آيات من القرآن الكريم

سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ

إعادتهم أحياء بعد مماتهم إلا نفخة واحدة فإذا هم مجتمعون لدينا قد أحضروا للعرض والحساب لم يتخلف منهم أحد.
ونحو الآية قوله: «فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ. فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ» وقوله:
«وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ».
ثم بين ما يكون في ذلك اليوم من الحساب بالعدل والقسطاس فقال:
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ففى هذا اليوم يوم القيامة لا تبخس نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، ولا يحمل عليها وزر غيرها، بل توفى كل نفس أجر ما عملت من صالح، ولا تعاقب إلا بما اكتسبت من طالح، جزاء وفاقا لما عملت في الدنيا.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٥ الى ٥٨]
إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)
تفسير المفردات
الشغل: الشأن الذي يصدّ المرء ويشغله عما سواه من شئونه وأحواله لأهميته لديه، إما لأنه يحصّل مسرة كاملة أو مساءة عظيمة، الفاكه: الطيب النفس الضحوك قاله أبو زيد، والظلال: واحدها ظل وهو ضد الضّح (ما تصيبه الشمس) والأرائك:
واحدها أريكة وهى سرير منجّد مزيّن في قبة أو في بيت، يدّعون: أي يطلبون.
المعنى الجملي
بعد أن بين سبحانه أن ذلك اليوم كائن لا محالة، وأنه سيأتى بغتة من حيث يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون-

صفحة رقم 21

أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب، ليكون فى ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
الإيضاح
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) أي إن من يدخل الجنة يتمتع بنعيمها ولذاتها، ويكون بذلك في شغل عما سواه، إذ يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فأنى له أن يفكر فيما سواه؟ وهو بذلك فرح مستبشر ضحوك السن هادىء النفس، لا يرى شيئا يغمه أو ينغّص عليه حبوره وسروره.
ثم ذكر ما يكمل به تفكههم ويزيد في سرورهم فقال:
(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) أي هم وأزواجهم في ظل لا يضحون لشمس، لأنه لا شمس فيها (وألذ شىء لدى العربي أن يرى مكانا فيه ظل ظليل، وأنهار جارية، وأشجار مورقة) وهم فيها متكئون على السرر عليها الحجال (الناموسيات) وهذا منتهى ما تسمو إليه النفوس من لذة لدى من نزل عليهم التنزيل.
وبعد أن ذكر ما لهم فيها من مجالس الأنس- ذكر ما يتمتعون به من مآكل ومشارب، ولذات جسمانية وروحية فقال:
(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) أي لهم فيها من الفواكه مالذ وطاب، مما تقرّ به أعينهم، وتسرّ به نفوسهم، كما هو شأن المترفين المنعمين في الدنيا، ولهم فوق ذلك كل ما يتمنون وتشتاق إليه نفوسهم، قال أبو عبيدة: العرب تقول: ادّع علىّ ما شئت أي تمن علىّ وتقول فلان في خير ما ادّعى أي في خير ما تمنى.
ثم فسر الذي يدّعون بقوله:
(سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي ذلك الذي يتمنونه هو التسليم من الله عليهم

صفحة رقم 22
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية