آيات من القرآن الكريم

هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ
ﮨﮩﮪﮫﮬ

إِلَى غَيْرِهِمْ وَذَلِكَ كِنَايَة عَن قصر مَحَبَّتِهِنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّهُنَّ يَقْصُرْنَ أَطْرَافَ أَزْوَاجِهِنَّ عَلَيْهِنَّ فَلَا تَتَوَجَّهُ أَنْظَارُ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَى غَيْرِهِنَّ اكْتِفَاءً مِنْهُمْ بِحُسْنِهِنَّ وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ تَمَامِ حُسْنِهِنَّ فِي أَنْظَارِ أَزْوَاجِهِنَّ بِحَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ اسْتِحْسَانُهُمْ بِغَيْرِهِنَّ، فَالْأَطْرَافُ الْمَقْصُورَةُ أَطْرَافُ أَزْوَاجِهِنَّ، وَإِسْنَادُ قاصِراتُ إِلَيْهِنَّ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ إِذْ كَانَ حُسْنُهُنَّ سَبَبُ قَصْرِ أَطْرَافِ الْأَزْوَاجِ فَإِنَّهُنَّ ملابسات سَبَب سَبَبَ الْقَصْرِ.
وأَتْرابٌ: جَمْعُ تِرْبٍ بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَنْ كَانَ عُمْرُهُ مُسَاوِيًا عُمَرُ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ، تَقُولُ: هُوَ تِرْبُ فُلَانٍ، وَهِيَ تِرْبُ فُلَانَةٍ، وَلَا تَلْحَقُ لَفْظَ تَرْبٍ عَلَامَةُ تَأْنِيثٍ. وَالْمُرَادُ: أَنَّهُنَّ أَتْرَابٌ بَعْضَهُنَّ لِبَعْضٍ، وَأَنَّهُنَّ أَتْرَابٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِأَنَّ التَّحَابَّ بَيْنَ الْأَقْرَانِ أَمْكَنُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَتْرابٌ وَصْفٌ قَائِمٌ بِجَمِيعِ نِسَاءِ الْجَنَّةِ مِنْ مَخْلُوقَاتِ الْجَنَّةِ وَمِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي كُنَّ أَزْوَاجًا فِي الدُّنْيَا لِأَصْحَابِ الْجَنَّةِ، فَلَا يَكُونُ بَعْضُهُنَّ أَحْسَنَ شَبَابًا مِنْ بَعْضٍ فَلَا يَلْحَقُ بَعْضَ أَهْلِ الْجَنَّةِ غَضٌّ إِذَا كَانَتْ نِسَاءُ غَيْرِهِ أَجَدُّ شَبَابًا، وَلِئَلَّا تَتَفَاوَتَ نِسَاءُ الْوَاحِدِ مِنَ الْمُتَّقِينَ فِي شَرْخِ الشَّبَابِ، فَيَكُونُ النَّعِيمُ بِالْأَقَلِّ شَبَابًا دُونَ النَّعِيمِ بِالْأَجَدِّ مِنْهُنَّ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ فِي سُورَة الصافات [٤٨].
[٥٣]
[سُورَة ص (٣٨) : آيَة ٥٣]
هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا قِيلَ لِلْمُتَّقِينَ وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ فَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [ص: ٤٩]. وَالْإِشَارَةُ إِذَنْ إِلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَحُسْنَ مَآبٍ فَاسْمُ الْإِشَارَةِ هُنَا مُغَايِرٌ لِاسْتِعْمَالِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: هَذَا ذِكْرٌ [ص: ٤٩]. وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ الْقَرِيبِ تَنْزِيلًا للمشار إِلَيْهِ مَنْزِلَةُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ الْحَاضِرِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ مُحَقَّقٌ وُقُوعُهُ تَبْشِيرًا لِلْمُتَّقِينَ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: تُوعَدُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ.

صفحة رقم 283
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية