
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)
﴿يَا أَيُّهَا الناس﴾ يا بني آدم ﴿اتقوا رَبَّكُمُ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة﴾ فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ معطوف على محذوف كأنه قيل من نفس واحدة أنشأها وخلق منها زوجها والمعنى شعبكم من نفس واحدة هذه صفتها وهى أنه صفتها وهي أنه أنشأها من تراب وخلق منها زوجها حواءمن ضلع من أضلاعه ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا﴾ ونشر من آدم وحواء ﴿رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء﴾ كثيرة أي وبث منهما نوعي جنس الإنس وهما الذكور والإناث فوصفها بصفة هي بيان وتفصيل لكيفية خلقهم منها أو على خلقكم والخطاب في يا أيها الناس للذين بعث إليهم رسول الله ﷺ والمعنى خلقكم من نفس آدم وخلق منها أمكم حواء وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء غيركم من الأمم الفائتة للحصر فإن قلت الذي تقتضيه جزالة النظم أن يجاء عقيب الأمر بالتقوى بما يدعوا إليها فكيف كان خلقه إياهم من نفس واحدة على التفصيل الذي ذكره داعياً إليها قلت لأن ذلك مما يدل على القدرة العظيمة ومن قدر على نحوه كان قادراً على كل شيء ومن المقدورات عقاب

الكفار والفجار فالنظر فيه يؤدي إلى أن يتقي القادر عليه ويخشى عقابه ولأن يدل
النساء (١ _ ٣)
على النعمة السابغة عليهم فحقهم أن يتقوه في كفرانها قال عليه السلام عند نزول الآية خلقت المرأة من الرجل فهمّها في الرجل وخلق الرجل من التراب فهمّه في التراب ﴿واتقوا الله الذى تَسَاءلُونَ بِهِ﴾ والأصل تتساءلون فأدغمت التاء في السين بعد إبدالها سيناً لقرب التاء من السين للهمس تساءلون به بالتخفيف كوفي على حذف التاء الثانية استثقالا لاجتماع التاءين أى يسأل بعصكم بعضا بالله وبالرحم افعل كذا على سبيل الاستعطاف ﴿والأرحام﴾ بالنصب على أنه معطوف على اسم الله تعالى أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها أو على موضع الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمر أو بالجر حمزة على عطف الظاهر على الضمير وهو ضعيف لأن الضمير المتصل كاسمه متصل والجار والمجرور كسئ واحد فأشبه العطف على بعض الكلمة ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ حافظاً أو عالماً