آيات من القرآن الكريم

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
ﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷ

كما تورَد الإبلُ الماءَ، ثم يُرَدُّونَ إلى الجحيم ويدُلُّ على هذا قولُه: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ «١».
وأَلْفَوْا بمعنى وجدوا. ويُهْرَعُونَ مشروح في هود «٢»، والمعنى أنهم يتَّبعون آباءَهم في سرعة.
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أي: قَبْلَ هؤلاء المشركين أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ من الأمم الخالية.
قوله تعالى: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني الموحِّدين، فإنهم نجوا من العذاب. قال ابن جرير:
وإِنما حَسُن الاستثناء، لأن المعنى: فانْظُر كيف أهلكنا المنذرين إلّا عباد الله.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٧٥ الى ٨٢]
وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩)
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢)
وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ أي: دعانا. وفي دعائه قولان: أحدهما: أنه دعا مستنصِراً على قومه.
والثاني: أن ينجيَه من الغرق فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ نحن والمعنى: إِنَّا أَنجيناه، وأهلكنا قومه. وفي الْكَرْبِ الْعَظِيمِ قولان: أحدهما: أنه الغرق. والثاني: أذى قومه. وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ وذلك أن نسل أهل السفينة انقرضوا غير نسل ولده، فالناس كلهُّم من ولد نوح، وَتَرَكْنا عَلَيْهِ أي: تَرَكْنا عليه ذِكْراً جميلاً فِي الْآخِرِينَ وهم الذين جاءوا بعده إلى يوم القيامة. قال الزجاج: وذلك الذّكر الجميل قوله تعالى: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ وهم الذين جاءوا من بعده، والمعنى: تَرَكْنا عليه أن يُصَلَّى عليه في الآخرين إلى يوم القيامة. قوله تعالى: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قال مقاتل: جزاه الله بإحسانه الثّناء الحسن في العالمين.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٨٣ الى ١٠١]
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧)
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢)
فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧)
فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١)
قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ أي: من أهل دِينه ومِلَّته. والهاء في «شِيعته» عائدة على نوح في قول الأكثرين وقال ابن السّائب: تعود إلى محمّد صلى الله عليه وسلّم، واختاره الفراء. فإن قيل: كيف يكون من شيعته وهو قبله؟ فالجواب: أنه مِثل قوله تعالى: حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ «٣» فجعلها ذُرِيَّتهم وقد سبقَتْهم، وقد شرحنا هذا فيما مضى «٤». قوله تعالى: إِذْ جاءَ رَبَّهُ أي: صدَّقَ اللهَ وآمَنَ به بِقَلْبٍ سَلِيمٍ من الشِّرك وكلِّ دَنَس، وفيه أقوال ذكرناها في الشعراء «٥».

(١) الرحمن: ٤٤.
(٢) هود: ٧٨. [.....]
(٣) يس: ٤١.
(٤) يس: ٤١.
(٥) الشعراء: ٨٩.

صفحة رقم 544

قوله تعالى: ماذا تَعْبُدُونَ هذا استفهام توبيخ، كأنه وبَّخهم على عبادة غير الله. أَإِفْكاً أي:
أتأفِكون إِفْكاً وتعبُدون آلهةً سِوى الله؟! فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ إِذا لقِيتمُوه وقد عَبَدتُم غيره؟! كأنه قال: فما ظنُّكم أن يصنع بكم؟ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فيه قولان: أحدهما: أنه نظر في عِلم النجوم، وكان القومُ يتعاطَوْن عِلْم النُّجوم، فعاملهم من حيث هم، وأراهم أنِّي أَعلمُ من ذلك ما تعلَمونَ، لئلا يُنْكِروا عليه ذلك. قال ابن المسيّب: رأى نجماً طالعاً، فقال: إِنِّي مريض غداً. والثاني: أنه نظر إلى النجوم، لا في عِلْمها. فإن قيل: فما كان مقصوده؟ فالجواب أنه كان لهم عيد، فأراد التخلُّف عنهم لِيَكِيدَ أصنامَهم، فاعْتَلَّ بهذا القول.
قوله تعالى: إِنِّي سَقِيمٌ من معاريض الكلام، ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: سأَسْقُمُ، قاله الضحاك. قال ابن الأنباري: أَعْلَمَه الله عزّ وجلّ أنَّه يَمْتَحِنُهُ بالسقم إِذا طلع نجمٌ يعرفه، فلما رأى النَّجم، عَلِم أنه سيَسْقُم. والثاني: إِنِّي سقيم القلب عليكم إِذ تكهَّنتم بنجوم لا تضُرُّ ولا تَنْفَع، ذكره ابن الأنباري. والثالث: أنه سَقُمَ لِعِلَّةٍ عرضتْ له، حكاه الماوردي. وذكر السديّ أنه خرج معهم إلى يوم عيدهم، فلمّا كان ببعض الطريق، ألقى نفسه وقال: إِني سقيم أشتكي رجلي، فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ أي: مال إِليها- وكانوا قد جعلوا بين يديها طعاماً لتبارك فيه على زعمهم- فَقالَ إبراهيم استهزاءً بها أَلا تَأْكُلُونَ.
وقوله تعالى: ضَرْباً بِالْيَمِينِ في اليمين ثلاثة أقوال: أحدها: أنها اليد اليمنى، قاله الضحاك.
والثاني: بالقُوَّة والقُدرة، قاله السدي، والفراء. والثالث: باليمين التي سبقت منه، وهي قوله: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ «١». حكاه الماوردي. قال الزجاج: «ضَرْباً» مصدر والمعنى: فمال على الأصنام يضربها ضَرْباً باليمين وإِنما قال: «عليهم»، وهي أصنام، لأنهم جعلوها بمنزلة ما يُمَيِّز. فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: «يَزِفُّونَ» بفتح الياء وكسر الزاي وتشديد الفاء. وقرأ حمزة، والمفضَّل عن عاصم: «يُزِفُّونَ» برفع الياء وكسر الزاي وتشديد الفاء. وقرأ ابن السّميفع وأبو المتوكل والضحاك: «يَزِفُونَ» بفتح الياء وكسر الزاء وتخفيف الفاء. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو نهيك: «يَزْفُونَ» بفتح الياء وسكون الزاي وتخفيف الفاء. قال الزجاج: أَعربُ القراءات فتح الياء وتشديد الفاء، وأصله من زفيف النَّعام، وهو ابتداء عَدْوِ النَّعام، يقال: زَفَّ النَّعام يَزِفُّ وأمَّا ضم الياء، فمعناه: يصيرون إِلى الزَّفيف، وأنشدوا:
فأضحى حُصَيْنٌ قد أَذَلَّ وأَقْهَرَا «٢» أي: صار إِلى القَهْر. وأمّا كَسْرُ الزّاي مع تخفيف الفاء، فهو من: وَزَفَ يَزِفُ، بمعنى أَسْرَعَ يُسْرِع، ولم يَعْرِفه الكسائي ولا الفراء، وعَرَفه غيرهما. قال المفسِّرون: بلغهم ما صنع إبراهيم، فأسرعوا، فلمّا انتَهَوْا إِليه، قال لهم محتجّاً عليهم: أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ بأيديكم وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ، قال ابن جرير: في «ما» وجهان «٣» : أحدهما: أن تكون بمعنى المصدر، فيكون المعنى: والله

(١) الأنبياء: ٥٧.
(٢) هو عجز بيت للمخبّل السعدي كما في «اللسان» - قهر-. وصدره: تمنّى حصين أن يسود جذاعه.
(٣) قال ابن كثير رحمه الله في «التفسير» ٤/ ١٨: وكلا القولين متلازم، والأول أظهر لما رواه البخاري في كتاب «أفعال العباد» عن حذيفة مرفوعا: «إن الله يصنع كل صانع وصنعته».

صفحة رقم 545
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية