آيات من القرآن الكريم

هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ
ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

مِنَ الْأَجْداثِ، يَعْنِي الْقُبُورُ، وَاحِدُهَا: جَدَثٌ، إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ، يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ أَحْيَاءً وَمِنْهُ قِيلَ لِلْوَلَدِ: نَسْلٌ لِخُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ.
قالُوا يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا، قَالَ أَبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: إِنَّمَا يَقُولُونَ هَذَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْفَعُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، فَيَرْقُدُونَ فَإِذَا بُعِثُوا بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأَخِيرَةِ [١] وَعَايَنُوا الْقِيَامَةَ دَعَوْا بِالْوَيْلِ.
وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّ الْكُفَّارَ إِذَا عَايَنُوا جَهَنَّمَ وَأَنْوَاعَ عَذَابِهَا صَارَ عَذَابُ الْقَبْرِ فِي جَنْبِهَا كَالنَّوْمِ، فَقَالُوا: يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا؟ ثُمَّ قَالُوا: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ، أَقَرُّوا حِينَ لَمْ يَنْفَعْهُمُ الْإِقْرَارُ. وَقِيلَ: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: يَقُولُ الْكُفَّارُ: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ.
إِنْ كانَتْ، مَا كَانَتْ، إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً، يَعْنِي النَّفْخَةَ الأخيرة، فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ.
فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤).
إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ ونافع وأبو عمرو شُغُلٍ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَالْبَاقُونَ بِضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، مِثْلَ السُّحْتِ وَالسُّحُتِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الشُّغُلِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي افْتِضَاضِ الْأَبْكَارِ. وَقَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجِرَاحِ: فِي السَّمَاعِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فِي شُغُلٍ عَنْ أَهْلِ النَّارِ وَعَمَّا هُمْ فِيهِ لَا يُهِمُّهُمْ أَمْرُهُمْ وَلَا يَذْكُرُونَهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: شُغِلُوا بِمَا فِي الْجَنَّةِ مِنَ النَّعِيمِ عَمَّا فِيهِ أَهْلُ النَّارِ مِنَ الْعَذَابِ.
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: فِي زِيَارَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وَقِيلَ: فِي ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى: فاكِهُونَ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكِهُونَ حَيْثُ كَانَ، وَافَقَهُ حَفْصٌ فِي الْمُطَفِّفِينَ [٣١] وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ الْحَاذِرُ وَالْحَذِرُ، أَيْ نَاعِمُونَ.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: مُعْجَبُونَ بِمَا هُمْ فِيهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: فرحون.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٦ الى ٦٠]
هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠)
هُمْ وَأَزْواجُهُمْ، أَيْ حَلَائِلُهُمْ، فِي ظِلالٍ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ظُلَلٍ بِضَمِّ الظَّاءِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، جَمْعُ ظُلَّةٍ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ فِي ظُلَلٍ بِالْأَلِفِ وَكَسْرِ الظَّاءِ عَلَى جَمْعِ ظِلٍّ، عَلَى الْأَرائِكِ، يَعْنِي السُّرَرَ فِي الْحِجَالِ وَاحِدَتُهَا أَرِيكَةٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا تَكُونُ أَرِيكَةً حَتَّى يكون عليها حجلة. مُتَّكِؤُنَ، ذَوُو اتِّكَاءٍ [٢].
لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧)، يَتَمَنَّوْنَ وَيَشْتَهُونَ.
سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)، أَيْ يُسَلِّمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَوْلًا. أي يقوله [٣] الله لهم قولا.

(١) في المخطوط «الآخرة».
(٢) زيادة عن «ط» والمخطوط.
(٣) في المطبوع «يقول» والمثبت عن المخطوط.

صفحة رقم 17
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية