آيات من القرآن الكريم

إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

وسهولة لا مزاحم لهم سير السابح فى سطح الماء واخرج السيوطي فى كتاب الهيئة السنية خلق الله بحرا دون السماء جاريا فى سرعة السهم قائما فى الهواء بامر الله تعالى لا يقطر منه قطرة يجرى فيه الشمس والقمر والنجوم فذلك قوله تعالى (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والقمر يدور دوران العجلة فى لجة غمر ذلك البحر فاذا أحب الله ان يحدث الكسوف حرف الشمس عن العجلة فتقع فى غمر ذلك البحر ويبقى سائرا على العجلة النصف او الثلث او ما شاء الرب تعالى للحكمة الربانية واقتضاء الاستعداد الكونى قال المنجمون قوله تعالى (يَسْبَحُونَ) يدل على ان الشمس والقمر والكواكب السيارة احياء عقلاء لان الجمع بالواو والنون لا يطلق على غير العقلاء وقال الامام الرازي ان أرادوا القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لان كل شىء يسبح بحمده وان أرادوا شيأ آخر فذلك لم يثبت والاستعمال لا يدل عليه كما فى قوله تعالى فى حق الأصنام (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) وقوله (أَلا تَأْكُلُونَ) وقال الامام النسفي جمع يسبحون بالواو والنون لانه تعالى وصفها بصفات العقلاء كالسباحة والسبق والإدراك وان لم يكن لها اختيار فى افعالها بل مسخرة عليها يفعل بها ذلك تجبرا يقول الفقير هنا وجه آخر هو ان صيغة العقلاء باعتبار مبادى حركات الافلاك والنجوم فان مبادى حركاتها جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها ومتعلقة بها فى حركاتها ويقال لتلك الجواهر النفوس الفلكية على انه ليس عند اهل الله شىء خال عن الحياة فان سرّ الحياة سار فى جميع الأشياء ارضية كانت او سماوية لا سيما الشمس والقمر اللذان هما عينا هذا التعين الكونى

جمله ذرات زمين وآسمان مظهر سرّ حياتست اى جوان
كى تواند يافتن آنرا خرد هست او سرى خرد كى پى برد
نسأل الله تعالى حقيقة الإدراك والحفظ عن الزلق والهلاك وَآيَةٌ لَهُمْ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو خبر مقدم لقوله أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ [الحمل:
برداشتن] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى قال الراغب الذرية أصلها الصغار من الأولاد وان كان يقع على الصغار والكبار فى المتعارف ويستعمل فى الواحد والجمع وأصله الجمع انتهى ويطلق على النساء ايضا لا سيما مع الاختلاط مجازا على طريقة تسمية المحل باسم الحال لانهم مزارع الذرية كما فى حديث عمر رضى الله عنه حجوا بالذرية يعنى النساء وفى الحديث نهى عن قتل الزراري يعنى النساء والمعنى انا حملنا أولادهم الكبار الذين يبعثونهم الى تجاراتهم فِي الْفُلْكِ [در كشتى] وهو هاهنا مفرد بدليل وصفه بقوله الْمَشْحُونِ اى المملوء منهم ومن غيرهم والشحناء عداوة امتلأت منها النفوس كما فى المفردات او حملنا صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم: يعنى [برداشتيم فرزندان خرد وزنان ايشانرا كه آنان را قوت سفر نيست بر خشكى] وتخصيص الذرية بمعنى الضعفاء الذين يستصحبونهم فى سفر البحر مع ان تسخير البحر والفلك نعمة فى حق أنفسهم ايضا لما ان استقرارهم فى السفن أشق واستمساكهم فيها اعجب وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ

صفحة رقم 403

وبالفارسية [واگر خواهيم اهل كشتى را كه مراد ذريت مذكوره است غرقه سازيم ودر آب كشيم] فان الغرق الرسوب فى الماء فَلا صَرِيخَ لَهُمْ فعيل بمعنى مفعول اى مصرخ وهو المغيب بالفارسية [فريادرس] والصريخ ايضا صوت المستصرخ والمعنى فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ويدفعه عنهم قبل وقوعه: وبالفارسية [پس هيچ فريادرسى نيست مر ايشانرا كه از غرقه شدن نكاه دارد] قبل الوقوع وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ ينجون منه بعد وقوعه يقال أنقذه واستنقذه إذا خلصه من ورطة ومكروه إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة اى لا يغاثون ولا ينقذون لشىء من الأشياء الا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية الى الاغاثة والانقاذ: وتمتع بالفارسية [برخوردارى وانتفاع دادن] بالحياة مترتب عليهما الى زمان قدر لآجالهم وفى الآية رد على ما زعم الطبيعي من ان السفينة تحمل بمتقضى الطبيعة وان المجوف لا يرسب فقال تعالى فى رده ليس الأمر كذلك بل لو شاء الله تعالى إغراقهم لأغرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبيعة والا لماطر أعليها آفة ورسوب والاشارة الى ان المنعم عليه ينبغى ان لا يأمن فى حال النعمة عذاب الله تعالى فان كفار الأمم السالفة آمنوا من بطشه تعالى فاخذوا من حيث لا يشعرون فكيف يأمن اهل مكة واهل السفينة لكن لا يعرفون قدر النعمة الا بعد تحولها عنهم ولا قدر العافية الا بعد الابتلاء بمصيبة قال الشيخ سعدى [پادشاهى با غلام عجمى در كشتى نشسته بود غلام دريا را هركز نديده بود ومحنت كشتى نكشيده كريه وزارى در نهاد ولرزه بر اندامش افتاد چندانكه ملاطفت كردند آرام نكرفت ملك را عيش ازو منغص شد چاره ندانستند حكيمى در ان كشتى بود ملك را كفت اگر فرمان دهى من او را بطريقي خاموش كنم كفت غايت لطف باشد فرمود تا غلام را بدريا انداختند بارى چند غوطه بخورد مويش كرفتند وسوى كشتى آوردند بهر دو دست در سكان كشتى آويخت چون برآمد بگوشه بنشست وقرار كرفت ملك را عجب آمد و پرسيد درين چهـ حكمت بود كفت اى خداوند أول محنت غرق شدن نچشيده بود قدر سلامت كشتى نمى دانست همچنان قدر عافيت كسى داند كه بمصيبت كرفتار آيد

اى سير ترا نان جوين خوش ننمايد معشوق منست آنكه بنزديك تو زشتست
حوران بهشتى را دوزخ بود اعراف از دوزخيان پرس كه اعراف بهشتست
فلا بد من مقابلة النعمة بالشكر والعطاء بالطاعة والاجتهاد فى طريق التوحيد والمعرفة فان المقصود من الامهال هو تدارك الحال وفى التأويلات النجمية (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)
يشير الى حمله عباده فى سفينة الشريعة خواصهم فى بحر الحقيقة وعوامهم فى بحر الدنيا فان من نجا من تلاطم امواج الهوى فى بحر الدنيا انما نجا بحمله للعناية فى سفينة الشريعة وكذا من نجا من تلاطم امواج الشبهات فى بحر الحقيقة انما نجا بحمله لعواطف احسان ربه فى سفينة الشريعة بملاحية ارباب الطريقة (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) وهو جناح همة المشايخ الواصلين الكاملين (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) يعنى العوام فى بحر الدنيا والخواص فى بحر الحقيقة بكسر سفينة الشريعة فمن ركب من المتمنين بحر الحقيقة بلا سفينة الشريعة او كسروا

صفحة رقم 405
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية