آيات من القرآن الكريم

وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
ﭮﭯﭰﭱ

﴿وامتازوا اليوم﴾ عطفٌ إمَّا على الجملة السَّابقةِ المسوقة لبيان أحوالِ أهل الجنَّةِ لاعلى أنَّ المقصودَ عطف فعل الأمر بخصوصه حتى يتمحل له مَشاكِلٌ يصِحُّ عطفَه عليه بل على أنَّه عطفُ قصَّةِ سوء حال هؤلاءِ وكيفيَّة عقابِهم على قصَّةِ حُسن حال أولئك ووصف ثوابِهم كما مرَّ في قوله تعالى ﴿وَبَشّرِ الذين آمنوا﴾ الآيةَ وكأنَّ تغييرُ السَّبكِ لتخييل كمالِ التَّباينِ بين الفريقينِ وحاليهما وإمَّا على مضمَرٍ ينساق إليه حكايةُ حال أهل الجنَّةِ كأنَّه قيلَ إثرَ بيانِ كونِهم في شغل عظيمِ الشَّأنِ وفوزهم بنعيم مقيمٍ يقصرُ عنه البيانُ فليقرُّوا بذلك عيناً وامتازُوا عنهم ﴿أَيُّهَا المجرمون﴾ إلى مصيرِكم وعن قَتادةَ اعتزلُوا عن كل خير وعن الضَّحَّاكِ لكلِّ كافر بيتٌ من النَّارِ يكون فيه لا يَرى ولا يُرى وأمَّا ما قيل من أنَّ المضمرَ فليمتازوا فبمعزلٍ من السَّدادِ لما أنَّ المحكيَّ عنهم ليس مصيرهم إلى ما ذكر من الحال المرضيةِ حتَّى يتسنَّى ترتيب الأمر المذكور عليه بل إنَّما هو استقرارُهم عليها بالفعل وكونُ ذلك بطريق تنزيل المترقَّبِ منزلةَ الواقع لا يُجدي نفعاً لأنَّ مناطَ الإضمار إنسياقُ الافهام إليه وانصباب

صفحة رقم 174

يس ٦٠ ٦٢ نظم الكلامِ عليه فبعد ما نزلت تلك الحالة منزلَة الواقع بالفعل لما اقتضاه المقامُ من النُّكتةِ البارعة والحكمة الرَّائعةِ حسبما مرَّ بيانه وأسقط كونها مترَّقبةً عن درجة الاعتبار بالكُلِّيةِ يكون التصدي لإضمار شئ يتعلَّقُ به إخراجاً للنَّظمَ الكريم عن الجَزالة بالمرَّةِ

صفحة رقم 175
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية