتراضون أيضاً عليه، وهو منسوخ. وقيل: المعنى: لا جناح عليكم فيما وصعه نساؤكم عنكم من صدقاتهن بعد الفريضة.

صفحة رقم 1285
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية