آيات من القرآن الكريم

وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ

حَكَمًا عَدْلًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، وَيَهْلَكُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ»، وَقَالَ أَبُو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، قبل موت عيسى ابن مَرْيَمَ، ثُمَّ يُعِيدُهَا أَبُو هُرَيْرَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَرَوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ كِنَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَمُوتُ كِتَابِيٌّ حَتَّى يُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب إلّا ليؤمنن بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ، يَعْنِي: عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْهِمْ شَهِيداً أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَهُمْ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَأَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ [الْمَائِدَةِ: ١١٧] وَكُلُّ نَبِيٍّ شَاهِدٌ عَلَى أُمَّتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) [النساء: ٤١].
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ نَقْضِهِمُ الْمِيثَاقَ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَبُهْتَانِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ، وَقَوْلِهِمْ: إِنَّا قَتَلَنَا الْمَسِيحَ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ، وَهِيَ مَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، فَقَالَ: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ، وَنَظْمُ الْآيَةِ: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادَوْا وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَبِصَدِّهِمْ، وَبِصَرْفِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَغَيْرَهُمْ، عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً، أَيْ: عَنْ دِينِ الله صدا كثيرا.
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٦١ الى ١٦٢]
وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (١٦٢)
وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ، فِي التَّوْرَاةِ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ، مِنَ الرِّشَا فِي الْحُكْمِ، وَالْمَآكِلُ الَّتِي يُصِيبُونَهَا مِنْ عَوَامِّهِمْ، عَاقَبْنَاهُمْ بِأَنْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ، فَكَانُوا كُلَّمَا ارْتَكَبُوا كَبِيرَةً حُرِّمَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنَ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي كَانَتْ حَلَالًا لَهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ [الْأَنْعَامِ: ١٤٦]، وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ، يَعْنِي: لَيْسَ كُلُّ أَهْلِ الْكِتَابِ بهذه الصفة، لكِنِ الرَّاسِخُونَ

الجزية، ويهلك الله فِي زَمَانِهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا إِلَّا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، وتقع الأسنة في الأرض، حتى ترتع الأسد مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات، لا تضرهم، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ صلوات الله عليه»، صححه الحاكم ٢/ ٥٩٥ ووافقه الذهبي وإسناده حسن، فيه عبد الرحمن بن آدم صدوق روى له مسلم، وباقي الإسناد على شرطهما. وليس فيه «وقال أبو هريرة:
اقرؤوا....»
.
- وورد مختصرا إلى قوله «ويفيض حتى لا يقبله أحد» عند البخاري ٢٢٢٢ و٢٤٧٦ و٣٤٤٨ ومسلم ١٥٥ والترمذي ٢٢٣٣ وعبد الرزاق ٢٠٨٤٠ وابن ماجه ٤٠٧٨ وأحمد ٢/ ٢٤٠ و٥٣٧ وابن حبان ٦٨١٦ و٦٨١٨ وابن مندة في «الإيمان» (٤٠٧) والطحاوي في «المشكل» (١٠٣ و١٠٤) وأبو القاسم في البغوي في «الجعديات» (٢٩٧٣) والبغوي في «شرح السنة» (٤١٧٠).

صفحة رقم 720

البالغون [١] في العلم منهم أولو البصائر، وَأَرَادَ بِهِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ، يَعْنِي: الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، يَعْنِي: سَائِرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ، اخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ انْتِصَابِهِ، فَحُكِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَبَانَ بْنِ عثمان: أنه غلط من الكاتب ينبغي أن يكتب و «المقيمون الصَّلَاةَ» وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ [الْمَائِدَةِ: ٦٩]، وَقَوْلُهُ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: ٦٣] قَالُوا: ذَلِكَ خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ [٢]. وَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ فِي الْمُصْحَفِ لَحْنًا سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تُغَيِّرُهُ؟ فَقَالَ: دَعَوْهُ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا [٣].
وَعَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، قِيلَ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَدْحِ، وَقِيلَ:
نصب على إضمار فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: أَعْنِي الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَهُمُ الْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَقِيلَ: مَوْضِعُهُ خَفْضٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَمِنَ الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ، وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ يُؤْمِنُونَ بِمَا أَنْزِلَ إِلَيْكَ وَإِلَى الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ رُجُوعٌ إِلَى النَّسَقِ الْأَوَّلِ، وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً، قَرَأَ حَمْزَةُ سَيُؤْتِيهِمْ بِالْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بالنون.

(١) في المطبوع وحده «المبالغون».
(٢) خبر عائشة منكر. أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص (١٦٠- ١٦١) والطبري ١٠٨٤٣ من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه عنها، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن في رواية أبي معاوية، عن هشام اضطراب إلى عائشة، أبو معاوية هو محمد بن خازم، ويحمل هذا على اجتهاد من عائشة رضي الله عنها، والجمهور على خلافه، وهذا إن ثبت عنها ذلك، وهو شاذ بل منكر، وخبر أبان بن عثمان أخرجه الطبري ١٠٨٤٢ وعلقه أبو عبيد ص ١٦١- ١٦٢ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ الزبير قال: قلت لأبان بن عثمان بن عفان.... فذكره. وإن ثبت عن أبان فهو رأي، وهو مطّرح ليس بشيء. [.....]
(٣) لا يصح مثل هذا عن عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه. أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص (١٥٩- ١٦٠) ح ٢٠/ ٤٩ وابن أبي داود في «المصاحف» ص (٤٢) كلاهما عن الزبير بن خرّيت، عن عكرمة، وهذا مرسل، فهو ضعيف، وأخرجه ابن أبي داود ص ٤١ عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي، وهذا معضل مع جهالة القرشي هذا، وكرره من وجه آخر، عن قتادة، وهو مرسل ومع إرساله فيه من لم يسمّ، وكرره ص ٤١- ٤٢ من وجه آخر عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، عن عبد الله بن خطيم، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنِ عثمان به، وهذا إسناد ضعيف لجهالة بن خطيم هذا، وهذه الروايات جميعا واهية لا تقوم بها حجة وهذا الخبر باطل لا أصل له عن عثمان، والذي صح في ذلك ما أخرجه البخاري ٤٩٨٤ عن الزهري، عن أنس، قال: فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا» وهو بعض حديث اختصره البخاري في هذه الرواية، وكرره ٤٩٨٧ عن أنس، عن حذيفة بن اليمان فذكر حديثه، وفيه «وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا....» فهذا الذي صح عن عثمان رضي لله عنه، وهو يدفع ما تقدم ويبطله، فإن عثمان بن عفان قد اختار ثلاثة من قريش وهم أفصح العرب، وأمر زيدا أن يكتب بلغتهم- أي لغة قريش- كل ما اختلفوا فيه، فإذا عثمان لم يترك شيئا لمن بعده من العرب، وهل هناك أفصح من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آنذاك أم هل يخفى لحن على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويسكتون على ذلك، وقد كان أبي بن كعب يقوم فيهم رمضان وهم متوافرون؟!.

صفحة رقم 721
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية