آيات من القرآن الكريم

وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والأخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه قال التفتازانيّ فالمخاطب هو النبي عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضي ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الإشراك بانه قد حبطت أعمالهم وكانوا من الخاسرين وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا ادب من الله لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان الله تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار وقال الكاشفى [وأصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر پيغمبرانند واز روى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هر يك را مى فرمايد كه اگر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار تو كه در وقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد از وقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد] قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الإحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الإشراك منهم أشد وأقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعي ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه أم لم يمت وفى المفردات حبط العمل على اضرب. أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً). والثاني ان تكون أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله تعالى كما روى (يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار). والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى. وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء أبواب خزائن قهر الله على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير الله بنظر المحبة ويثبت معه فى الإبداع سواه بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ رد لما أمروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما أمرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد الله فحذف الشرط وأقيم المفعول مقامه وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك واعلم ان الشكر على ثلاث درجات. الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس. والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر أول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به أعلى اللذات لانه فى مقام السر فالعاقل يجتهد فى الإقبال على الله

صفحة رقم 133

فى الصور من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح لها دوىّ كدوىّ النحل فتملأ الخافقين ثم تذهب كل نفس الى جثتها باعلام الله تعالى حتى الوحش والطير وكل ذى روح فاذا الكل قيام ينظرون ثم يفعل الله بهم ما يشاء: قال الشيخ سعدى قدس سره

چودر خاكدان لحد خفت مرد قيامت بيفشاند از موى كرد
سر از جيب غفلت برآور كنون كه فردا نماند بحسرت نكون
بران از دو سرچشمه ديده جوى ور آلايشى دارى از خود بشوى
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ صارت عرصات القيامة مشرقة ومضيئة وذلك حين ينزل الله على كرسيه لفصل القضاء بين عباده بِنُورِ رَبِّها النور الضوء المنتشر المعين على الابصار اى بما اقام فيها من العدل استعير له النور لانه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما يسمى الظلم ظلمة وفى الحديث (الظلم ظلمات يوم القيامة) يعنى شدائده يعنى الظلم سبب لشدائد صاحبه او الظلم سبب لبقاء الظالم فى الظلمة حقيقة فلا يهتدى الى السبيل حين يسعى نور المؤمنين بين أيديهم ولكون المراد بالنور العدل أضيف الاسم الجليل الى ضمير الأرض فان تلك الاضافة انما تحسن إذا أريد به تزين الأرض بما ينشر فيها من الحكم والعدل او المعنى أشرقت بنور خلقه الله فى الأرض يوم القيامة بلا توسط أجسام مضيئة كما فى الدنيا يعنى يشرق بذلك النور وجه الأرض المبدلة بلا شمس ولا قمر ولا غيرهما من الاجرام المنيرة ولذلك اى ولكون المعنى ذلك أضيف اى النور الى الاسم الجليل وقال سهل قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم والاقتداء بسنة نبيهم وفى التأويلات النجمية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) ارض الوجود (بِنُورِ رَبِّها) إذا تجلى لها وقال بعضهم هذا من المكتوم الذي لا يفسر كما فى تفسير ابى الليث وَوُضِعَ الْكِتابُ اى الحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه او صحائف الأعمال فى أيدي العمال فى الايمان والشمائل واكتفى باسم الجنس عن الجمع إذ لكل أحد كتاب على حدة. والكتاب فى الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه. وقيل وضع الكتاب فى الأرض بعد ما كان فى السماء يقول الفقير هذا على إطلاقه غير صحيح لان كتاب الأبرار فى عليين وكتاب الفجار فى سجين فالذى فى السماء يوضع فى الأرض حتى اللوح المحفوظ واما ما فى الأرض فعلى حاله وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ الباء للتعدية وَالشُّهَداءِ للامم وعليهم من الملائكة والمؤمنين وفيه اشارة الى ان النبيين والشهداء إذا دعوا للقضاء والحكومة والمحاسبة فكيف يكون حال الأمم واهل المعاصي والذنوب
دران روز كز فعل پرسند وقول أولوا العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
وَقُضِيَ [حكم كرده شود] بَيْنَهُمْ اى بين العباد بِالْحَقِّ بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب وزيادة عقاب على ما جرى به الوعد وكما فتح الآية بإثبات العدل ختمها بنفي الظلم وَوُفِّيَتْ [وتمام داده شود] كُلُّ نَفْسٍ من النفوس المكلفة ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت من الخير والشر والطاعة والمعصية وَهُوَ تعالى أَعْلَمُ

صفحة رقم 140

منهم ومن الشهداء بِما يَفْعَلُونَ إذ هو خالق الافعال فلا يفوته شىء من أفعالهم وانما يدعو الشهداء لتأكيد الحجة عليهم قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا كان يوم القيامة بدل الله الأرض غير الأرض وزاد فى عرضها وطولها كذا وكذا فاذا استقر عليها أقدام الخلائق برّهم وفاجرهم أسمعهم الله كلامه يقول ان كتابى كانوا يكتبون ما أظهرتم ولم يكن لهم علم بما أسررتم فانا عالم بما أظهرتم وبما أسررتم، محاسبكم اليوم على ما أظهرتم وعلى ما أسررتم ثم اغفر لمن شاء منكم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به ﷺ ومن له به أسوة حسنة انتهى يقول الفقير لا شك ان الحفظة تستملى من خزنة اللوح المحفوظ فيعرفون كل ما وقع من العبد من فعل ظاهر وعزم باطن ولكن يجوز ان يكون من الاسرار ما لا يطلع عليه غيره سبحانه وتعالى واعلم انه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى اين اللوح المحفوظ فيؤتى به وله صوت شديد فيقول الله اين ما سطرت فيك من توراة وزبور وإنجيل وفرقان فيقول يا رب نقله منى الروح الامين فيؤتى به وهو يرعد وتصطك ركبتاه فيقول الله تعالى يا جبريل هذا اللوح يزعم انك نقلت منه كلامى ووحيي أصدق فيقول نعم يا رب فيقول فما فعلت فيه فيقول أنهيت التوراة الى موسى والزبور الى داود والإنجيل الى عيسى والقرآن الى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وعليهم أجمعين وأنهيت الى كل رسول رسالته والى اهل الصحف صحائفهم فاذا النداء يا نوح فيؤتى به ترعد فرائصه وتصطك ركبتاه فيقول يا نوح زعم جبرائيل انك من المرسلين قال صدق يا رب فقال فما فعلت مع قومك قال دعوتهم ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فاذا النداء يا قوم نوح فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقول لهم هذا نوح زعم انه بلغكم الرسالة فيقولون يا رب كذب ما بلغنا شيأ ثم ينكرون الرسالة ثم يقول الله تعالى يا نوح ألك بينة عليهم فيقول نعم يا رب بينتى عليهم محمد ﷺ وأمته فيقولون كيف ذلك ونحن أول الأمم وهم آخر الأمم فيؤتى بالنبي عليه السلام فيقول الله تعالى يا محمد هذا نوح يستشهد بك فيشهد له بتبليغ الرسالة ويتلو (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) الى آخر السورة فيقول الله تعالى قد وجب عليكم الحق وحقت كلمة العذاب على الكافرين فيؤمر بهم زمرة واحدة الى النار من غير وزن اعمال ووضع حساب وهكذا يفعل بسائر الأمم أجمعين فان القرآن نطق بهم وبأحوالهم وقد جاء ان رجلا يقف بين يدى الله فيقول يا عبد السوء كنت مجرما عاصيا فيقول لا والله ما فعلت فيقال له عليك بينة فيؤمر بحفظته فيقول كذبوا علىّ فتشهد جوارحه عليه ويؤمر به الى النار فيجعل يلوم جوارحه فيقولون ليس من اختيارنا أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وهكذا يشهد الزمان والمكان ونحوهما فطريق الخلاص ان لا تشهد اليوم غير الله وتشتغل بذكره وطاعته عما سواه قال الشيخ سعدى

صفحة رقم 141
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
دريغست كه فرموده ديو زشت كه دست ملك بر تو خواهد نوشت
روا دارى از جهل وناپاكيت كه پاكان نويسند ناپاكيت