آيات من القرآن الكريم

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

حضرة شيخى وسندى روح الله روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى أول الأمر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الإلهي والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما أشار اليه المولوى فى قوله

فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت لم يقل انا اليه راجعون
ثم ان الانذار صفة النبي عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء الخطاب ثم صفة وارثه الأكمل الذي هو على بصيرة من امره قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الأربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب إذا كان لوجه الله تعالى ولكن لا يحصل الترقي قدر ذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الأزلي بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالإنذار إذ الباز الأشهب انما يصيد الصيد الحي فنسأل الله الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والضمير للمشركين من اهل مكة اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما يقينيا هو فى حكم المعاينة اى قد رأوا وعلموا أَنَّا بمقتضى جودنا خَلَقْنا لَهُمْ اى لاجلهم وانتفاعهم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا العمل كل فعل من الحيوان يقصد فهوا خص من الفعل اى مما تولينا احداثه بالذات لم يشاركنا فيه غيرنا بمعاونة وتسبب وذكر الأيدي واسناد العمل إليها استعارة تمثيلية من عمل يعمل بالأيدي لانه تعالى منزه عن الجوارح قال الكاشفى [ميان مردمان مثاليست هر كارى كه تنها كند كويند من اين مهم بدست خود ساخته ام يعنى ديكر مرا در ساختن يارى نداده] وانما تخاطب العرب بما يستعملون فى مخاطباتهم [اينجا نيز ميفرمايد كه ما آفريديم براى ايشان بخود بي مشاركت غيرى] قال الراغب الأيدي جمع يد بمعنى الجارحة خص لفظ اليد لقصورنا إذ هي أجل الجوارح التي يتولى بها الفعل فيما بيننا وقال العتبى الأيدي هنا القوة والقدرة وقوله عملت أيدينا حكاية عن الفعل وان لم يباشر الفعل باليد هذا كقوله جرى بناء هذه القنطرة وهذا القصر على يدى فلان. وفى الخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فالامانة مؤداة وان لم تباشر باليد فيقول مالى فى يد فلان او اليتيم تحت يد القيم فاليد يكنى بها عن الملكة والضبط وقال فى الاسئلة المقحمة الأيدي هنا صلة وهو كقوله (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ومذهب العرب الكناية باليد والوجه عن الجملة انتهى وهذه المعاني متقاربة فى الحقيقة أَنْعاماً مفعول خلقنا اخر جمعا بينه وبين أحكامه المتفرعة عليه بقوله تعالى (فَهُمْ الخ) جمع نعم وهو المال الراعية وهى الإبل والبقر والغنم والمعز مما فى سيره نعومة اى لين ولا يدخل فيها الخيل والبغال والحمر لشدة وطئها الأرض وخص بالذكر من بين سائر ما خلق الله من المعادن والنبات والحيوان غير الانعام لما فيها من بدائع الفطرة كما فى الإبل وكثرة المنافع كما فى البقر والغنم اى الضأن والمعز فَهُمْ لَها مالِكُونَ قال ابن الشيخ

صفحة رقم 433

الفاء للسببية ومالكون من ملك السيد والتصرف اى فهم لسبب ذلك مالكون لتلك الانعام بتمليكنا إياها وهم متصرفون فيها بالاستقلال يختصون بالانتفاع بها لا يزاحمهم فى ذلك غيرهم وَذَلَّلْناها لَهُمْ [التذليل: خوار وذليل ومنقاد كردن] والذل بالضم ويكسر ضد الصعوبة وفى المفردات الذل ما كان عن قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول ليست بصعبة. والمعنى وصيرنا تلك الانعام منقادة لهم:
وبالفارسية [رام كرديم انعام را براى ايشان] بحيث لا تستعصى عليهم فى شىء مما يريدون بها من الركوب والحمل والسوق الى ما شاؤا والذبح مع كمال قوتها وقدرتها فهو نعمة من النعم الظاهرة ولهذا الزم الله الراكب ان يشكر هذه النعمة ويسبح بقوله (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) فَمِنْها رَكُوبُهُمْ بفتح الراء بمعنى المركوب كالحلوب بمعنى المحلوب اى فبعض منها مركوبهم اى معظم منافعها الركوب وقطع المسافات وعدم التعرض للحمل لكونه من تتمات الركوب قال الكاشفى [پس بعضى از ان مركوب ايشانست كه بران سوارى كنند چون شتر] والركوب فى الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص فى التعارف بممتطى البعير [والامتطاء: مركب ومطيه كرفتن] وَمِنْها يَأْكُلُونَ اى وبعض منها يأكلون لحمه وشحمه وَلَهُمْ فِيها اى فى الانعام المركوبة والمأكولة مَنافِعُ اخر غير الركوب والاكل كالجلود والاصواف والأوبار والاشعار والنسيلة اى النتائج وكالحراثة بالثيران وَمَشارِبُ من اللبن جمع مشروب والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره أَفَلا يَشْكُرُونَ اى أيشاهدون هذه النعم التي يتنعمون بها فلا يشكرون المنعم بها بان يوحدوه ولا يشركوا به فى العبادة فقد تولى المنعم احداث تلك النعم ليكون إحداثها ذريعة الى ان يشكروها فجعلوها وسيلة الى الكفران كما شكا مع حبيبه وقال وَاتَّخَذُوا اى مع هذه الوجوه من الإحسان مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين الله المتفرد بالقدرة المتفضل بالنعمة آلِهَةً من الأصنام وأشركوها به تعالى فى العبادة لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ رجاء ان ينصروا من جهتهم فيما أصابهم من الأمور او ليشفعوا لهم فى الآخرة ثم استأنف فقال لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ اى لا تقدر آلهتهم على نصرهم والواو لوصفهم الأصنام باوصاف العقلاء وَهُمْ اى المشركون لَهُمْ اى لآلهتهم جُنْدٌ عسكر مُحْضَرُونَ اثرهم فى النار اى يشيعون عند مساقهم الى النار ليجعلوا وقودا لها: وبالفارسية [سپاه اند حاضر كرده شدكان فردا كه لشكر ايشانند با ايشان حاضر شوند در دوزخ] قال الكواشي روى انه يؤتى بكل معبود من دون الله ومعه اتباعه كأنهم جنده فيحضرون فى النار هذا لمن امر بعبادة نفسه او كان جمادا

عابد ومعبود باشد در جحيم حسرت ايشان شود تا كه عظيم
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ الفاء لترتيب النهى على ما قبله والنهى وان كان بحسب الظاهر متوجها الى قولهم لكنه فى الحقيقة متوجه الى رسول الله ﷺ ونهى له عن التأثر منه

صفحة رقم 434

بطريق الكناية على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية. وقد يوجه النهى الى المسبب ويراد النهى عن السبب كما فى قوله لا ارينك هاهنا يريد به نهى مخاطبه عن الحضور لديه والمراد بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتخاذهم الأصنام آلهة فان ذلك مما لا يخلو عن التفوه بقولهم هؤلاء آلهتنا وانهم شركاء الله تعالى فى المعبودية وغير ذلك مما يورث الحزن كذا فى الإرشاد قال ابن الشيخ الفاء جزائية اى إذا سمعت قولهم فى الله ان له شريكا وولدا وفيك انك كاذب شاعر وتألمت من اذائهم وجفائهم فتسل بإحاطة علمى بجميع أحوالهم وبانى أجازيهم على تكذيبهم إياك واشراكهم بي إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ قال فى الإرشاد تعليل صريح للنهى بطريق الاستئناف بعد تعليله بطريق الاشعار فان العلم بما ذكر مستلزم للمجازاة قطعا اى نعلم بعلمنا الحضوري عموم ما يضمرون فى صدورهم من العقائد الفاسدة ومن العداوة والبغض وجميع ما يظهرون بألسنتهم من كلمات الكفر والشرك بالله والإنكار للرسالة فنجازيهم على جميع جناياتهم الخافية والبادية

بآشكار ونهان هر چهـ كفتى وكردى جزا دهد بتو داناى آشكار ونهان
وتقديم السر على العلن اما للمبالغة فى بيان شمول علمه تعالى لجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون مع استوائهما فى الحقيقة فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شىء فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأشياء البارزة والكامنة واما لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه مضمر فى القلب قبل ذلك فتعلق علمه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية حقيقة وفى
الآية اشارة الى ان كلام الأعداء الصادر من العداوة والحسد جدير ان يحزن قلوب الأنبياء مع كمال قوتهم وانهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات وتطييب القلوب فى مقاساة الشدائد فى الله بان لها ثمرات كريمة عند الله وللحساد مطالب بها عند الله كما قال (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من الحسد والضغائن (وَما يُعْلِنُونَ) من العداوة والطعن وانواع الجفاء وإذا علم العبد ان ألمه آت من الحق هان عليه ما يقاسيه لا سيما إذا كان فى الله كما فى التأويلات النجمية قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء علمك بان الله هو المبتلى هر چهـ از جانان مى آيد صفا باشد مرا هذا قال فى برهان القرآن قوله (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ) وفى يونس (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) تشابها فى الوقف على قولهم فى السورتين لان الوقف عليه لازم وان فيهما مكسورة فى الابتداء لا فى الحكاية ومحكى القول فيهما محذوف ولا يجوز الوصل لان النبي ﷺ منزه عن ان يخاطب بذلك انتهى قال فى بحر العلوم قوله (إِنَّا) إلخ تعليل للنهى على الاستئناف ولذلك لو قرئ انا بفتح الهمزة على حذف لام التعليل جاز وعليه تلبية رسول الله ﷺ (لبيك ان الحمد والنعمة لك) كسر ابو حنيفة وفتح الشافعي وكلاهما تعليل انتهى وفى الكواشي وزعم بعضهم ان من فتح (إِنَّا) بطلت صلاته وكفر وليس كذلك لانه لا يخلو اما ان يفتحها تعليلا فمعناه كالمكسورة او يفتحها بدلا من قولهم وليس بكفر

صفحة رقم 435
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية