آيات من القرآن الكريم

إِنْ يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

كانوا في السماء وقت التقاول ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾؛ أي: بحالهم وقت اختصامهم، ورجوع بعضهم إلى بعض، في الكلام في شأن آدم، فإن إخباره عن تقاول الملائكة، وما جرى بينهم من قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها﴾ حين قال الله لهم: ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ على ما ورد في الكتب المتقدمة، من غير سماع ومطالعة كتاب، لا يتصور إلا بالوحي؛ أي: فلو لم يكن لي نبوة، ما أخبرتكم عن اختصامهم. و ﴿إِذْ﴾ متعلق بالحال المحذوف، الذي يقتضيه المقام. إذ المراد: نفي علمه بحالهم لا بذواتهم، والحال يشمل الأقوال الجارية فيما بينهم، والأفعال أيضًا، من سجود الملائكة، واستكبار إبليس وكفره، وقيل (١): إن الضمير في ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾ عائد إلى قريش. يعني: قول من قال منهم: الملائكة بنات الله، والمعنى: ما كان لي علم بالملائكة، إذ تختصم فيهم قريش. والأول أولى.
والخلاصة: أي ولولا الوحي، ما كنت أدري باختلاف الملأ الأعلى، يعني في شأن آدم عليه السلام، وامتناع إبليس من السجود له، ومحاجته ربه في تفضيله عليه.
٧٠ - ثم أكد نبوته بقوله: ﴿إِنْ يُوحى إِلَيَّ﴾؛ أي: ما يوحى إلى من حال الملأ الأعلى، وغيره من الأمور المغيبة ﴿إِلَّا أَنَّما﴾ بفتح الهمزة، على تقدير لام التعليل؛ أي: إلا لأنما ﴿أَنَا نَذِيرٌ﴾؛ أي: نبي منذر من العذاب، من جهته تعالى ﴿مُبِينٌ﴾؛ أي: ظاهر النذارة، والنبوة بالدلائل الواضحة، عبر عن النبي بالنذير؛ لأنه صفته، وخصص النذير مع أنه بشير أيضًا؛ لأن المقام يقتضي ذلك، وجملة قوله: ﴿إِنْ يُوحى إِلَيَّ﴾ إلخ، معترضة بين اختصامهم المجمل، وبين تفضيله بقوله: ﴿إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ﴾، قال الفراء، المعنى: ما يوحى إلى إلا أنني نذير مبين، أبيّن لكم ما تأتون من الفرائض، والسنن، وما تدعون من الحرام والمعصية.
وقرأ الجمهور (٢): بفتح همزة ﴿أَنَّما﴾ على أنها وما في حيزها في محل

(١) الشوكاني.
(٢) الشوكاني.

صفحة رقم 440
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
عدد الأجزاء
1