آيات من القرآن الكريم

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

ومن يفعلها من النساء فاطلبوا أربعة من الرجال يشهدون عليهن، والخطاب للأمة كلها لأن هذا مرض عام يفت في عضد الأمة، فإن شهدوا عليهن فأمسكوهن في البيوت فإنهن جرثومة الفساد، وداء إذا تفشى أهلك الأمم والأفراد حتى يتوفى أرواحهن ملك الموت ويقبضها، أو يجعل الله لهن سبيلا بأن يتزوجن ويقلعن، وقيل: هو الحد عن هذا الداء الحقير ولا يكون ذلك إلا من الله وتوفيقه.
واللذان يأتيان الفاحشة من الزاني والزانية غير المحصنين فآذوهما بالتأديب والتوبيخ، فإن تابا وأصلحا حالهما وأعرضا عن هذا العمل المشين فأعرضوا عنهما وكفوا الأذى، إن الله كان توابا يقبل التوبة من عباده ويعفوا عن السيئات رحيما بعباده.
وفي هاتين الآيتين رأيان: رأى الجمهور القائل: إن الفاحشة هي الزنا خاصة، فالآيات الأولى في المحصنات من النساء، أى المتزوجات، والآية الثانية في الأبكار، ولذا كان عقابهن خفيفا.. والآيتان منسوختان بالحد المفروض في سورة النور من الرجم والجلد وهو المراد بالسبيل الذي جعله الله للنساء المحبوسات في البيوت.
وعن أبى مسلم أن الآية الأولى في المساحقات التي تحصل بين النساء، والثانية في اللواط، وعلى هذا فلا نسخ، وقد قال بذلك مجاهد، والله أعلم.
متى يقبل الله التوبة [سورة النساء (٤) : الآيات ١٧ الى ١٨]
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨)

صفحة رقم 348

المفردات:
السُّوءَ: العمل القبيح الذي يسوء فاعله، فيشمل الصغائر والكبائر.
بِجَهالَةٍ المراد بها: الجهل والسفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل، لا عدم العلم، وذلك يكون عند ثورة الشهوة أو الغضب، وكل من عصى الله فهو جاهل.
أَعْتَدْنا: هيأنا وأعددنا.
المعنى:
إنما قبول التوبة والغفران واجب على الله لسابق وعده الكريم فقد كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة الأنعام آية ٥٤].
قبول التوبة متحقق للذين يعملون المعصية ويلمون بها ولم يصروا عليها لأنهم فعلوها بدافع الهوى والشيطان، حتى إذا ما ثابوا لأنفسهم ورجعوا لعقولهم أدركوا خطأهم وأنبوا أنفسهم وتابوا إلى الله توبة نصوحا هؤلاء هم الذين يعملون السوء، أى: المعصية الواحدة التي لم تكرر حتى تصير سيئات- كما في الصنف الثاني- في ثورة الجهل والسفه، والغضب، حتى إذا زالت تلك الحال تابوا من قريب، أى: بعد وقوعها بسرعة، فأولئك يتوب الله عليهم.
والله الذي أوجب قبول التوبة على نفسه عليم بخلقه إذ إن النفس الإنسانية قد تشذ ويغويها الشيطان فتقع في المعصية، فلولا باب التوبة ليئس الناس وظلوا على حالهم، وهو الحكيم في صنعه- سبحانه وتعالى-.
وليست توبة الذين يعملون السوء بعد السوء حتى تصير لهم سيئات وسيئات مقبولة عند الله، وذلك أن المعصية تجعل في القلب نكتة سوداء. بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون من المعاصي، هؤلاء لا تقبل توبتهم، وكيف تقبل وهم يظلون على عملهم سادرين في غيهم؟ حتى إذا أدركهم الموت وساعته تابوا عند العجز عن المعصية والخوف من العقاب.

صفحة رقم 349
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية