آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

ألا ما أحسن كلامك يا خالق الخلق!! وما أحكم دستورك يا إله السماء والأرض، ارجعوا إلى القرآن واعملوا بما فيه فهو الخير ومنه الشفاء وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «١».
وعلاج لمرض آخر وهو أن النفس الإنسانية كثيرا ما تتحامل على اليتيم وتقسو عليه فذكّرنا بشيء يهز القلب ويحرك المشاعر. تذكروا أنكم مفارقون أولادكم واخشوا ترك ذرية ضعفاء كزغب القطا لا حول لها ولا قوة، فاتقوا الله وقولوا قولا سديدا يوافق الدين وتذكّروا أنه
كما تدين تدان
، ثم ختم الكلام بهذا التهديد الشديد، إن الذين يأكلون أموال اليتامى ويأخذونها بأى طريق إنما يأكلون في بطونهم ما به يدخلون النار وسيحرقون بنار مسعرة وقودها الناس والحجارة، وقانا الله منها.
آيات المواريث [سورة النساء (٤) : الآيات ١١ الى ١٤]
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١) وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)

(١) سورة الإسراء آية ٨٢.

صفحة رقم 342

المفردات:
يُوصِيكُمُ الوصية: ما تعهد به إلى غيرك من العمل في المستقبل، تقول: سافر

صفحة رقم 343

فلان إلى بلد كذا وأوصيته بأن يحضر لي شيئا. حَظِّ: نصيب. كَلالَةً الكلالة: مصدر كلّ يكل كلالا، وهو من الإعياء، ثم استعمل في القرابة البعيدة غير قرابة الأصول والفروع، رجل ذو كلالة ليس له والد ولا ولد، وعلى هذا أكثر الصحابة.
حُدُودُ اللَّهِ: جمع حدّ وهو المنع، وأحكام الله مانعة من الوقوع في المعصية.
مُهِينٌ: ذو إهانة وذل.
سبب النزول:
جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله: هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان إلا ولهما مال. فقال: يقضى الله في ذلك، فنزلت آية المواريث، فأرسل رسول الله إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثّمن وما بقي فهو لكم «١»
، وهذه أول تركة قسمت في الإسلام.
وهذا نظام المواريث في الحكم الإسلامى الذي يفتخر به المسلمون، وقد أصبح قاعدة عامة للمواريث في العالم- إن لم يكن هو المصدر الأول لأحدث الدساتير- ولولا العصبية الممقوتة عند غير المسلمين لأخذوه كله فإنه نظام من حكيم عليم، والآيات تتضمن حقوق الأولاد ذكورا وإناثا (الفروع)، وحقوق الأصول كالأب والأم، وحقوق الزوجية وحقوق الإخوة لأم. أما الإخوة لأب فحكمهم سيأتى في آخر السورة.
ولأن الأولاد أحق بالعطف والمعونة ولأن الأصول قد يكون لهم حق واجب على غير المتوفى، أو لهم قدرة على الكسب، ولقلة ما بقي من عمرهما بدأ بالفروع وكان لهم نصيب كبير.
يوصيكم الله وصية لمصلحتكم- أيها المخاطبون والمكلفون- من المسلمين لأنهم هم الذين يقسمون التركات، ولمبدأ تكافل الأمة وأنها كالجسد الواحد، يوصيكم الله في شأن أولادكم أن يأخذوا من تركة أبيهم، وإذا كانوا إناثا وذكورا، فللذكر مثل نصيب

(١) أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض رقم ٢٨٩١ وأخرجه الترمذى وابن ماجة.

صفحة رقم 344

الأنثيين ولا غرابة في هذا، فالرجل محتاج إلى النفقة على نفسه وزوجته، وأخته وأخته تكفل نفسها، فإن تزوجت كانت نفقتها على زوجها.
وإن كان للميت ذكر واحد لا أخت له أخذ التركة بعد أخذ أصحاب الفروض كالزوجة والأم والأخ لأم كما سيأتى.
وإن كان للميت بنتان فأكثر أخذتا الثلثين فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وقد دخلت البنتان في عموم الآية، لأن البنت مع أخيها تأخذ الثلث وهو يأخذ الثلثين، والذكر له حظ الأنثيين، فإذن البنتان تأخذان الثلثين، ولأن الله صرح في آية أخرى بحق الأختين وأنهما يأخذان الثلثين، وقد ساق القرآن هنا حكم البنتين فأكثر مع بقاء التفريع على ما تقدم، وهذا ما فهمه جمهور الصحابة خلافا لابن عباس الذي يرى أن للبنتين النصف، وإن كانت واحدة فلها نصف ما ترك أبوها والباقي يورث على حسب المواريث الشرعية.
حقوق الوالدين:
ولأبوى الميت السدس لكل واحد منهما، لا فرق في ذلك بين الأب والأم لأن علاقتهما ومحبتهما بالنسبة له سواء، هذا إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ابن (الولد يطلق على الذكر والأنثى) وقد ورثه أبواه فلأمه الثلث مما ترك والباقي للأب كما هو معلوم من انحصار الإرث فيهما، فإن كان للميت إخوة من ذكور أو إناث رجعت الأم من الثلث إلى السدس سواء كانت الإخوة لأبوين أو لأحدهما وليس كذلك كالأخ الواحد وقد قضى النبي صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدون من بعده بأن الأخوين والأختين يردون الأم من الثلث إلى السدس، هذا حكم الوالدين مع ولد للميت وعدمه ومع الإخوة للميت، وبقي حكم الوالدين مع أحد الزوجين.
والحكم أن الزوجين يأخذان حظهما، والأم ثلث الباقي والأب الباقي من التركة، هذا رأى جمهور الصحابة ما عدا ابن عباس- رضى الله عنهم أجمعين-.
يوصيكم الله أن تعملوا بهذه القوانين فإنها خير لكم وأنفع من بعد وصية يوصى بها الميت أو دين يتركه عليه، ولعل تقديم الوصية في الذكر على الدّين لأنها أخذ شيء من

صفحة رقم 345

غير عوض، قد تكون ثقيلة على الورثة فقدمها للاعتناء بها، وإن كان الدّين مقدما عليها في الأداء وكان العطف للإيذان بأنهما متساويان في الوجوب متقدمان على القسمة مجموعين أو منفردين. ولا تتبعوا ما كنتم عليه في الجاهلية من حرمان الأنثى والصغير، فلستم تعرفون النافع من الضار فاتبعوا ما أمركم الله به فهو أعلم منكم، بما هو أقرب في النفع لكم، وقد فرض ما ذكر من الأحكام فريضة محكمة لا هوادة في وجوب العمل بها فريضة من الله، إنه كان عليما بكم حكيما يضع الأمور في نصابها.
حقوق الأزواج:
إن كان الميت أنثى فللزوج النصف، هذا إن لم يكن للزوجة ولد ولا ولد ابن سواء كان من الزوج أو من غيره ويستوي في ذلك الزوجة المدخول بها والمعقود عليها، فإن كان لها ولد أو ولد ابن من أى زوج فلكم أيها الأزواج الربع مما تركن والباقي للأقارب حسب الميراث الشرعي وذلك من بعد وصية توصى بها أو دين ثبت عليها.
وإن كان الميت ذكرا فلزوجته الربع من تركته إن لم يكن له ولد ولا ولد ابن، أى:
فرع وارث وإن يكن من غيرها، فإن كان له ولد أو ولد ابن فلها الثمن والباقي للورثة حسب المواريث الشرعية، وذلك من بعد وصية يوصى بها أو دين.
وإن كان هناك رجل موروث كلالة بأن لم يكن له فرع وارث من ابن أو ابن ابن، وليس له أصل وارث كالأب والجد، وكان له أخ من الأم أو أخت فللأخ من الأم السدس ذكرا كان أو أنثى، فإن كانوا أكثر من ذلك فلهم الثلث كالأم.
كل هذا: من بعد وصية يوصى بها أو دين حالة كونه غير مضار في الوصية بأن تكون أكثر من الثلث، وفي الدّين بأن يقر بدين لم يقبضه أو يستغرق المال كله، وشرط عدم الضرر في صاحب الكلالة فقط لأن بعض الناس قد يكره ميراث الكلالة فنهاهم الله عن الضرر في ذلك، والله عليم بالأحوال حليم بنا لا يعاجل بالعقوبة من يستحقها.
وبعد أن بين الله الأحكام المتعلقة بالضعفاء من الأيتام والنساء وأحكام المواريث، أشار إلى أنها حدود الله ومحارمه التي لا يصح لمسلم أن يتخطاها ويتجاوزها، ومن حام حولها يوشك أن يقع فيها.

صفحة رقم 346
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية