
قوله تعالى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ﴾ : فيه وجهان، أحدُهما: أنه معطوف على «ما» في قوله: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ فيكونُ متعلقاً بما تعلق به الأول. الثاني: أنه عطفٌ على «بكفرهم» الذي بعد «طبع» وقد أوضح الزمخشري ذلك غايةَ الإِيضاح، واعترض وأجابَ بأحسنِ جواب، فقال: «فإنْ قلت: علامَ عَطَفَ قولَه» وبكفرهم «؟ قلت: الوجهُ أن يُعْطَفَ على» فبما نقضِهم «ويُجْعَلَ قولُه:» ﴿بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ كلاماً يَتْبع قوله: ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ على وجهِ الاستطراد، ويجوز عطفُه على ما يله من قوله «بكفرِهم» فإنْ قلت: فما معنى المجيءِ بالكفر معطوفاً على ما فيه ذِكْرُه؟ سواءً عطف على ما قبل الإِضراب، أو على ما بعده، وهو قوله: {وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ
صفحة رقم 144
الله} وقوله «بكفرهم» قلت: قد تكرر منهم الكفر؛ لأنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمدٍ، فعطف بعضَ كفرِهم على بعض، أو عَطَف مجموعَ المطعوفِ على مجموعِ المعطوف عليه، كأنه قيل: فبجمعهم بين نقضِ الميثاقِ، والكفر بآيات الله، وقتلِ الأنبياء، وقولِهم: قلوبنا غلف، وجمعِهم بين كفرهم وبُهْتِهِم مريمَ وافتخارِهم بقتل عيسى عاقبناهم، أو بل طبع الله عليها بكفرِهم وجمعِهم بين كفرهم كذا وكذا «.
قوله: ﴿بُهْتَاناً﴾ في نصبِه خمسةُ أوجه، أظهرُها: أنه مفعول به، فإنه مُضَمَّنٌ معنى» كلام «نحو: قلت خطبة وشعراً. الثاني: أنه منصوبٌ على نوع المصدر كقولهم:» قَعَد القرفصاء «يعني أن القول يكون بُهتاناً وغيرَ بهتان. الثالث: أن ينتصبَ نعتاً لمصدر محذوف أي: قولاً بُهتاناً، وهو قريبُ من معنى الأول الرابع: أنه منصوبٌ بفعل مقدرٍ من لفظه أي: بَهَتوا بُهْتاناً. الخامس: أنه حال من الضمير المجرور في قولهم أي: مباهتين، وجازَ مجيء الحال من المضاف إليه لأنه فاعل معنًى، والتقدير: وبأن قالوا ذلك مباهتين.