آيات من القرآن الكريم

إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
ﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷ

وتالله لقد نادانا نوح واستغاث بنا، ودعا على قومه بالهلاك حيث قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً وذلك بعد كثرة دعائه لهم إلى الإيمان فلم يزدهم إلا فرارا، فأجابه إلى طلبه أحسن الإجابة فو الله لنعم المجيبون نحن ونجيناه وأهله الذين آمنوا من الغم والكرب العظيم، والمراد نجيناهم من الغرق قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ وجعلنا ذريته هم الباقين الناجين، وتركنا عليه في الأمم التي جاءت بعده الثناء الحسن وهو سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ أى تركنا عليه هذا الكلام بعينه، والمراد أبقينا له دعاء الناس له أمة بعد أمة.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وهذا تعليل لما ذكر من أنه من استحق الثناء والدعاء له من الأمم كلها، بكونه- عليه السلام- من زمرة المعروفين بالإحسان، وإحسان نوح مجاهدته أعداء الله- تعالى- بالدعوة إلى دينه والصبر الطويل على الأذى في سبيل الله.
إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وهذا تعليل لكونه- عليه السلام- من المحسنين بوصفه بخالص الإيمان وكمال العبودية، ونجيناه وأهله، ثم أغرقنا الآخرين المغايرين لنوح- عليه السلام- في الإيمان فاعتبروا بذلك يا أولى الأبصار لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ.
من قصة إبراهيم عليه السلام [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٨٣ الى ١٠١]
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧)
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢)
فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧)
فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١)

صفحة رقم 211

المفردات:
شِيعَتِهِ شيعة الرجل: أتباعه وأنصاره، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم متشيعون له ثم صارت بعد موت سيدنا على بن أبى طالب تطلق على جماعة خاصة جاءَ رَبَّهُ: حقيقة المجيء بالشيء نقله من مكانه والمراد هنا جاء ربه سليم القلب «١» أَإِفْكاً الإفك: أسوأ الكذب سَقِيمٌ: مريض وعليل فَراغَ مال في خفية روغان الثعلب يَزِفُّونَ: يسرعون المشي والزفيف والإسراع الْجَحِيمِ: النار الشديدة كَيْداً: شرّا.
المعنى:
وهذه قصة إبراهيم- عليه السلام- أبى الأنبياء جاءت بعد قصة نوح الأب الثاني للبشر، ومما يزيد المناسبة حسنا أن نوحا نجاه الله من الغرق، وإبراهيم نجاه الله من النار، وكذلك ينجى ربك المؤمنين، وإن ممن شايع نوحا وتابعه في الأصول العامة للشريعة، وإن اختلفا في الأحكام الفرعية لإبراهيم الخليل.

(١) - ففي جاء استعارة تصريحية حيث شبه إخلاصه قلبه لله بمجيئه، والجامع تحقق الفوز مما يستجلب الرضا.

صفحة رقم 212

اذكر وقت أن جاء ربه بقلب سليم من كل سوء ومكروه، جاءه مخلصا صادقا إيمانه، كأنه جاء بتحفة من عنده لربه، فاستحق المثوبة والجزاء.
إذ قال في هذه الحالة لأبيه وقومه: ما الذي تعبدونه؟ أنكر عليهم عبادتهم للأصنام ولا غرابة في إنكار إبراهيم هذا بعد قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ فقال: أإفكا آلهة دون الله تريدون «١» ؟! أى أتريدون آلهة دون الله لأجل الإفك والكذب على الناس؟ أتتخذون آلهة من دون الله الواحد القهار لأجل الإفك والكذب.. ؟
فما ظنكم برب العالمين إذ عبدتم غيره؟ أتظنون أنه يترككم بلا عقاب شديد جزاء على عملكم هذا القبيح؟: لا..
وقد كان إبراهيم- عليه السلام- كثير التأمل في ملكوت الله فنظر نظرة تفكر في النجوم: من خلقها؟ وكيف تسير؟ ومن حركها؟ وأين هي في النهار؟ هذا هو نظر إبراهيم للنجوم ليتوصل بذلك إلى إدراك بعض الواجب نحو خالق السماء والنجوم وفاطر السموات والأرض.
فقال لقومه: إنى سقيم ومريض، ولست مستريحا إلى عبادتكم للأفلاك والنجوم وهذه الأصنام والأوثان، أما قومه فحين حاجهم إبراهيم تولوا عنه مدبرين ورموه بالإفك والبهتان العظيم، فقصد آلهتهم في الخفاء، وراغ إلى أصنامهم قاصدا التعرض لها ليكلموه في شأنها، ويعلمون بالدليل أنها أحجار وخشب لا تسمع ولا تبصر، ولا تغنى ولا تنفع.
وقد كانوا يأتون بالطعام إلى آلهتهم لتأكل وتبارك لهم فيه، ويظهر أن السدنة كانت تأكل بعضه فيظنون أن الآلهة أكلت.
أما إبراهيم فذهب إلى الآلهة وأمامها الأكل فقال: ألا تأكلون!! ما لكم لا تنطقون؟
عجبا لكم أى شيء دهاكم حتى منعكم من الكلام؟ فلما لم يحصل منهم أكل ولا جواب عن سؤال مال عليهم ضاربا ضربا بالقوة والشدة.

(١) - في هذه الآية الاستفهام إنكارى، وقدم المفعول لأجله على المفعول به لأنه أهم، وقدم المفعول به على الفعل لأن إنكاره- أى المفعول- هو المقصود.

صفحة رقم 213
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية