آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (١٨)
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١)
شرح الكلمات:
فاستفتهم: أي استخبر كفار مكة تقريراً وتوبيخاً.
أهم أشد خلقاً أم من خلقنا: أي خلقهم في ذواتهم وإعادتهم بعد موتهم، أم من خلق تعالى من الملائكة والسموات والأرض وما فيها من سائر المخلوقات.
من طين لازب: أي يلصق باليد.
بل عجبت ويسخرون: أي عجبت يا نبي الله من إنكارهم للبعث، وهم يسخرون من دعوتك إلى الإيمان به.
وإذا ذكّروا لا يذكرون: أي وإذا وعظوا لا يتعظون.
وإذا رأوا آية يستسخرون: أي إذا رأوا حجة من الحجج التي تحمل الآيات القرآنية تقرر البعث والتوحيد والنبوة يسخرون أي يستهزئون.
قل نعم وأنتم داخرون: أي قل لهم يا رسولنا نعم تبعثون وأنتم صاغرون أذلاء.
فإنما هي زجرة واحدة: أي صيحة تزجرهم وهي نفخة إسرافيل في الصور النفخة الثانية.
هذا يوم الدين: أي يوم الحساب والجزاء.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء وقوله تعالى فاستفتهم (١) أي استخبرهم واطلب جوابهم أي بقولك آنتم أشد خلقاً أي في ذواتكم وفي إحيائكم بعد مماتكم أم من خلقه الله من الملائكة والسموات والأرض وما فيهما وما بينهما؟ والجواب معلوم وهو أن خلق غيرهم

١ - مأخوذ من استفتاء المفتي والفتيا هي إخبار عن أمر يخفى عن غير الخواص في غرض ما والاستفهام هنا تقريري.

صفحة رقم 399

من العوالم أشد خلقا إذا فكيف ينكرون البعث بدعوى استحالة وجوده لصعوبته قال تعالى ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ أي خلقنا أباهم آدم من طين لازب أي لاصق يلصق باليد ثم خلقناهم بطريق التناسل أفيعجزنا إعادة خلقهم مرة أخرى والجواب لا. لا وقوله تعالى ﴿بَلْ (١) عَجِبْتَ﴾ أي من تكذيبهم بالبعث لوضوح الأدلة على إمكانه ووجوب وجوده ﴿وَيَسْخَرُونَ﴾ أي وهم يسخرون من ذلك أي يستهزئون من قولك بالبعث وإمكانه. وقوله تعالى ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا﴾ أي بالآيات لعلهم يذكرون فيؤمنون ويوحدون لا يذكرون لقساوة قلوبهم وظلمة ذنوبهم بالشرك والمعاصي. وقوله ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (٢) ﴾ أي يسخرون ويستهزئون ﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي ما هذا الذي جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القول والعمل إلا سحر مبين أي بيّن ظاهر وهم في ذلك كاذبون قطعاً للفرق بين السحر الذي هو تخيل باطل وبين الحق الثابت عقلاً ووحيا من دقائق الشرع وأصول الدين من الإيمان بالله واليوم الآخر وقوله ﴿أَإِذَا مِتْنَا (٣) وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ هذا قول المكذبين من المشركين يقولونه متعجبين مستبعدين للبعث قال تعالى ردّا عليهم قل يا رسولنا لهم ﴿نَعَمْ﴾ تبعثون أحياء ﴿وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ﴾ أي صاغرون ذليلون وأمر إعادتكم لا يتطلب أكثر من أن ينفخ إسرافيل في الصور فإذا أنتم أحياء تخرجون من قبوركم ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ﴾ أي صحية ﴿وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ﴾ قيام ﴿يَنْظُرُونَ﴾ ويقولوا أي عند قيامهم من قبورهم ﴿يَا وَيْلَنَا﴾ أي هلاكنا احضر هذا أوان حضورك أي يدعون على أنفسهم بالهلاك لشدة ما شاهدوا من هول القيامة كقول أحدهم يا ليتها كانت القاضية. وقولهم هذا يوم الدين اعتراف منهم بالبعث والجزاء ولكن في وقت ما هو بنافع لهم الاعتراف فيه أي هذا يوم الحساب والجزاء فيقال لهم ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ (٤) ﴾ الذي يفصل الله تعالى فيه بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون فيحكم بينهم بالعدل، وقوله تعالى ﴿الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ فيه توبيخ لهم أي هذا يوم البعث الذي كنتم تكذبون به وتقولون مستبعدين له أئذا متنا وكنا تراباً وعظاما أئنا لمبعثون أو أباؤنا الأولون أي وآباؤنا الأولون أيضاً.

١ - بل للإضراب الانتقالي من التقرير التوبخي إلى حالهم العجب قرأ الجمهور عجبت بفتح التاء والخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرأ ابن مسعود بضم التاء ونسبة العجب إلى الله تعالى ليست كنسبته إلى خلقه كسائر صفاته تعالى.
٢ - سخريتهم هذه من محاجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أتاهم بالآيات القرآنية الحاملة للأدلة العقلية وهم لجهلهم وعجزهم يدفعونها بالاستسخار والإنكار وهذا غاية الجهل والضلال.
٣ - الاستفهام إنكاري وجملة وأنتم داخرون في محل نصب على الحال.
٤ - جائز أن يكون ﴿هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون﴾ من قول الله تعالى والملائكة لهم وجائز أن يكون من قول بعضهم لبعض.

صفحة رقم 400
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية