آيات من القرآن الكريم

هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

يُهيئون (١). وقال عطاء: يُضمرون (٢). وقال أبو عبيدة: يُقدرون (٣).
وذكرنا معنى التبييت مشروحًا في قوله: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ﴾ [النساء: ٨١].
والذي لا يرضاه الله تعالى من القول الذي بيتوه هو أنَّ طعمة قال: أرمي اليهودي بأنه سارق الدرع [وأحلف أنني لم أسرقها فتقبل يميني، لأني] (٤) على دينهم، ولا تقبل يمين اليهودي. قاله الزجاج (٥).
وهو قول الحسن (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ (٧)
(.. (٨)..) ابن عباس: "أحاط بسرائر العباد وما (...) (٩).
(محيطٌ) ههنا عليم بأعمالهم على إحاطة، لأنها ظاهرة له، لا تخفي عليه من وجه من الوجوه. وذكرنا هذا فيما تقدم (١٠).
١٠٩ - قوله تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قال الكلبي: ثم أقبل على قوم طعمة فقال: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ (١١).

(١) لم أقف عليه.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) فسر أبو عبيدة قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ [النساء: ٨١]. بقوله: "أي قدروا ذلك ليلاً "مجاز القرآن" ١/ ١٣٢. هذا ما وجدت عند أبي عبيدة.
(٤) طمس ما بين المعقوفين في (ش)، والتسديد من "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢.
(٦) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٢٢.
(٧) طمس آخر الآية في المخطوط ولم يبق إلا آخر كلمة فاهتديت بها إلى ما قبلها.
(٨) ما بين القوسين غير واضح في المخطوط، ويحتمل أنه: "قال عطاء عن" لأنه كثيرًا ما يورد عن ابن عباس من طريقه.
(٩) طمس في المخطوط، ولم أقف على الأثر عن ابن عباس.
(١٠) انظر: "البسيط" [البقرة: ١٩].
(١١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٦.

صفحة رقم 77

قال الزجاج: ﴿هَؤُلَاءِ﴾ ههنا بمعنى الذين، المعنى: ها أنتم الذين جادلتم، لأن هؤلاء وهذا يكونان في الإشارة للمخاطبين إلى أنفسهم بمنزلة الذين، وقد يكون لغير المخاطبين بمنزلة الذين، نحو قول الشاعر:
عدس:

ما لعبَّاد عليك إمارةٌ أمنت وهذا تحملين طليق (١)
أي الذي تحملين طليق (٢).
وقال غيره: هؤلاء إشارة إلى نفس المخاطبين على جهة البيان والتأكيد، كما تقول: فعلت أنت، وفعل هو (٣):
وذكرنا في هذا بيانًا شافيًا في قوله: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩].
ومعنى الجدل في اللغة: شدّة المخاصمة، والجدْلُ: شدة الفتل، ورجل مجدول، كأنه قد فتل (٤). والأجدَلُ: الصقر؛ لأنه من أشد الطيور قوة. هذا قول أبي إسحاق (٥).
وقال غيره: سمى المخاصمة جدالًا، لأن كل واحد من الخصمين يريد فتل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه (٦).
(١) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري. وهو في "الشعر والشعراء" ص ٢٢٩، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٣٥٧ (عدس)، و"المحتسب" ٢/ ٩٤، و"اللسان" ٥/ ٢٨٣٧ (عدس). وعدس كلمة زجر للبغل.
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢، بتصرف، وانظر: القرطبي ٥/ ٣٧٩.
(٣) نحو قول الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٤٥٤.
(٤) في "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢: "قتل" بالقاف.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٢، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١١٨ أ، و"زاد المسير" ٢/ ١٩٣.
(٦) لم أقف على قائله.

صفحة رقم 78

قال ابن عباس في قوله: ﴿جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يريد الذين جادلوا من الأنصار، من قرابته (١). وفي حرف عبد الله (عنه)، يعني السارق وحده (٢)، وفي قراءتنا: (عنهم) (٣) يعني السارق وذويه.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ خرج الكلام ههنا مخرج الاستفهام والمراد النفي، وجاز ذلك لأن جوابه لا يصح إلا بالنفي (٤). ومضت نظائر كثيرة لهذا.
والمراد بهذا الاستفهام التقريع والتوبيخ لمن جادل عن الخائنين.
قال أبو إسحاق: كأنه قيل لهم: إن يقع (٥) الجدال في الدنيا عن أمر هذا السارق فيوم القيامة لا ينفع فيه جدال ولا شهادة (٦)؛ لأنه اليوم الذي يؤخذ [فيه] (٧) بالحقائق.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ معنى الوكيل في اللغة هو الذي جُعل له القيام بالأمر، ووكل إليه الأمر (٨).
وقوله: ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ﴾ عطف على استفهام معناه النفي، فهذا أيضًا

(١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٦.
(٢) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٤٥، ونسب الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ١١٨ أ، هذِه القراءة إلى أبي.
(٣) هذه هي القراءة المتواترة الموافقة لرسم المصحف.
(٤) انظر: الطبري ٥/ ٢٧٢، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٤٥.
(٥) في "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢: "إن يقم" بالميم.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٢.
(٧) ما بين المعقوفين غير واضح في المخطوط، وما أثبته قريب.
(٨) انظر: الطبري ٥/ ٢٧٢، و"مقاييس اللغة" ٦/ ١٣٦، و"أساس البلاغة" ٢/ ٥٢٥ - ٥٢٦، و"اللسان" ٨/ ٤٩٠٩ - ٤٩١٠ (وكل).

صفحة رقم 79
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية