آيات من القرآن الكريم

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السَّجْدَةِ: ١٣] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ [الزُّمَرِ: ٧١] وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الْإِسْرَاءِ: ١٥] فَإِذَا جَاءَ حَقَّ التَّعْذِيبُ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ التَّكْذِيبُ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَقُولُ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْحَشْرِ وَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ ذِكْرُ الدَّلَائِلِ الَّتِي بِهَا تثبت المطالب.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧١ الى ٧٢]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢)
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَعَادَ الْوَحْدَانِيَّةَ وَدَلَائِلَ دَالَّةً عَلَيْهَا فَقَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً أَيْ مِنْ جُمْلَةِ مَا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَيْ مَا عَمِلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ مُعِينٍ وَلَا ظَهِيرٍ بَلْ عَمِلْنَاهُ بِقُدْرَتِنَا وَإِرَادَتِنَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَهُمْ لَها مالِكُونَ إِشَارَةٌ إِلَى إِتْمَامِ الْإِنْعَامِ فِي خَلْقِ الْأَنْعَامِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ خَلَقَهَا وَلَمْ يُمَلِّكْهَا الْإِنْسَانَ مَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا.
وَقَوْلُهُ: وَذَلَّلْناها لَهُمْ زِيَادَةُ إِنْعَامٍ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ إِذَا كَانَ آبِيًا مُتَمَرِّدًا لَا يَنْفَعُ، فَلَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ يَمْلِكُ الْأَنْعَامَ وَهِيَ نَادَّةٌ صَادَّةٌ لَمَا تَمَّ الْإِنْعَامُ الَّذِي فِي الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ الْأَكْلُ كَمَا فِي الْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ، بَلْ مَا كَانَ يَكْمُلُ نِعْمَةُ الْأَكْلِ أَيْضًا إِلَّا بِالتَّعَبِ الَّذِي فِي الِاصْطِيَادِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَتَهَيَّأُ [إِلَّا] «١» لِلْبَعْضِ وَفِي الْبَعْضِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ بَيَانٌ لِمَنْفَعَةِ التَّذْلِيلِ إِذْ لَوْلَا التَّذْلِيلُ لَمَا وُجِدَتْ إِحْدَى الْمَنْفَعَتَيْنِ وَكَانَتِ الْأُخْرَى قليلة الوجود.
[سورة يس (٣٦) : آية ٧٣]
وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣)
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى غَيْرَ الرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ مِنَ الْفَوَائِدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مَا لَا يُرْكَبُ كَالْغَنَمِ فَقَالَ مَنَافِعُ لِتَعُمَّهَا وَالْمَشَارِبُ كَذَلِكَ عَامَّةٌ، إِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ جَمْعُ مِشْرَبٍ وَهُوَ الْآنِيَةُ فَإِنَّ مِنَ الْجُلُودِ مَا يُتَّخَذُ أَوَانِيَ لِلشُّرْبِ وَالْأَدَوَاتِ مِنَ الْقِرَبِ [وَغَيْرِهَا]، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمُرَادَ الْمَشْرُوبُ وَهُوَ الْأَلْبَانُ وَالْأَسْمَانُ فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِنَاثِ وَلَكِنْ بِسَبَبِ الذُّكُورِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحَمْلِ وَهُوَ بِالذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَفَلا يَشْكُرُونَ هَذِهِ النِّعَمُ الَّتِي تُوجِبُ الْعِبَادَةَ شُكْرًا، وَلَوْ شَكَرْتُمْ لَزَادَكُمْ/ مِنْ فَضْلِهِ، وَلَوْ كَفَرْتُمْ لَسَلَبَهَا مِنْكُمْ، فَمَا قَوْلُكُمْ، أَفَلَا تشكرون استدامة لها واستزادة فيها؟. ثم قال تعالى:
[سورة يس (٣٦) : آية ٧٤]
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)
إِشَارَةً إِلَى بَيَانِ زِيَادَةِ ضَلَالِهِمْ وَنِهَايَتِهَا، فَإِنَّهُمْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ اللَّهِ شُكْرًا لِأَنْعُمِهِ، فَتَرَكُوهَا وَأَقْبَلُوا عَلَى عِبَادَةِ مَنْ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَتَوَقَّعُوا مِنْهُ النُّصْرَةَ مَعَ أَنَّهُمْ هُمُ النَّاصِرُونَ لَهُمْ كَمَا قَالَ عَنْهُمْ: حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ [الْأَنْبِيَاءِ: ٦٨] وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا هِيَ ناصرة ولا منصورة. وقوله تعالى:
[سورة يس (٣٦) : آية ٧٥]
لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)

(١) ما بين المربعين زيادة اقتضاها السياق.

صفحة رقم 306
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية