آيات من القرآن الكريم

إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ
ﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓ ﭕﭖﭗﭘ ﱿ ﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬ

ج- أنزل عليهما التوراة الكتاب المنير الواضح البليغ في بيانه الشامل لمصالح الدنيا والآخرة.
د- هداهما إلى الدين القويم الذي لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام بالمعنى العام القائم على التوحيد، وأرشدهما إلى طريق الحق والصواب، وأمدهما بالتوفيق والعصمة.
هـ- أبقى عليهما الثناء الحسن بين الأمم، وتلك نعمة عظمي.
وحظيا بالسلام من الله تعالى ومن الملائكة والإنس والجن أبد الدهر.
٢- إن سنة الله تعالى الدائمة الجزاء الحسن للمحسنين أعمالهم بالخلاص من الشدائد، والسلامة من المحن، وذلك يشمل موسى وهارون عليهما السلام وأمثالهما.
٣- إن سبب هذه الفضائل: الإيمان الذي هو أشرف وأعلى وأكمل من كل الفضائل.
قصة إلياس عليه السلام
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٢٣ الى ١٣٢]
وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧)
إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢)

صفحة رقم 132

الإعراب:
اللَّهَ رَبَّكُمْ.. اللَّهَ: منصوب على أنه بدل من قوله تعالى: أَحْسَنَ الْخالِقِينَ ويقرأ بالرفع على الابتداء، ورَبَّكُمْ: الخبر.
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ مفعول تَرَكْنا محذوف، تقديره: وتركنا عليه في الآخرين الثناء الحسن، ثم ابتدأ فقال: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ.
سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ سَلامٌ: مبتدأ، وخبره الجار والمجرور بعده، والجملة في موضع نصب ب تَرَكْنا. وإِلْ ياسِينَ: إما لغة في إلياس كميكال وميكائيل، وإما جمع (إلياسي) فحذف ياء النسب، كالأعجميين والأشعريين، وإنما حذفت لثقلها وثقل الجمع، وقد تحذف هذه في جمع التكسير، وفي جمع التصحيح مثل المهالبة جمع المهالبيّ.
البلاغة:
تَدْعُونَ وَتَذَرُونَ بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
إِلْياسَ أحد أنبياء بني إسرائيل، وهو إلياس بن ياسين سبط هارون أخ موسى، بعث بعده، أرسل إلى قوم في بعلبك ونحوها. إِذْ منصوب بفعل مقدر هو: اذكر. قالَ لِقَوْمِهِ: أَلا تَتَّقُونَ أي تتقون الله، فتعبدونه، وتتركون ما ينهاكم الله عنه من الشرك والمعاصي، فتأمنون عذاب الله. أَتَدْعُونَ بَعْلًا أي أتعبدون بعلا وهو اسم لصنم من ذهب، كان لأهل بعلبك، وبه سمي البلد أيضا مضافا إلى (بك) في لبنان. وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ تتركون عبادة الله تعالى الذي هو أحسن المصورين الخالقين.
اللَّهَ رَبَّكُمْ.. الذي يربيكم بنعمه بعد أن أوجدكم من العدم، أنتم وأجدادكم، فهو الذي تحقّ له العبادة. إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ الذين اصطفاهم الله للطاعة، وأخلصوا لله العبادة، فهم ناجون من العذاب. وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أبقينا عليه ثناء حسنا.
سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ أي سلام منا على إلياس، أو عليه وعلى قومه الذين آمنوا معه، فجمعوا تغليبا، كقولهم للمهلب وقومه: المهلبون. وقرئ: آل ياسين بالمد، والمراد به أهل إلياس.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أي مثل ذلك الجزاء نجزي كل من أحسن عمله لله. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ علة الإحسان المتقدم.

صفحة رقم 133

المناسبة:
هذه هي القصة الرابعة من القصص المذكورة في هذه السورة، والمقصود بها بيان جهود النبي إلياس عليه السلام أحد أنبياء بني إسرائيل في الدعوة إلى توحيد الله، ومقاومة الشرك وعبادة الأصنام، كمن تقدمه من الأنبياء مثل نوح وإبراهيم عليهما السلام.
التفسير والبيان:
وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام، بعثه الله في بني إسرائيل بعد حزقيل عليه السلام، وكانوا قد عبدوا صنما يقال له (بعل) فدعاهم إلى توحيد الله تعالى، ونهاهم عن عبادة ما سواه.
إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ: أَلا تَتَّقُونَ أي اذكر حين قال لقومه: هلا تخافون الله عز وجل في عبادتكم غيره، وتتركون ما ينهاكم عنه من الشرك والمعاصي.
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ أي أتعبدون صنما أنتم صنعتموه، وتتركون عبادة المستحق للعبادة وحده لا شريك له؟ فهو الذي صوّركم وأنشأكم، وهو أحسن المصورين الخالقين، ولا خالق سواه، وهو الذي يربيكم بنعمه بعد أن أوجدكم من العدم، أنتم وأجدادكم.
ويلاحظ الترتيب أنه لما عابهم على عبادة غير الله، صرح بالتوحيد ونفي الشركاء.
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي فكذبوا دعوته ونبوته، فصاروا بسبب تكذيبه لمحضرون في العذاب يوم القيامة، ويجازون على ما قدموا من سوء الأعمال.

صفحة رقم 134

ثم استثنى الله تعالى من كان مؤمنا من قومه، الذين وحدوا الله توحيدا خالصا وعبدوه، وأخلصوا العمل لله، فهؤلاء ناجون من العذاب، مثابون ثوابا حسنا على صالح أعمالهم، لا يحضرون العقاب المقرر للمشركين.
ثم ذكر الله تعالى ما أنعم به على النبي إلياس، فقال:
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أي أبقينا عليه ثناء جميلا في الأمم المتتالية.
سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ أي سلام من الله وملائكته وإنسه وجنّه على إلياس الذي آمن بكتاب الله، وقاوم الشرك والوثنية. وفي قراءة آل ياسين أي عليه وعلى أهل دينه الذين آمنوا برسالته، واتبعوا الحق.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ أي كما جازيناه بالتخلص من الشدة والمحنة، نجازي كل محسن عمله لله تعالى، وعلة الجزاء الحسن: أنه مؤمن من جملة عباد الله المصدقين بوجود الله وتوحيده واتصافه بالصفات الحسنى.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- إن إلياس عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين إلى قومه الذين عبدوا الأصنام، وتركوا عبادة الله تعالى.
٢- لقد حذّرهم إلياس من عذاب الله، وعابهم على عبادة الأصنام، وأمرهم بما فيه ترغيب وتعقل أمرا بعبادة الله الخالق الرازق المنعم، الذي يربيهم بنعمه، هم وأجدادهم المتقدمون، وكذا الأجيال اللاحقة إلى يوم القيامة.
٣- أخبر الله تعالى عن قوم إلياس أنهم كذبوه فاستحقوا الإحضار إلى عذاب جهنم في الآخرة.

صفحة رقم 135
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية