١٠٣ - قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ﴾. يعني صلاة الخوف، قاله مقاتل (١) والكلبي (٢) والزجاج (٣).
﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾. قال الكلبي: فصلوا لله (قيامًا) للصحيح، (وقعودًا) للمريض الذي لا يستطيع القيام، (وعلى جنوبكم) للمرضى الذين لا يستطيعون الجلوس (٤).
وقال مقاتل: فاذكروا الله باللسان (٥).
وقال ابن عباس: "يريد أنه ليس شيء أفضل من الذكر لله" (٦).
وقال الزجاج: أي: اذكروه بتوحيده وشكره وتسبيحه بكل ما يمكن أن يتقرب منه (٧).
(١) "تفسيره" ١/ ٤٠٣.
(٢) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٥.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٩٩.
وهذا القول هو قول عامة المفسرين، ويؤيده النظر في سياق الآيات.
انظر: الطبري ٥/ ٢٥٩، ٢٦٠، و"بحر العلوم" ١/ ٣٨٤، و"الكشف والبيان" ٤/ ١١٥ أ، و"النكت والعيون" ١/ ٥٢٦، و"معالم التنزيل" ٢/ ٢٨١، و"زاد المسير" ٢/ ١٨٧.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١١٥، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٥.
(٥) "تفسيره" ١/ ٤٠٣.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٩٩، وانظر: الطبري (٢٥٩)، و"الكشف والبيان" ٤/ ١١٥ ب، و"زاد المسير" ٢/ ١٨٧.
وهذا القول أولى من قول الكلبي؛ لأنه ذكر بعد هذا حكم صلاة الحضر، فقال: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. قال أبو إسحاق: أي إذا سكنت قلوبكم، يقال: اطمأن الشيء، إذا سكن، وطأمنته وطمأنته، إذا سكنته (١).
ويقال: طأمنت الشيء فتطامن، إذا خفضته فانخفض (...) (٢).
قال الكلبي في تفسير الاطمئنان: (.... (٣)....) الخوف.
والأصح (...) (٤) المراد به المقام في (البلد) (٥) وزوال حركة السفر، وهو قول ابن عباس، قال: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ يريد في أهليكم ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ يعني أتموها (٦).
ونحو هذا قال الحسن (٧) ومجاهد (٨)، أن معنى الطمأنينة ههنا الرجوع إلى الوطن في دار الإقامة.
وذكرنا عن أبي علي الجرجاني أن الطمأنينة ضد الضرب في الأرض لا ضد الخوف، وضد الخوف الأمن وهذا يدل على أن الخوف غير
(٢) طمس لأكثر الحروف في المخطوط بمقدار سطر ونصف.
(٣) طمس ما بين القوسين في المخطوط، وفي "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٥: "رجعتم إلى منازلكم وذهب عنكم الخوف".
(٤) كلمتان غير واضحتين، وأظنهما: "والأولى أن".
(٥) هذِه الكلمة غير واضحة في المخطوط، وانظر: "الوسيط" ٢/ ٦٩٥.
(٦) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٥.
(٧) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤١٩، و"النكت والعيون" ١/ ٥٢٦، و"زاد المسير" ٢/ ١٨٨.
(٨) أخرجه عنه: الطبري ٥/ ٢٦٠، وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٨٠.
مشروط في جواز القصر، حيث جعل نهاية جوازه الطمأنينة في الأهل. والذين قالوا: المراد بالطمأنينة زوال الخوف، قالوا في معنى قوله: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: فأتموا ركوعها، غير مشاة ولا ركبان فيها، كما كنتم تفعلون في صلاة الخوف. وبه قال السدي (١) وابن زيد (٢).
١٠٣ - وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ أي فرضا موقوتًا (٣).
قال ابن عباس: "فريضة بأوقاتها" (٤).
والمراد بالكتاب ههنا: المكتوب، كأنه قيل: مكتوبة موقوتة، ثم حذفت الهاء من الموقوتة، لما (٥) جعل المصدر موضع المفعول، والمصدر مذكر، ومعنى الموقوت أنها كتبت عليهم في أوقات مؤقتة، يقال: وقَّته، ووقَته، مخففًا (٦). وقرئ: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ (٧) [المرسلات:
(٢) أخرجه عنه: الطبري ٥/ ٢٦٠، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٨٠.
(٣) انظر: الطبري ٥/ ٢٦١، و "معاني الزجاج" ٢/ ٩٩، و"بحر العلوم" ١/ ٣٨٤.
(٤) "تفسير ابن عباس" ص ١٥٧، بلفظ: "موقوتًا: مفروضًا" وأخرجه كذا الطبري ٥/ ٢٦١، لكن من طريق العوفي، وانظر: "النكت والعيون" ١/ ٥٢٦، و"زاد المسير" ٢/ ١٨٨، و"الدر المنثور" ٢/ ٣٨٠.
(٥) كأنها: كما.
(٦) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٣٠، والطبري ٥/ ٢٦٢، و"الكشف والبيان" ٤/ ١١٥ ب.
(٧) قراءة أبي جعفر وحده بواو مضمومة وكسر القاف مخففة. انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٢٨ (وقت)، و"المبسوط" ص ٣٩١، و"النشر" ٢/ ٣٩٧.
وفي مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "وقت" بواو مضمومة وتشديد القاف. انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٢٨ (وقت).