آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

ثم قال: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ يقول: وليخش على أولاد الميت الضياع، كما أنكم لو تركتم أولاداً ذُرِّيَّةً ضِعافاً يقول: عجزة صغار، يعني الذي يحضره الموت لا يقال له قدم لنفسك وأوص بكذا وكذا حتى يوصي بعامة ماله، فليخش على ذرية الميت كما يخشى على ذرية نفسه. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا حضر الرجل الوصية، فلا ينبغي أن يقول له أوص بمالك فإن الله تعالى رازق أولادك ولكن يقول: له قدم لنفسك واترك لولدك فذلك قوله تعالى: خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يعني: يقول للميت قولاً عدلاً، وهو أن يلقنه لا إله إلا الله ولا يأمره بذلك، ولكن يقول ذلك في نفسه حتى يسمعه منه ويتلقن. وهكذا قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إله إلاَّ الله». ولم يقل مروهم بذلك، لأنه لو أمر بذلك فلعله يغضب ويجحد. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً يعني بغير حق إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً أي حراماً، لأن الحرام يوجب النار، فسماه الله باسمها ويقال: إنه يلقم من النار إذا صار إلى جهنم، فذلك قوله تعالى: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً. وروي في الخبر عن رسول الله ﷺ أنه قال في بعض قصة المعراج أنه قال: «رَأَيْتُ أَقْوَاماً بُطُونُهُمْ كَالحُبَالَى فِيهَا الحَيَّاتُ وَالعَقَارِبُ، فَقُلْتُ: مَنْ هؤلاء يَا جِبْرِيلُ؟
قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارا، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً أي سيدخلونها في الآخرة. قرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر (وسيصلون) بضم الياء على فعل ما لم يسم فاعله. وقرأ الباقون النصب، وهذا كقوله: سيدخلون. وسيدخلون وقال القتبي في قوله: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ معناه: وليخش الذين يكفلون اليتامى، وليفعل بهم ما يحب أن يفعل بولده من بعده.
[سورة النساء (٤) : الآيات ١١ الى ١٤]
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)

صفحة رقم 284

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ أي يبين الله لكم ميراث أولادكم كما بيّن قسمة المواريث، يعني: إذا مات الرجل أو المرأة وترك أولاداً ذكوراً وإناثاً، يكون لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يعني لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم. وروى ابن أبي نجيح عن عطاء قال: كان ابن عباس يقول: كان الميراث للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للوالدين لكل واحد منهما السدس، وللمرأة الثمن أو الربع، وللزوج النصف أو الربع. ثم قال تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ يعني إذا ترك الميت بناتاً ولم يترك أبناء، فللبنات إن كن اثنتين فصاعداً فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ من الميراث، ولم يذكر في الآية حكم البنتين، ولكن أجمع المسلمون ما خلا رواية عن ابن عباس أنه قال:
للاثنتين النصف، كما كان للواحدة وللثلاث بنات الثلثان وأما سائر الصحابة فقد قالوا: إن للاثنتين الثلثين، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هاتان ابنتا سعد وقد قتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالاً، ولا تنكحان إلا ولهما مال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَيَقْضِي الله ذلك» فأنزل الله تعالى آية الميراث، فبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلم إلى عمهما وقال: «أَعْطِ لابْنَتَيْ سَعْدٍ الثّلثَيْنِ وَأَعْطِ أمَّهُمَا الثُّمُنَ وَالبَاقِي لَكَ».
ثم قال تعالى: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ يعني: إن ترك الميت بنتاً واحدة فلها النصف من الميراث، والباقي للعصبة بالخبر. قرأ نافع: (وإن كانت واحدة) بالرفع على اسم كانت وقرأ الباقون بالنصب على معنى الخبر ويكون الاسم فيه مضمراً. ثم قال تعالى:
وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ الميت من المال وإِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ذكر أو أنثى

صفحة رقم 285

أو ولد الابن فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ للميت وَلَدٌ ولا ولد ابن وَوَرِثَهُ أَبَواهُ يعني: إن لم يكن للميت وارث سوى الأبوين فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ يعني للأم ثلث المال والباقي للأب. قرأ حمزة والكسائي: (فلإمه) بكسر الألف لكسر ما قبله، وقرأ الباقون بالضم. ثم قال تعالى: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ يعني: إذا كان للميت إخوة، وقد اتفق أصحاب رسول الله ﷺ أن اسم الإخوة يقع على الاثنين فصاعداً، إلا في قول ابن عباس ثلاثة فصاعداً، واتفقوا أن الذكور والإناث فيه سواء، فيكون للأم السدس والباقي للأب مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يعني: أن قسمة المواريث من بعد وصية يُوصِي بِها الميت أَوْ دَيْنٍ يعني بعد قضاء الدين وإنفاذ الوصية.
وروى الحارث عن علي رضي الله عنه قال: قضى رسول الله ﷺ بالدين قبل الوصية، وأنتم تقرؤون مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ يعني أن في الآية تقديماً وتأخيراً، وروي عن ابن عباس هكذا. قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم (يوصى بها) على فعل ما لم يسم فاعله. وقرأ الباقون يُوصِي بِها يعني الميت إن كان يوصي بها أو عليه دين.
ثم قال تعالى: آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً يعني في الآخرة، إذا كان أحدهما أرفع درجة من الآخر يسأل الله تعالى حتى يرفع إليه الآخر لتقر عينه به فقال: لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً يعني أيهم أرفع درجة، فيلتحق به صاحبه. ويقال: معناه أن الله علمكم قسمة المواريث، وأنكم لا تدرون أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً حتى تعطوه حصته، ويقال لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ موتاً فيرث منه الآخر. ثم قال تعالى: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ يعني بيان قسمة المواريث من الله تعالى، ويقال: القسمة فريضة من الله تعالى، لا يجوز تغييرها عما أمر الله به.
ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بالمواريث حَكِيماً حكم قسمتها وبيّنها لأهلها. وقال الزجاج: معناه وكان الله عليماً بالأشياء قبل خلقها، حكيماً فيما يقرر بتدبيره منها. وقال بعضهم:
لأن الله تعالى لم يزل، ولا يزال فالخبر منه بالماضي كالخبر منه بالاستقبال. وقال سيبويه: كأن القوم شاهدوا علماً وحكماً، فقيل لهم: إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً كذلك، لم يزل على ما شاهدتم.
ثم قال تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إذا ماتت المرأة فتركت زوجاً، فللزوج النصف إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ذكراً أو أنثى أو ولد ابن فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ أو ولد ابن فللزوج الربع فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مما تركت المرأة مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ.
ثم قال: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ يعني إذا مات الزوج وترك امرأة فللمرأة الربع إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ولا ولد ابن فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فإن كان للميت ولد وولد ابن فَلَهُنَّ الثُّمُنُ سواء كان له امرأة واحدة أو أربع نسوة فلهن الربع بغير ولد، والثمن مع الولد أو مع ولد الابن، لأنه قال: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ فجعل حصتهن الربع أو الثمن. ثم قال: مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ.

صفحة رقم 286
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية