آيات من القرآن الكريم

إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

وإفاقته عن سكرته، فلا يزال يصفو حاله إلى أن يقرب من الوصال، ويرزق صفة الكمال، ثم بعد ذلك يأخذ في النقص والزوال.. كذلك حاله إلى أن يحقّ له بالمقسوم ارتحاله، كما قالوا:
ما كنت أشكو ما على بدني... من كثرة التلوين من بدّته «١»
وأنشدوا: كلّ يوم تتلون... غير هذا بك أجمل
قوله جل ذكره:
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢)
الإشارة فيه إلى حمل الخلق في سفينة السلامة في بحار التقدير عند تلاطم أمواجها بفنون من التغيير والتأثير. فكم من عبد غرق في اشتغاله في ليله ونهاره، لا يستريح لحظة من كدّ أفعاله ومقاساة التعب في أعماله، وجمع ماله.
فجرّه ذلك إلى نسيان عاقبته ومآله، واستيلاء شغله بولده وعياله على فكره وباله- وما سعيه إلّا في وباله! وكم من عبد غرق في لجّة هواه، فجرّته مناه إلى تحمّل بلواه، وخسيس من أمر مطلوبه ومبتغاه.. ثم لا يصل قط إلى منتهاه، خسر دنياه وعقباه، وبقي عن مولاه! ومن أمثال هذا وذاك ما لا يحصى، وعلى عقل من فكّر واعتبر لا يخفى.
أمّا إذا حفظ عبدا في سفينة العناية أفرده- سبحانة- بالتحرّر من رقّ خسائس الأمور، وشغله بظاهره بالقيام بحقّه، وأكرمه في سرائره بفراغ القلب مع ربّه، ورقّاه إلى ما قال: «أنا جليس من ذكرنى».. وقل في علوّ شأن من هذه صفته.. ولا حرج! قوله جل ذكره:
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤).

(١) البدة النصيب والقسمة (اللسان). [.....]

صفحة رقم 218
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية