
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله﴾ الاستنكاف: التكبر مَعَ الأنفة، وَمَعْنَاهُ: لن يأنف الْمَسِيح أَن يكون عبدا ﴿وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون﴾ وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة من ذهب إِلَى تَفْضِيل الْمَلَائِكَة على الْبشر؛ لِأَن الله تَعَالَى ارْتقى من عِيسَى إِلَى الْمَلَائِكَة، وَلَيْسَ فِي الْآيَة مستدل، وَإِنَّمَا قَالَ: (وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون) [لَا] لِامْتِنَاع مكانهم ومقامهم على مقَام الْبشر، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك على مَا عِنْد النَّصَارَى،
صفحة رقم 506
﴿فسيحشرهم إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢) فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فيوفيهم أُجُورهم ويزيدهم من فَضله وَأما الَّذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذَابا أَلِيمًا وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا (١٧٣) يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا (١٧٤) فَأَما الَّذين آمنُوا بِاللَّه واعتصموا بِهِ فسيدخلهم فِي رَحْمَة مِنْهُ وَفضل ويهديهم إِلَيْهِ صراطا مُسْتَقِيمًا (١٧٥) يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك وَهُوَ يَرِثهَا إِن لم يكن لَهَا ولد﴾ وَلَعَلَّه كَانَ عِنْدهم أَن الْمَلَائِكَة أفضل من الْبشر، فَقَالَ ذَلِك على مَا فِي زعمهم.
وَقَوله: ﴿وَمن يستنكف عَن عِبَادَته ويستكبر فسيحشرهم إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾ الْفرق بَين الاستنكاف والاستكبار: أَن الاستنكاف هُوَ التكبر مَعَ الأنفة، والاستكبار: هُوَ الغلو، والتكبر من غير أَنَفَة.