آيات من القرآن الكريم

إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ

ونحو هذا قال مجاهد (١)، واختاره الزجاج (٢). والقول الأول اختيار الفراء (٣). وهذا في موضع رفع، كأنك قلت: هذا وعد الرحمن.
وذهب قوم إلى أن الوقف على قوله هذا، على أن يكون هذا من نعت مرقدنا، ثم تبتدئ: ما وعد الرحمن، حكى ذلك النحاس (٤)، وذكره الفراء (٥)، والزجاج. قال الزجاج: (إذا وقفت على قوله هذا، كان ما وعد الرحمن على ضربين أحدهما على إضمار هذا. والثاني على إضمار حق، فيكون المعنى: حق ما وعد الرحمن. قال: والقول الأول -أعني ابتداء هذا- عليه التفسير، وهو قول أهل اللغة) (٦).
٥٣ - ثم ذكر النفخة الثانية فقال: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ الآية، وهي ظاهرة، وكذلك ما بعدها، ثم ذكر جل وعز أوليائه فقال:
٥٤ - ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ﴾ قال ابن عباس: يريد في الآخرة (٧).
﴿فِي شُغُلٍ﴾ وقرئ: شُغْل، وهما لغتان (٨).

(١) انظر: "المصادر السابقة".
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٩١.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٣٨٠.
(٤) "القطع والائتناف" ص ٩١.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٣٨٠.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٩١.
(٧) في "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٤٤٤ قال: يوم القيامة. ولم أقف على من نسب هذا القول لابن عباس. وانظر: "بحر العلوم" ٣/ ١٠٣، "زاد المسير" ٧/ ٢٧، "ابن كثير" ٣/ ٥٧٥.
(٨) انظر: "علل القراءات" ٢/ ٥٦٦، "الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها" ص٢٩١.

صفحة رقم 502

قال ابن عباس في رواية عطاء وعكرمة: يريد افتضاض العذارى والأبكار (١).
وقال مقاتل: شغلوا بافتضاض العذارى عن أهل النار، فلا يذكرونهم ولا يهتمون لهم (٢).
وروى مجاهد عن ابن عباس: شغلوا بفضة العذارى (٣).
وقال أبو الأحوص (٤): شغلوا بافتضاض (٥) الأبكار على السرر في الحجال.
وقوله: ﴿فَاكِهُونَ﴾ قال ابن عباس: ناعمون (٦).

(١) انظر: "الطبري" ٢٣/ ١٨،"بحر العلوم" ٣/ ١٠٣، "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٥٨.
(٢) "تفسير مقاتل" ١٠٨ أ.
(٣) انظر: "زاد المسير" ٧/ ٢٧، وأورده الطبري ٢٣/ ١٨ برواية عكرمة عن ابن عباس.
(٤) لم أستطع تحديده، فهناك أبو الأحوص: قاضي عُكبر، أبو عبد الله محمد بن الهيثم بن حماد الثقفي مولاهم البغدادي المشهور بأبي الأحوص. حدَّث عن أبي نُعيم، وعبد بن رجاء وخلق غيرهما وروى عنه ابن ماجه حديثًا واحداً وأبو عوانة وعثمان بن السَّمَّاك وغيرهم. قال الدارقطني عنه: إنه من الحفَّاظ الثقات. توفي بعكبرى سنة ٢٧٩ هـ.
انظر: "تاريخ بغداد" ٣/ ٣٦٢، "تهذيب الكمال" ٢٦/ ٥٧١، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ١٥٦، أو لعله: الإمام الثقة سلاَّم بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، وقد تقدمت ترجمته.
(٥) في (ب): (بافتضاض).
(٦) "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٧٢، ولم أقف على من نسبه لابن عباس، وقد ذكره أكثر المفسرين عن مقاتل وقتادة والسدي.
انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٣٧ أ، "الماوردي" ٥/ ٢٥، "بحر العلوم" ٣/ ١٠٣، "زاد المسير" ٧/ ٢٨، "القرطبي" ١٥/ ٤٤.

صفحة رقم 503

وقال مقاتل وقتادة: أي معجبون بما هم فيه. وهو قول الحسن والكلبي (١). وهذان القولان عليهما أهل التفسير، ولكل منهما أصل في اللغة، فمن قال: فاكهون ناعمون (٢). فأصله من الفكيهة والفاكهة، وهي المزاح والكلام الطيب، يقال: فاكهت القوم بملح الكلام مفاكهة.
روى أبو عبيد عن أبي زيد: الفكه الطيب النفس الضحوك. روى شمر عنه: رجل فكه وفاكهة (٣)، وهو الطيب النفس المزاح (٤)، وأنشد أبو عبيدة:

فكه العشي إذا تأدب رحله رَكْبُ الشتاءِ مسامح في الميسر (٥)
[وأنشد أيضًا]: (٦)
فكِهٌ لدى جنبِ الخِوانِ إذا أتت نكباءَ تقلعُ ثابت الأطنابِ (٧)
قال الفراء والزجاج والكسائي: الفاكه والفكه كالحاذر والحذر
(١) "تفسير مقاتل" ١٠٨ أ. وانظر المصادر السابقة.
(٢) في (أ): فاكين ناعمين، وهو خطأ.
(٣) هكذا في النسخ، وهو خطأ، والصواب: فاكه.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٦ (فكه)، "اللسان" ١٣/ ٥٢٣ (فكه).
(٥) البيت من الكامل وهو لصخر بن عمرو بن الشريد، اْخو الخنساء، في "مجاز القرآن" ٢/ ١٦٣، "أساس البلاغة" ص ٣٤٦ (فكه).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) لعل نسبه هذا البيت لأبي عبيدة خطأ من المؤلف تابع فيه الأزهري، فقد نسبه لأبي عبيدة كما في "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٦، أما ابن منظور في "اللسان" فقال أنشده أبو عبيد. والبيت من "الكامل"، وهو بلا نسبة في: "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٦، "اللسان" ١٣/ ٥٢٤ (فكه)، "أساس البلاغة" ص ٣٤٦ (فكه). والخوان: هو الذي يؤكل عليه معرَّب، والجمع أخون، "اللسان" ١٣/ ١٤ (خون)، والنكباء: كل ريح من الرياح الأربع انحرفت ووقعت بين ريحين، وهي تلك المال وتحبس القطر. "اللسان" ١/ ٧٧١ (نكب).

صفحة رقم 504
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية