آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

القسم الثاني من الجزء الثاني
[سورة النساء]
نحمدك اللهمّ مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير انّك على كلّ شىء قدير ربّنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيّئاتنا وتوفّنا مع الأبرار، وصلّ وسلّم وبارك على حبيبك ونبيّك سيّدنا وشفيعنا ومولانا محمّد الامّىّ المبعوث الى جميع الخلق رحمة وهدى صلّى الله عليه وسلّم وعلى اله وأصحابه أجمعين سورة النّساء مدنيّة وآياتها مائة وستّ وسبعون روى البيهقي فى الدلائل من طرق عن ابن عباس قال نزلت سورة النساء بالمدينة وكذا اخرج ابن المنذر عن قتادة واخرج البخاري عنه ربّ يسّر وتمّم بالخير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب للموجودين عند النبي ﷺ ويتبعهم الناس أجمعون اتَّقُوا رَبَّكُمُ اى العقاب بان تطيعوا الَّذِي خَلَقَكُمْ فى بدو الأمر مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعنى آدم عليه السلام وَخَلَقَ عطف على خلقكم او على محذوف تقديره خلقها وخلق مِنْها زَوْجَها يعنى حواء بالمد من ضلع من أضلاعها اليسرى، عن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ استوصوا بالنساء خيرا فانها خلقت من ضلع آدم الحديث متفق عليه، واخرج ابو الشيخ عن ابن عباس قال خلق حواء من قصرى أضلاعه، واخرج ابن ابى شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم عن مجاهد قال خلق حواء من آدم وهو نائم فاستيقظ الحديث وجملة خلقها وخلق منها زوجها «١» تقرير لخلقكم من نفس واحدة، وَبَثَّ مِنْهُما اى نشر من آدم وحواء رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً كثيرة غيركم ايها المخاطبون اكتفى بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها إذ الحكمة تقتضى ان تكون النساء اكثر من الرجال حتى أباح الله تعالى لرجل أربعا من النساء وذكّر كثيرا حملا على الجمع ورتب

(١) اخرج إسحاق وابن عساكر عن ابن عباس قال ولد لادم أربعون ولدا عشرون غلاما وعشرون جارية منه رحمه الله

صفحة رقم 2

الأمر بالتقوى على هذه القصة لما فيها من الدلالة على كمال القدرة والنعمة المقتضيين الخشية والطاعة وفيه تمهيد للامر بالتقوى فى صلة الأرحام وأداء حقوق العباد وَاتَّقُوا اللَّهَ عطف على اتّقوا ربّكم كانه قيل اتقوه لربوبيته وخلقه إياكم خلقا بديعا ولكونه مستجمعا لجميع صفات الكمال او لكونه مستحقا بذاته للخشية والطاعة الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ قرا اهل الكوفة بتخفيف السين على حذف احدى التاءين والباقون بالتشديد على ادغام التاء فى السين يعنى يسئل به بعضكم بعضا ويقول أسئلك بالله وَالْأَرْحامَ بالنصب عطفا على الله يعنى واتقوا الأرحام ان تقطعوها عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ الرحم معلقة بالعرش تقول ألا من وصلني وصله الله ومن قطعنى قطعه الله متفق عليه وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فاخذت بحقوى «١» الرحمن فقال مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال ألا ترضين ان اصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا ربّ قال فذاك متفق عليه وعن عبد الله بن عمر وقال قال رسول الله ﷺ ليس الواصل المكافي ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها رواه البخاري وعن انس قال قال رسول الله ﷺ من أحب ان يبسط له فى رزقه وينساه له فى اثره فليصل رحمه متفق عليه وعن ابى هريرة ان الرجل قال يا رسول الله ان لى قرابة أصلهم ويقطعونى واحسن إليهم ويسيئون اليّ واحلم عنهم ويجهلون علىّ فقال لئن كنت كما قلت فكانما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم وقرا حمزة بالجر عطفا على الضمير المجرور وهذه الاية دليل للكوفيين على جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار فان القراءة متواترة والمعنى يتساءلون بالله وبالأرحام «٢» ويقول للاستعطاف بالله وبالرحم افعل كذا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١) حافظا مطلقا فلا تغفلوا عنه، قال مقاتل والكلبي ان رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ يتيم له فلما بلغ اليتيم طلب

(١) الحقو معقد الإزار وسمى به الإزار مجازا قال فى النهاية لما جعل الرحم شجنه من الرحمن استعار بما الاستمساك به كما يستمسك القريب بقريبه والنسيب بنسيبه والحقو فيه مجاز وتمثيل منه رحمه الله-[.....]
(٢) اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم عن مجاهد تساءلون به والأرحام قال يقول أسئلك بالله وبالرحم وكذا اخرجوا عن مجاهد وابراهيم والحسن منه رحمه الله-

صفحة رقم 3
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية