آيات من القرآن الكريم

قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ
ﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ

- ويروى- ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل بك ربك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاث سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فكيف حال القاعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وفى الروضة يجيب دعوة الفاسق والورع ان لا يجيب ويكره للرجل المعروف الذي يقتدى به ان يتردد الى رجل من اهل الباطل وان يعظم امره بين الناس فانه يكون مبتدعا ايضا ويكون سببا لترويج امره الباطل واتباع الناس له فى اعتقاده الفاسد وفعله الكاسد. والحاصل ان ارباب النفوس الامارة كانوا يدلون فى الدنيا على صراط الجحيم من حيث الأسباب من الأقوال والافعال والأخلاق فلذا يحشرون على ما ماتوا وكذلك من أعان صاحب فترة فى فترته او صاحب زلة فى زلته كان مشاركا له فى عقوبته واستحقاق طرده واهانته كما اشتركت النفوس والأجساد فى الثواب والعقاب نسأل الله العمل بخطابه والتوجه الى جنابه والسلوك بتوفيقه والاهتداء الى طريقه انه المعين وَقِفُوهُمْ قفوا امر من وقفه وقفا بمعنى حسبه لا من وقف وقوفا بمعنى دام قائما فالاول متعد والثاني لازم. والمعنى احبسوا المشركين ايها الملائكة عند الصراط كما قال بطريق التعليل إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عما ينطق به وقوله تعالى ما لَكُمْ [چيست بشما كه] لا تَناصَرُونَ حال من معنى الفعل فى مالكم اى ما تصنعون حال كونكم غير متناصرين وحقيقته ما سبب عدم تناصركم وان لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص من العذاب كما كنتم تزعمون فى الدنيا كما قال ابو جهل يوم بدر نحن جميع منتصر: يعنى [ما همه هم پشتيم يكديكر را تا كين كشيم از محمد] وتأخير هذا السؤل الى ذلك الوقت لانه وقت تنجز العذاب وشدة الحاجة الى النصرة وحالة انقطاع الرجاء منها بالكلية فالتوبيخ والتقريع حينئذ أشد وقعا وتأثيرا وفى الحديث (لا تزال قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن اربعة عن شبابه فيم أبلاه وعن عمره فيم أفناه وعن ماله من اين اكتسبه وفيم أنفقه وعن عمله ماذا عمل به) قال بعض الكبار مقام السؤال صعب قوم يسألهم الملك وقوم يسألهم الملك فالذين تسألهم الملائكة أقوام لهم اعمال صالحة تصلح للعرض والكشف وأقوام لهم اعمال لا تصلح للكشف وهم قسمان الخواص يسترهم الحق عن اطلاع الخلق عليهم فى الدنيا والآخرة وأقوام هم اهل الزلات يخصهم الله تعالى برحمته فلا يفضحهم واما الأغيار والأجانب فيقال لهم كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فاذا قرأوا كتابهم يقال لهم فما جزاء من عمل هذا فيقولون جزاؤه النار فيقال لهم ادخلوا بحكمكم كما ان جبرائيل جاء فى صورة البشر الى فرعون وقال ما جزاء عبد عصى سيده وادعى العلو عليه وقدرباه بانواع نعمه قال جزاؤه الغرق قال اكتب لى فكتب له صورة فتوى فلما كان يوم الغرق اظهر الفتوى وقال كن غريقا بحكمك على نفسك. ويجوز ان يقال لهم فى بعض احوال استيلاء الفزع عليهم ما لكم لا تناصرون فيكون منقطعا عما قبله قال فى بحر العلوم والآية نص قاطع ينطق بحقية الصراط وهو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر واحد من السيف يعبره اهل الجنة وتزل به أقدام اهل النار وأنكره بعض المعتزلة لانه لا يمكن العبور عليه وان أمكن فهو تعذيب للمؤمنين وأجيب بان الله قادر

صفحة رقم 454

ان يمكن من العبور عليه ويسهله على المؤمنين حتى ان منهم من يجوزه كالبرق الخاطف ومنهم كالريح الهابّة ومنهم كالجود الى غير ذلك: وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى

هر كه باشد ز مؤمن وكافر بر سر پل كنندشان حاضر
هر كه كافر بود چوبنهد پاى قعر دوزخ بود مر او را جاى
مؤمنانرا ز حق رسد تأييد ليك بر قدر قوت توحيد
هر كرا بر طريقت نبوى ره نبودست غير راست روى
دوزخ از نور او كند پرهيز بگذرد همچوبرق خاطف تيز
يا چومرغ پران وباد وزان يا چو چيزى دكر سبكتر از ان
وانكه ضعفى بود در ايمانش نبود زان كذشتن آسانش
بلكه در رنج آن كذركه تنك باشد او را بقدر ضعف درنك
ليك يابد خلاص آخر كار كرچهـ بيند مشقت بسيار
وفى الحديث (إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط قيل للعابد ادخل الجنة وتنعم بعبادتك وقيل للعالم قف هاهنا فاشفع لمن أحببت فانك لا تشفع لاحد الا شفعت فقام مقام الأنبياء) وقد جاء فى الفروع رجلان تعلما علما كعلم الصلاة او نحوها أحدهما يتعلم ليعلم الناس والآخر يتعلم ليعمل به فالاول أفضل لان منفعة تعليم الخلق اكثر لكونه خيرا متعديا فكان هو أفضل من الخير اللازم لصاحبة وقد جاء فى الآثار (ان مذاكرة العلم ساعة خير من احياء الليلة) خصوصا إذا كان مما يتعلق بالعلم بالله وقد قل اهله فى هذا الزمان وانقطعت مذاكرته عن اللسان لانقطاع ذوق الجنان وانسداد البصيرة والعياذ بالله من الخذلان والحرمان بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الاستسلام: كردن نهادن] يقال استسلم للشىء إذا انقاد له وخضع وأصله طلب السلامة. والمعنى منقادون ذليلون خاضعون بالاضطرار لظهور عجزهم وانسداد باب الحيل عليهم اسلم بعضهم بعضا وخذ له عن عجز فكل مستسلم غير منتصر كقوم متحابين انكسرت سفينتهم فوقعوا فى البحر فاسلم كل واحد منهم صاحبه الى الهلكة لعجزه عن تنجية نفسه فضلا عن غيره بخلاف حال المتحابين فى الله: قال الحافظ
يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا
وَأَقْبَلَ حينئذ [والإقبال: پيش آمدن وروى فرا كسى كردن] يقال اقبل عليه بوجهه وهو ضد الأدبار بَعْضُهُمْ هم الاتباع او الكفرة عَلى بَعْضٍ هم الرؤساء او القرناء حال كونهم يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ بطريق الخصومة والجدال ولذا فسر بيتخاصمون كأنه قيل كيف يتساءلون فقيل قالُوا اى الاتباع للرؤساء او الكفرة للقرناء إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا فى الدنيا عَنِ الْيَمِينِ عن القوة والإجبار فنتجبروننا على الغى والضلال فاتبعناكم خوفا منكم بسبب القهر والقوة وبها يقع اكثر الأعمال. او عن الناحية التي كان منها الحق فتصرفوننا عنها كما فى المفردات. او عن الجهة التي كنا نأمنكم منها لحلفكم انكم على الحق فصدقناكم فانتم اضللتمونا كما فى فتح الرحمن فاليمين

صفحة رقم 455
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية